لفظة زومبي ليست حديثة العهد على مسامعنا ، ونعلم جميعًا أو أغلبنا على الأقل أنها تعني الموتى الأحياء ، ولعل ارتباط تلك الكلمة بهذا التوصيف يعود سببه لاستخدامها في الأفلام السينمائية الهوليودية منذ عام 1968م ، ولكن الحقيقة أن هذه الكلمة ليست مجرد إشارة للموتى الأحياء ، وإنما تعود حقيقيتها إلى قائد أفريقي مسلم ، استطاع أن يقود ثورة حقيقية بالبرازيل ، لصالح الأفارقة العبيد ضد المستعمر البرتغالي.
البداية :
كان المستعمر البرتغالي يعمل على جلب الرقيق أو العبيد من مستعمراتهم بالقارة الأفريقية ، وكذلك المستعمرات الأوروبية الأخرى ويتم إحضارهم إلى موطنه إبان القرن السادس عشر ، حيث مثّلت أفريقيا المنبع الرئيس لتجارة العبيد ، الذين لغات أعدادهم الملايين بدول المستعمر الأوربي ، وفاقت أعدادهم النصف مليون في مستعمرة البرازيل التي كانت تحت سطوة المستعمر البرتغالي آنذاك ، واستطاع العبيد الأفارقة أن يعلّموا أسيادهم مهارات الزراعة والهندسة المعمارية وغيرها من المهارات العملية ، والتي كانت أداتهم للحرب ضد هذا المستعمر المستبد.
مستعمرة باهيا :
عقب تكدس هذا العدد الغفير من العبيد الأفارقة ، بدؤوا في تكوين مجتمعاتهم الخاصة بهم ، وبدؤوا يتجمعون عقب الهروب من خلال الأدغال والأحراش لتكوين مستعمراتهم الجديدة ، وكانت أول مستعمرة خاصة بالأفارقة هي مستعمرة باهيا ، وضمت كافة الأفارقة ذووا الأصول المالية (أي ينتمون إلى مالي) ، وتم تكوينها في عام 1579م ، وهذا الأمر بالطبع أرّق المستعمر البرتغال ، فقامت حروب شديدة ، انتصر فيها المستعمر نظرًا لتفوقه على الأفارقة ، بالعدة الثقيلة التي حصدت أرواحهم تباعًا حتى قضت عليهم .
مستعمرة بالماريس :
تكونت تلك المستعمرة بحلول عام 1605م ، وتأسست من عدد من المستوطنات التي كونّها الأفارقة ، حيث جلبهم المستعمر من أجل الرق والخدمة ، وقيل أنه قد بلغ عددهم حواليّ ثلاثون ألفًا من العبيد ، ولكن ما ميّز هذه المستعمرة هو أن مؤسسيها قد حققوا اكتفاءً ذاتيًا ، وكان من أشهر مؤسسي بالماريس هو الشاب جنجا زومبا ، والذي اختير فيما بعد ملكًا لمستعمرة بالماريس ، وتبعتها تسع مستوطنات أفريقية أخرى تحت قيادته ، وكان يحكمهم إخوته وأبنائه وابن اخته القائد الشجاع زومبي.
الحرب في بالماريس، يوهان موريتز 1825م :
ظهر جنجا زومبي بعد أن تم أسر العديد من الأفارقة واستعبادهم وتنصيرهم بالإجبار ، وفي عام 1775م ظهر بطلنا جنجنا زومبي ؛ والذي أخذ على عاتقه دعوة الأفارقة إلى العقيدة الإسلامية الصحيحة ، ويشجعهم على التخلص من العبودية والذل ، وعندما كثُر أتباعه أعلن قيام الدولة الإسلامية في البرازيل وجعل مركزها بالميراس .
معاهده الصُّلح وظهور القائد الشابّ «زومبي» :
بعد صراع دام طويلاً بين كل من القائد زومبا والبرتغاليين ، عرض الحاكم البرتغالي بيدرو ألميدا معاهدة للصلح بينهم وبين القائد زومبا ، والتي تقتضي بتحرير كافة العبيد الأفارقة ، بشرط أن تنضم بالماريس إلى المستعمرة البرتغالية ، وقد وافق زومبا على بنود هذه المعاهدة ولكن القائد الشاب زومبي لم يوافق عليها ، حيث رأى أنها مجحفة للأفارقة خارج مستعمرة بالماريس وغير مرضية لهم ، بالإضافة إلى تخوفه من الجانب البرتغالي ؛ فلا يأمن أن يحنثوا بوعدهم عقب أن يتم الاتفاق.
وبناءً على ما سبق ، رفض القائد الشاب زومبي تلك المعاهدة ، ولنقلب على خاله الملك زومبا ، ووفقًا لم تم طرحه من معلومات فقد تم تسميم الملك زومبا فيما بعد ، وآل الحكم للقائد زومبي ، والذي قاد أقوى المعارك ضد البرتغاليين بداية من عام 1678م ، وحتى سقطت بالماريس في يد المستعمرين البرتغاليين ، وسقط زومبي مصابًا في قدمه أثناء المعارك التي خاضها ، وتعقبه البرتغاليون عقب سقوط بالماريس ، واستطاعوا التوصل إلى مخبأه نتيجة لبعض الخونة من المسيحيين الذين انشقوا عن دولته المسلمة ، وبعد القبض عليه تم قتله والتمثيل بجثته وعرضوها بإحدى المدن الكبرى ، تخويفًا لأي قائد يفكر في الثورة على الأسياد البرتغاليين.
وفي اليوم الموافق 13 مايو احتفل الأفرو برازيليون بيوم التحرر من العبودية ، ولكنهم غيروا اليوم مرة أخرى ليوافق اليوم الذي تم إعدام القائد جنجا زومبي به وهو يوم 20 نوفمبر ، ليشهد على ما فعله البرتغاليون بالقائد المسلم ، الذي أصبح أيقونة للحركة السياسية للأفرو برازيليين ، ونال تمجيدًا تاريخيًا ما زال قائمًا حتى اليوم .
ويقول المحللون التاريخيون بأن العالم لا يمتلك أية وثائق لتلك الأحداث ، حيث قاوم الأفارقة المسلمون البرازيليون المستعمر الذي أراد تنصيرهم ، فقد فُقدت جميع الوثائق وكتب هذا التاريخ البرتغاليون أنفسهم من أجل أن يطمسوا الحقائق .