إذا أردنا الحديث عن مسألة كان يستحيل حلها ، فسوف يقول الجميع أنها مسألة تربيع الدائرة ، وعلى الرغم من ذلك فقد جرى التوصل إلى حل لهذه المسألة نحو نهاية القرن التاسع عشر الميلادي كما سنرى لاحقًا .
ما هو مضمون هذه المسألة ؟ ، المقصود هو إنشاء مربع باستخدام المسطرة والفرجار فقط ، وتكون مساحته مساوية لمساحة دائرة ما ، يصعب معرفة من تعرض لهذه المسألة إلا أن البداية تنسب دائمًا إلى الفيلسوف اليوناني أناكساجوراس الكلازموني .
ومنذ ذلك العصر أخذت هذه المسألة تجذب انتباه علماء الرياضيات المتخصصين ، كما اهتم بها المغرمين العديد من الهواة المغرمين بالرياضيات ، ربما يتعين الاستعانة بكتاب كامل لذكر كم الإسهامات الخاطئة وتلك التي مهدت الطريق لحل هذه المسألة ، سنذكر منها عدد من دون الدخول في تفاصيل تقنية .
كان من عمل على حل هذه المسألة لأول مرة مهتمًا بالأشكال الهندسية غير الدائرة ، وكان على علم بفشلها عند التطبيق على الدائرة ، ولم يكن وحده من عمل على حل المسألة ، فكان هناك علماء يونانيون آخرون على حل هذه المسألة أيضًا ، إلا أن أرسطو لم يعترف بجهودهم على أنها تستحق الإعجاب .
وأما أرشميدس فكان إسهامه في حل المسألة جاء في كتابه الذي كان يتحدث عن المنحنيات ، وبيَّن فيه أن مساحة الدائرة تكون مساوية لمساحة المثلث متساوي الأضلاع ، والذي يجب أن تتساوى أضلاعه على الترتيب مع نصف القطر والمحيط في الدائرة ، إلا أن هذا لإثبات لم يكن حلًا .
أما أبولونيوس بيرجا ، فقد استخدم بعض المنحنيات من أجل تربيع الدائرة إلا أننا لا نعرف أي نوع من المنحنيات كان المقصود بذلك ، وعلى الرغم من أن المنحنيات لم تكن قادرة على إثبات هذا التربيع ؛ فإن علماء الرياضيات اليونانيون ، كانوا على قناعة بأن المسألة يستحيل حلها .
وعندما نترك العالم القديم ونخرج من نطاق اليونان ، نجد أنه في الهند والصين أيضًا فكروا في حل لهذه المسألة وكانت لهم اسهامات بها ، وكذلك من المعروف أن العالم العربي كانت له إسهامات عظيمة في علم الرياضيات والتي كان منها تربيع الدائرة .
وفي عام 1050م نشر العالم فرانكو دي لييج ، بحثًا عن تربيع الدائرة وبالرغم من كون طريقته في حل المسألة طريقة خاطئة ، إلا أنها تعد أولى المحاولات الجادة في هذا المجال ، وترتكز هذه الطريقة على استخدام متوسط المضلعات المدرجة في الدائرة .
وساهمت نشأة علم التفاضل والتكامل في زيادة شغف وبحث العلماء في هذه المسألة ، حيث ساهم كل من جريجوار دي سان فانسان وجيمس جريجوري ويوهان هاينرش لامبرت في الدخول والبحث في المسألة .
وقال يوهان : أن عددًا من يفنون جزءً من حياتهم في هذه الأبحاث غير المجدية ، التي لا تأتي بثمار سوى الإضرار بثروتهم ، وفي أغلب الأحيان تشوه عقولهم ، قد دفعها لاتخاذ قرار رأت أنه مناسب لجعلهم يحيدون عن هذا العمل ، فقد خشيت إن استمرت في بحث حلولهم ، أن تتهم بتشجيعهم على الانشغال بهذه المسائل وأن تكون متورطة بطريقة أو بأخرى في المآسي التي سيتعرضون لها .
وفي عام 1873م نجح تشارليز إرميت ، في إثبات تسامي العددe أو أيلر ، الذي يعد قاعدة للُّوغاريتم الطبيعي ، ولهذا الغرض استخدم نوعًا من التعميم للكسور المستمرة ، كان هذا البرهان مثمرًا غير أن بعض نقاطه كانت غامضة ، لكنه كان يعلم أن تناوله للمسألة ربما يمكن تطبيقه على العدد “ط” ، وبالرغم من أن الجدل على هذه المسألة انتهى بمجهودات العالم الألماني كارل لويس ، إلا أن هناك بعض الأشخاص الذين لا يزالون يسعون لحل معضلة تربيع الدائرة .