لطالما سمعنا عن العديد من قصص الجاسوسية ، والتي تم تجنيد العديد من النساء بها ، فمنهن من عملت في مجال التمثيل ، وأخرى كانت راقصة ، وثالثة كانت تعمل بالملاهي الليلية ، وكن كلهن يتعاملن من منطلق الإغراء والإغواء للساسة ، حتى يصلن إلى مبتغاهن ، منهن من اكتشفت وهي على قيد الحياة ، ومنهن من قيل أنها كانت جاسوسة بعد وفاتها ، ولكن تبقى المرأة دائًما لغزًا محيرًا ، فهي لم تدع مجالاً إلا وطرقته وعملت به ، وآخر ميدان كنا نظن أن المرأة قد تقتحمه هو ، عالم الجاسوسية.

البداية  ..
ولدت مارجريتا لأسرة هولندية ، وثلاثة إخوة ، كانت مارتا هي الطفلة الوحيدة المدللة بالمنزل ، حيث كان والدها يعمل صانعًا للقبعات ، وكان عمله يدر عليه ربحًا قليلاً ، فاستثمر جزءً من أمواله بالنفط ، وكانت تربية مراتا المدللة هي ما أفسدها ، فقد نمى لديها الغررو والكبر ، وعندما بدأت في النضج ، كانت تتوقع دائمًا الاهتمام من كل الذكور الذين تتعامل معهم ، وهذا ما تسبب فيما حدث لها من كوارث فيما بعد .

لم يلبث والدها أن فقد ثروته ، ووقع الطلاق بينه وبين أمها نظرًا لتعدد المشاكل ، فترك المنزل ورحل ، وعقب فترة قصيرة توفت والدة مارتا ، فما كان منها إلا أن انتقلت للعيش مع جدها ، الذي كان قاسيًا متسلطًا بشكل بشع.

كانت مرتا تعلم بأنها عنصر جذاب جدًا للرجال ، واستغلت جمالها منذ الصغر ، ففي عمر السادسة عشر ، قامت مراتا بإغواء مدير مدرستها ، وأقامت علاقة غير شرعية معه ، وكان الأمر فضيحة كبرى ، انتهت بفصلها من المدرسة ، رغم إصرارها بأنه هو من استدرجها ، وهنا قام جدها بحبسها داخل المنزل ، ولكن عبثًا ، فطبيعة الفتاة كانت متمردة للغاية ، فقررت الهروب من منزل جدها والذهاب لأحد أعمامها ، وما لثبت مراتا أن شعرت بالقيود من الحياة في منازل أقاربها ، فقررت أن تجد مفرًا ، وهنا وجدته في إعلان زواج من ضابط بالجيش ، فاستجابت للإعلان وذهبت له ، فافتتن بجمالها وقررا الزواج عقب ثلاثة أشهر .

محطات في حياة مارتا ..
عقب فترة قصيرة من الزواج ، أدركت مارتا أن زوجها ، لم يخبرها بأنه مصاب بمرض الزهري ، ومدمن على الخمور ، وفي المقابل أدرك هو أنها مسرفة للغاية ، وبدأ يشك في إخلاصها ،
انتقل الزوجين إلى اندونيسيا ، حيث كان يعمل الزوج ، وهناك اكتشفت مارتا بأن له زوجة سابقة لم يخبرها بشأنها من قبل ، وأثار هذا الأمر حنقها ، وتزايدت المشاكل بينهما ، عندما رأى زوجها كيفية إغوائها للرجال ، واكتشف أنها كانت على علاقة بضباط آخرين من زملائه ، وكان يرد على هذه الأمور بضربها بقسوة ، وتفاقم الأمر عندما توفى ابنهما البكر ، متأثرًا بمرض الزهري الذي ورثه عن والده.

هولندا مرة أخرى ..
كانت مارتا قد تعلمت الرقص الشرقي خلال فترة مكوثها في إندونيسيا ، ثم عادت مع طليقها إلى هولندا مرة أخرى ، وهناك قرر الزوج ألا ترى مارتا ابنتها مرى أخرى ، وأعلن في جريدة محلية بأنه لن يتحمل وغير مسئول عن التعاملات المادية لزوجته .

وكان هذا القرار ضربة قاصمة لها ، فمارتا كانت مفلسة ، وهنا قررت الذهاب إلى لندن تاركة ابنتها التي لن تراها محددًا ، وعملت بالملاهي الليلة التي كانت تقضي فيها نزواتها ، وتسرف ببذخ إلى أن قامت الحرب العالمية الأولى ، فتوقف عملها وأفلست ولم تستطع مغادرة المكان سوى بعد أن جاد عليها أحد النبلاء بالمال.

من الرقص إلى الجاسوسية ..
أمضت مارتا عدة أشهر في هولندا ، وهنا تغير مجرى حياتها ، حيث ذهب لها القنصل الألماني ووضع أمامها المال في مقابل أن تعمل جاسوسة لجهاز المخابرات الألماني ، في مقابل إمدادهم بما يرد من معلومات ، من أصدقائها وزبائنها الفرنسيين ، وقبلت المهمة ولم تدرك عواقبها .

ألقي القبض على مارتا ، أثناء مرورها بانجلترا ، فقد نمت لديهم معلومات بتجنيدها من قبل الألمان ، ولكنهم لم يجدوا لديها شيئًا يدلل على ذلك ، فأطلقوا سراحها ، وقد حدث ما يحدث مع الجميع ، وقعت مارتا في غرام أحد الضباط الروس ، ولم تكن لتستطع رؤيته سوى بالعبور لأقصى الجبهة الفرنسية حيث يعمل ، وكان هذا الأمر يتطلب إذنًا خاصًا ، فقاموا بتجنيدها لحساب الاستخبارات الفرنسية ووافقت مارتا على الفور ، دون التفكير في العواقب مرة أخرى .

وبعد عودتها طالبها الفرنسيون بمعلومات من الجانب الألماني ، وكان من المفترض أن تذهب إلى برلين عبر أسبانيا ، ولكنها استقرت بأسبانيا نظرًا لظروف الحرب ، فلم تستطع المغادرة ، وهناك أقامت علاقة مع الملحق العسكري الألماني ، وحصلت منه على معلومات مهمة بشأن تحركاتهم ، وأرسلتها لفرنسا .

وبعد عودتها إلى باريس ، اعترض الفرنسيون شفرة ، تتضمن معلومات عن عميل يحمل رقم مميز ، وكان الفرنسيون يعلمون بأنه رقم مارتا ، فتم القبض عليها ، واتهامها بالتجسس وحكم عليها بالإعدام رميًا بالرصاص ، ولم يستطيع أحد أن يغير هذا الحكم الذي تم تنفيذه عام 1917م.

By Lars