يروى أنه في ظهر الرابع من ابريل عام 1960م ، في مدينة باستوكهولم ، اقترب رجل كبير السن ، ضخم الجسم من البائع الذي يقف في قسم أجهزة التسجيل ، في إحدى أكبر المحلات الكهربائية هناك ، وطلب منه مقابلة صاحب المحل .
جهاز التسجيل:
كان فريدريك يورجنسون البالغ من العمر ستين عاماً ، تردد لعدة أسابيع لكي يقوم بتلك الزيارة ، فقد كان رسامًا مصوراً ويتمتع ببعض الشهرة في مدينته ، وكان يستعد لإقامة معرض للوحاته الفنية في نهاية الأسبوع التالي ، وكان قلقه أن يوصم بالخلل العقلي إذا ما صرح عن ما يحيره بخصوص جهاز التسجيل .
صاحب المحل:
أتى صاحب المحل وسأله عن شكواه من الجهاز ، ونوع الخلل ، فأجابه فريدريك أن الجهاز يعمل بكفاءة ودقة عالية ، ومع ذلك طلب منه مراجعه كاملة لكل أجزاء الجهاز ، وكل قطعة وكل سلك وكل توصيلة كهربائية ، كما أنه مستعد لدفع كل تكاليف ذلك الفحص .
وفي نهاية اللقاء ، قال فريدريك لصاحب المحل : سأحضر الأسبوع القادم ، لأرى ما إذا كنتم اكتشفتم في الجهاز شيء غير عادي ، فقد تنظر إليّ على أنني شخص مختل عقليًا ، إذا أفصحت لك عن سر هذا الفحص الذي أطلبه .
فحص الجهاز:
قام صاحب المحل بفحص الجهاز ولم يجد به عيبًا واحداً ، وعندما قام بإبلاغ الفنان فريدريك ، بهذا كشف له عن سر طلب الفحص الغريب ، وفي خلال ساعات ، ظهرت القصة بكل تفاصيلها ، على صفحات الجرائد ، فلقد اتضح أن هذا الجهاز ، بإمكانه التقاط أصوات الموتى وتسجيلها !!.
اتهام بالخداع :
اتهم البعض الفنان فريدريك بالخداع ، وأنه عبث بالجهاز ليصل لتلك التسجيلات ، وقال البعض أنه عبث بأشرطة التسجيل وأضاف إليها أصواتاً ، وكتبت إحدى الصحف تقول : إذا كان فريدريك يورجنسون قد اختلق تلك القصة كنوع من أنواع الدعايا لمعرضه ، فكان من الواجب عليه استخدام وسيلة أخرى أكثر أصالة ، لم يدافع الفنان فريدريك عن نفسه ، وظل صامتاً مع شعوره بالضيق والاهانة ، ولكنه قام باستضافة بعض من المهندسين ، والعلماء ورجال البحث الروحي ، لامتحان الجهاز وسماع الأصوات .
اكتشاف الظاهرة:
في بداية ربيع عام 1960م ، اكتشف الفنان فريدريك أن الجهاز يعمل كوسيط روحي ، بين عالمنا والعالم الآخر ، وكان قد اشترى الجهاز في الأساس ، لكي يسجل عليه خواطره الخاصة وأفكاره عن الرسومات واللوحات ، التي ينوي رسمها ، كلما طرأت على عقله .
فقد وضع فريدريك الجهاز في حالة استعداد ، في ركن من أركان مرسمه ، الكائن في إحدى أطراف المدينة ، وقد انهمك في رسم لوحة فنية ، ليضمها إلى معرضه القادم ، وفي مساء يوم الجمعه خطرت له بعض الأفكار حول لوحة بورتريه ، ينوي رسمها فأدار الجهاز وبدأ يسجل الأفكار حتى لا ينساها .
وكانت دهشته كبيره عندما ، أعاد تشغيل الشريط المسجل ، فقد استمع إلى أصوات مختلطة بصوته ، فظن أن الشريط الذي في الجهاز ليس جيداً ، فاختار شريط جديد لم يستعمل من قبل ، وعاد يسجل خواطره وملاحظاته ، ومره ثانيه ظهرت الأصوات المشوشة ، ولكنه استطاع هذه المرة أن يميز الأصوات التي اختلطت بصوته !!
المفاجأة:
كانت الأصوات عبارة عن أغنية متكررة تقول إننا أحياء .. إننا لم نمت ، لن يصدق فريدريك أذنيه ، فأعاد الشريط من البداية وسمع من جديد الأصوات المنشدة ، وفي الأيام التالية ومع تكرار الأصوات المتطفلة ، حمل الجهاز وذهب به إلى محل الأدوات الكهربائية .
البحث العلمي للظاهرة:
عندما شاع خبر تلك الظاهرة ، تدفق الباحثين والمختصين ، لمرسم فريدريك وقاموا بمسح شامل للمرسم ، بحثاً عن وجود أي أجهزة خفيه تكون مصدر لتلك الأصوات ، وقاموا بفحص كافة الأسلاك والشرائط ، ثم راقبوا عملية التسجيل ، فلم يكشفوا أى نوع من أنواع الخلل أو الخداع .
هتلر :
وفي يوم من أيام شهر أغسطس عام 1960م ، وبحضور عشرة من الشهود ، سجل الشريط أصواتًا حادة وعنيفة بلغة أجنبية ، وفجأة صاح أحد الألمان الذي كان يجلس إلى الجهاز قائلًا : هذا هتلر ، وبالفعل جرت مضاهاة هذا الصوت ، بصوت هتلر ، في مكتب إحدى محطات الإذاعة ، فجاء الصوت مطابقًا مطابقة كاملة .
كان التسجيل في شريط فريدريك ، يحتوي على صوت هتلر وكان متوجها إلى أحد معسكرات الاعتقال ، وكان هتلر يقوم بالاعتذار عن الفظائع التي ارتكبت في الحرب العالمية الثانية .
تسجيلات من العالم الآخر:
بعد هذا الحدث ، قلت السخرية من الفنان فريدريك يورجنسون ، بل أصبح مرسمه وجهة لمراسلون ، لجمع الأحداث عن هذه الظاهرة الغريبة ، ونادراً ما كان يخيب أملهم ، واستطاع الفنان فريدريك يورجنسون على مدى السنين ، أن يسجل 80 شريطاً ، لعدد متميز من الأشخاص بلغ 140 صوتاً .
كان من بين تلك الأصوات ، صوت السياسي الألماني بسمارك ، ونابليون ، ولويد جورج ، والقاتل الأمريكي الشهير كاريل تشيسمان ، وكانت أحدث التسجيلات ، تسجيل لعشيقة هتلر ، التي تحدثت عن زواجها ، وعن ساعاتها الأخيرة معه .
ظاهره خارقه للطبيعة:
لم يستطع الفنان فريدريك يورجنسون ، أن يقدم تفسيرًا لتلك الظاهرة ، أكثر من أنه قد وقع الاختيار على جهازه ، ليكون وسيطاً بين عالمنا هذا والعالم الآخر ، وهكذا بقي الفنان في مرسمه ، يرسم قليلًا ، ويسجل في أغلب الأوقات ، المزيد من الأصوات الآتية من العالم الآخر .