تعد قصة القزم الإفريقي أوتا بينغا واحدة من أبشع القصص التي عرفها العالم في العبودية والعنصرية ضد السود ، حيث تم أسره وبيعه بعد مقتل قبيلته في مذبحة الأقزام ؛ ليعرض في حديقة حيوانات برونكس ، بالولايات المتحدة الأمريكية مع القردة والشمبانزي ، للترفيه عن الشعب الأمريكي ، ولاعتقادهم أنه الحلقة المفقودة في نظرية دارون التي تشير أن الإنسان تطور من قرد إلى بشري.

من هو اوتا بينغا :
هو أحد أفراد قبيلة مابوتي ، إحدى قبائل الأقزام التي تعيش في الغابات الاستوائية الإفريقية ، بالقرب من نهر كاساي في الكونغو البلجيكية ، والتي تمت إبادتها على يد قوات الملك ليوبالد الثاني ؛ لأنهم رفضوا أن يستعبدوا في مزارع البلجيكيين ، واستطاع بينغا النجاة بحياته ، ولكنه خسر زوجته وأطفاله ، وبعدها قام بعض تجار الرقيق الأفارقة بأسره .

ولحظه السيئ تم بيعه للمستكشف الأمريكي صمويل فيلبس فيرنر ، الذي سافر إلى أفريقيا لشراء مجموعه من الأقزام يستعين بهم في مشروعه مع الطبيب المتخصص في علم الأعراق ويليام جون مكغي ؛ حيث كانا يخططان لشراء بعض الأقزام وعرضهم في معرض للتطور البشري حسب نظرية دارون ، فقد كانت هذه الأفكار رائجة في بدايات القرن العشرين .

رحلة المكتشف الأمريكي لشراء الأقزام :
كان بينغا واحدًا من الأقزام الذين عاد بهم صامويل عام 1904م ، إلى سانت لويس بولاية ميسوري حيث مكان إقامة المعرض ، وقد خطف بينغا أنظار الزوار بسبب شكله المميز ، وخاصة أسنانه المدببة ، فقد اعتاد أفراد بعض القبائل الإفريقية على شحذ وتحديد أسنانهم كأسنان الحيوانات ، حتى يستطيعوا الحياة في الغابة ، ومجاراة الحيوانات .

بينغا أسير في حديقة الحيوانات :
وبعد عامين من إقامة المعرض تم نقل بينغا إلى حديقة حيوانات برونكس بنيويورك ، وتم عرضه مع بعض القردة ، تحت مسمى أصل الإنسان القديم ، وكانوا يعاملوه في الحديقة كباقي الحيوانات ، فلم يعتبروه يومًا إنسانًا يشعر ويتألم ويرغب في البكاء ، وله من الحقوق ما لهم .

تسببت هذه المعاملة غير الإنسانية بغضب مجتمع الأمريكان الأفارقة ؛ حيث احتج بعض رجال الدين الأفارقة على معاملة بينغا ، بهذه الطريقة المهينة حتى أن القس جيمس جوردون ، قال أنه عرقنا عانى من العنصرية بما فيه الكفاية ، ونحن جديرون أن نعامل كبشر ، وبعدها توالت الاحتجاجات على مدير الحديقة فأطلق بينغا يمشي بين الأقفاص في الحديقة ، ولكنه تعرض لمضايقات كثيرة من الزوار ؛ فأصبح يهاجم كل من يعتدي عليه.

احتجاجات الزنوج الأمريكان تنقذ بينغا :
ومع انتشار القصة وقيام الصحف بالنشر ، وانتشار الاحتجاجات أطلق سراح بينغا ، وتم وضعه في دار للأيتام ، تحت رعاية القس جوردون الذي نقله إلى ولاية فيرجينيا ، وألحقه بالمدرسة ليتعلم لغة المجتمع الذي يعيش فيه ، وعدل من شكل أسنانه حتى لا يكون مسارا للسخرية بينهم .

فأتقن بينغا الإنجليزية ، والتحق بعدها للعمل في أحد مصانع التبغ ، وكان عاملًا مميزًا خفيف الحركة أحبه زملاءه ، وكان كثيرًا ما يجلس لسرد قصة حياته مقابل بعض السندوتشات أو كوبا من البيرة ، لكن ورغم التحسن الكبير في حياة بينغا إلا أنه لم يستطع الاندماج مع المجتمع الأمريكي ، فكثيرًا ما كان يشعر بالحنين لموطنه وأسرته التي فقدتها.

انتحار بينغا :
فبدأ يخطط للعودة إلى أفريقيا حيث نشأ ، ولكن حال اندلاع الحرب العالمية الأولى عام 1914م دون حلمه ، فأصيب بخيبة أمل واكتئاب شديدين ، وفي عام 1916م قام بينغا بوضع حد لقصته البائسة ، وأنهى سطورها المعذبة ؛ بأن أطلق النار على نفسه ، ودفن بعدها في مقبرة السود بالمدينة ، ليصبح القزم الأشهر بؤسًا في العالم ، عاش معذب ، ومات منتحر.

By Lars