لقد من الله على هذه الأرض الطاهرة بوافر النخيل ، الذي كان ومازال مصدرا للغذاء ، ووجود المادة الخام ، الأمر الذي ساعد على وجود الحرف اليدوية ، وتنوع الصناعات التقليدية بها ، فقد اشتهرت الإحساء بتنوع الحرف التي لا نظير لها في منطقةٍ أخرى من مناطق المملكة مثل الحدادة والصفارة وصناعة النسيج والفخار ، وأيضا صناعة المشالح والحصير والقفاصة والخوصيات والطبول والدفوف .
بالإضافة إلى حرف الحياكة والتجليد والنجارة وفتل الحبال وصياغة الذهب ، وأعمال الخرازة والعطارة والخبازة ، وصنع الليف والعباءات ، والملابس بكافة أشكالها وأنواعها ، كل هذا بجانب المأكولات الشعبية ، والتي اشتهرت بها الإحساء ، وكل هذه الصناعات هي مصدر رزق أهله وذويهم ، فيها من المهارة والجمال ما ليس بغيرها فمن منا لم يسمع عن عظمة الفن المنبثق من مدينة الإحساء !
نبذة عن المحافظة :
الإحساء هي أكبر محافظات المملكة مساحة ، فهي تبلغ ربعها تقريبًا ، وهي عبارة عن واحة كبيرة للنخيل العربي ، ويطلق عليها البعض لقب بحر النخيل ؛ وذلك لأنها تضم على أراضيها مساحات هائلة من النخيل ، يزيد عددها عن ثلاث ملايين نخلة ، وتنتج أكثر من 100 ألف طن من التمور سنويًا ، وهي بهذا تنتج عشرة في المائة من إنتاج المملكة الكلي للتمور .
وقد ورد على لسان الرحالة اليوناني اسطرابون ، أن الإحساء كانت من المراكز التجارية الهامة ، وأحد الأسواق النشطة في بلاد العرب ، وكانت ملتقى للطرق بين القوافل الواردة من جنوب الجزيرة العربية ، والشام والحجاز والعراق والهند وأن سكانها كانوا من أغنى شعوب الجزيرة .
حرف الإحساء :
تكمن أهمية الحرف التقليدية من كونها تؤدي وظيفةً اجتماعيةً مطلوبة في المجتمع ، وليست فقط عملاً فنياً بحتًا ، ولكن ما يتميز به ابن الإحساء عن غيره ، أنه استطاع أن يجمع بين هذين الشقين ، فطبيعة الإحساء المنعزلة وقربها من شريط البحر ، أثرت على النقوش التي نقشها على حرفه ، وعلى روح التعاون الذي جمعت بين أبناء الإحساء ، ومن أهم الحرف التي برع بها الإحسائيون هذه الحرف :-
صناعة النسيج :
اشتهر الإحسائيون بصناعة المشالح منذ القدم ، وتتركز هذه الصناعة في مدينتي الهفوف والمبرز ، وتقوم بها مجموعة من الأسر المعروفة ، والتي تمتهن صناعة الأقمشة من خيوط الغزل المأخوذ من صوف الغنم أو وبر الإبل .
وقد تضخمت هذه الصناعة مع مرور الزمن ، وأصبحت تدر أموالًا طائلة ، ويعتبر المشلح الإحسائي هو أرقى أنواع المشالح في العالم ، وقد كان لهذه المحافظة شرف كسوة الكعبة عام 1343 هجريا بأمر من الملك عبد العزيز آل سعود رحمه الله .
صناعة الفخار :
تعتبر منطقتي الإحساء والقطيف هما مراكز صناعة الفخار بالمملكة ؛ حيث استلزمت طبيعة الحياة الصحراوية قيام هذه الصناعة بالاعتماد على الطين المحلي حيث يعالجون الطين بعد بله بالماء ، وتخميره لمدة محددة ، ثم يوضع على جهاز يدار يدويًا لتشكيله ، ثم وضعه داخل أفران لإعطائه صلابة ومتانة ، ومن الصناعات الفخارية صناعة الجرار والأواني ، والمباخر والكؤوس وبرادات المياه الفخارية .
صناعة الصياغة :
وهي من أشهر حرف الإحساء ، ولها سوق كبير يقوم عليها ، حيث يقوم من يمتهنون تلك المهنة بعمل العديد من الأشكال الهندسية البديعة من الذهب والفضة ، وتزينها بالأحجار الكريمة التي ترغب في لبسها المرأة .
وقد اقتصرت هذه الصناعة على بعض العائلات التي تفردت بها أمثال عائلة البقشي ، والمهناء ، والبوجبارة ، ومن هذه الصناعات الخواتم ، والقلائد ، والنكلس والمحزم ، وغيرهم.
صناعة النجارة :
من البديهي في واحة كواحة الإحساء التي تعج بالنخيل ، أن يكون للخشب دور رائد في الصناعات الحرفية ، فالنجارة كانت ومازالت مهنة الإحساء الأولى ، من صناعة الأبواب الخشبية والشبابيك ، والمقاعد ، وغيرها من كل منتجات الأخشاب ، وتمتلئ الإحساء بأمهر الصناع الذين توارثوا هذه المهنة عن أبائهم ، فأبدعوا في النقش والتصميم .
وتمتلئ الإحساء بالعديد والعديد من الحرف اليدوية التي لم تندثر ، رغم انتشار الصناعات الحديثة ، وإقامة المصانع المتقدمة ، فالحرفة اليدوية لها نكهة خاصة لا يعرفها سوى نحو أبناء المملكة .