منذ زمن بعيد كان هناك قصر جميل ، في وسط مدينة بغداد ، وكان القصر الجميل محاط ببساتين خلابة ، وكانت الموسيقى تنبعث من أرجاء القصر ، مما تخلق جو مهدئ للأعصاب ، لقد كان القصر جذاباً للغاية ، حيث أن كل من رأى القصر ، أو مر من أمامه لا يمكن أن يمتنع عن الثناء لجماله ، حيث أنه لم يكن هناك مبنى آخر ، يعادله في الجمال والبهجة في بغداد.

الرجل الفقير يدخل القصر :
في يوم من الأيام مر رجل فقير أمام القصر ، وكان مندهشاً لرؤية جمال القصر ، وقال في نفسه : القصر جميل جداً من الخارج ، يجب أن يكون أكثر جاذبية من الداخل ، ولكن كيف يمكنني أن أرى ما بداخل القصر ؟ ، خاصة وقد كان الرجل الفقير ، يرتدي ملابس ممزقة فسيلاحظ الجميع ، أنه لا ينتمي لهذا القصر وبالتالي كان يتردد في الدخول.

وبينما الرجل الفقير ، يفكر في طريقة للدخول بها إلى القصر الجميل ، لاحظ أن بعض الناس يسيرون نحو القصر ، ويدخلونه ، ففكر في داخله وقال : لماذا لا أستطيع الذهاب ، إلى الداخل مع هؤلاء الناس؟

قرر الرجل الفقير أن يدخل في وسط الحشد ، حتى لا يلاحظه أحد لذلك ركض ، للانضمام إلى الحشد ، وعند بوابة القصر رأى المالك يرحب بالضيوف ، ويسألهم : آمل ألا يكون هناك أي مصاعب ، واجهتكم في الوصول إلى القصر ؟ ، وشكرهم جميعاً على تعاونهم في أعماله ، وأعرب عن امتنانه لهم ، بعد ذلك أخذهم إلى قاعة المحاضرات ، وناقش معهم قضايا مختلفة تتعلق بالأعمال .

وكان الرجل الفقير لم يذهب أمام المالك ، بل اختبأ خلف عمود وكان يسمع حديث مالك القصر ، مع الضيوف حتى عرف أن المالك من الأثرياء.

سرقة الطبق الذهبي من القصر :
بعد مرور بعض من الوقت ، ذهب الرجل الفقير لرؤية الجزء الداخلي من القصر ، ورأى الرجل الفقير فخامة هذا القصر ، وروعته من الداخل حتى وجد أن الكلاب ، تتناول طعامها من اللحوم الطازجة  ، في آنية من الذهب.

جلس الرجل الفقير بالقرب من أحد الكلاب ، ولاحظ عندما تم تقديم اللحوم الطازجة إلى الكلب ، فإنه لم يلمسه بل كان ينظر إلى الرجل الفقير ، كما لو كان يدعوه لتناول الطعام  فأكل الرجل الفقير ، اللحم الطازج وفكر في داخله أن يأخذ الطبق الذهبي خلسة ، ويرحل من القصر .

بل وأن يبيع الطبق الذهبي ويصبح من الأغنياء ، لكنه خاف من الكلب الذي قد يعضه ، إذا التقط الطبق الذهبي من أمامه ، فتطلع الرجل الفقير إلى عيون الكلب ، ووجد فقط اللطف والتعاطف معه ، فقام بالتقاط الطبق الذهبي من أمام الكلب ورحل .

الرجل الفقير يرحل خارج بغداد :
خرج الرجل الفقير مسرعاً بعيداً عن القصر ، وقرر أن يعيش في بلدة صغيرة أخرى بعيداً ،  عن بغداد حتى لا يكشف أحداً آمره ، لذلك استقر في مدينة أخرى ، وبدأ يؤسس عملاً خاصاً به ، بعد أن باع الطبق الذهبي وحصل على الكثير من المال ، وسرعان ما أصبح هذا الرجل الفقير من رجال الأعمال الأغنياء .

الرجل الفقير يفكر في رد الدين :
في يوم من الأيام تذكر الرجل الفقير الطبق الذهبي ، الذي سرقه من القصر ، وفكر أن يعيد هذا الدين ، مقابل بعض الهدايا نفيسة الثمن إلى صاحب القصر ، لذلك حمل الكثير من الأشياء القيمة على الإبل ، وذهب نحو بغداد .

وعند وصوله إلى هناك ، ذهب مباشرة إلى صاحب المبنى الرائع ، لكنه فوجئ لرؤية أطلال بدلاً من هذا القصر الجميل ، أجرى الرجل بحثاً شاملاً عن صاحب المنزل ، وبعد وقت ما ، رأى رجلاً عجوزاً كان يأخذ جولة حول أطلال المنزل ، وسرعان ما ذهب إليه .

وقال : كان هناك قصر جميل ، هل يمكن أن تخبرني شيئاً عن المبنى وصاحبه ؟ قال الرجل العجو ز: نعم ، أنت على حق ، ولكن هذا المبنى الجميل تحول الآن إلى أنقاض وطلال ، فلا أحد يعرف أي أين سيأخذك القدر غدا ً ، فقال الرجل : أريد أن ألتقي بمالك المبنى ، وعلي أن أسدد ديونه هل تعرفه ومكان وجوده ؟

أجاب الرجل العجوز : أنا مالك المبنى ، لكنني غير قادر على تذكر ما إذا كنت قد قدمت قرضاً لأحد ، ما هي الديون التي تتحدث عنها ؟ ، في ذلك الوقت روي الرجل كل ما حدث معه منذ سنوات قليلة ، عندما سرق الطبق الذهبي ، وكيف بدأ أعماله وكسب الكثير من المال ، وأنه جلب بعض الهدايا ليقدمها له .

ولكن الرجل العجوز رفض قبول الهدايا ، على أساس أنه الكلب الذي أظهر الرحمة ، للرجل لذلك لا يمكن قبول الهدايا ، فتعجب الرجل من الحجج الغريبة ، حيث أن الكلب ملكاً للعجوز ، والطبق الذهبي ملكاً له أيضاً .

شعر رجل الأعمال بالأسف ، على حالة الرجل العجوز ، الذي كان غنيًا جداً يوماً ما ، وعلم أن القدر يقرع مرة واحدة فقط ، فلو كان الطبق الذهبي ما زال عنده كان يستطيع أن يصبح غنياً مرة أخرى ، ولكن هكذا يكون حال الدنيا ، لا يعلم الفرد ما سيحدث له غدًا ، والغني قد يصبح فقيراً والفقير يصير غنياً .

مترجمة عن قصة : Distiny Knock

By Lars