دعونا نتفق أولاً بأن هذه القصة ، تمثّل إحدى التجارب الحقيقية ؛ تلك التجارب التي أجريت على بعض البشر دون إدراك كافٍ لتبعيات تلك التجارب ، في عام 1940م ، اكتشف عدد من العلماء تأثير جديد ، وحديث لما يُعرف بغاز الأعصاب ؛ ألا وهو قدرة هذا الغاز ، على إيقاظ الشخص تمامًا ، ومحو رغبته إلى الأبد للنوم ! كيف هذا ؟

كيف تمت التجربة ؟
قرر عدد من الأطباء تنفيذ التجربة ، لخمسة أشخاص من السجناء ، ممن حٌكم عليهم بالإعدام في جرائم مختلفة ، وإخضاعهم للتجربة مثل الفئران لهذا الغاز ، وأجريت التجربة كما يلي ؛ وضعوا عددًا من السجناء داخل حجرة زجاجية ، وتم تزويدها بكافة احتياجاتهم ، من مأكل ، ومشرب ، ومكان صغير لقضاء الحاجة ، بالإضافة لفتحتا دقيقة لإمدادهم بالأكسجين المطلوب ، والغاز أيضًا .

وتقرر إطلاق الغاز من نفس فتحات إطلاق الأكسجين ، وفي المقابل ؛ إذا لم ينم هؤلاء المسجونين لمدة شهر من وقت تنفيذ التجربة عليهم ، سوف يتم إطلاق سراحهم ، وبالفعل ، تم توصيل كل شيء للحجرة الزجاجية ، مع بعض الأدوات المساعدة للتواصل معهم ، ثم بدأت التجربة ..

مرت الأيام الخمس الأولى بهدوء تام ، وفي اليوم السادس بدأت الأحداث الحقيقة في الظهور ؛ حيث أصيب الأشخاص الخمسة ببعض المراض النفسية ، أولها البارانويا ؛ وأصبح كل منهم متشككًا في الآخر بأنه خائن للمجموعة حتى يتم إطلاق سراحه أولاً ، كل هذا في ظل انقطاع المجموعة التام عن التواصل سويًا بالحديث المباشر !

وعقب مرور ثمانية أيام ، بدأ المسجون الأول في الصراخ الهستيري ، وكان من شدته أن تسبب في تدمير أحباله الصوتية كاملة ، ورغم ذلك أكمل الصراخ بدون صوت ، وأصيب بعدد من نوبات الصرع المتكررة ، وكان الجانب الأغرب على الإطلاق هو عدم انتباه من حوله من المسجونين ، وكأنهم لا يرونه من الأساس !

في اليوم التاسع ، انطلق مسجون آخر في حالة هيستيرية من الصراخ ، والعويل لفترة طويلة ، والثلاثة مساجين الباقون بدؤا في تقطيع عدد من الكتب الموجودة داخل القفص الزجاجي ، ثم لطخوها بفضلاتهم ، ومسحوا بها زجاج الحجرة كاملة ، ومن المثير ؛ أن أصوات الصراخ قد توقفت تمامًا ، بمجرد أن غطت الفضلات كافة جوانب الزجاج وأصبحت الغرفة غير مرئية من الخارج .

بحلول اليوم الثاني عشر ، اتجه الأطباء لقياس نسبة استهلاك المسجونين للأكسجين ، فاثنيّ عشر يومًا من الصمت هي فترة كافية ، حتى يعتقد الأطباء أن من بالغرفة قد ماتوا ، ولكنهم اكتشفوا بأن معدلات استهلاك الأكسجين قد تزايدت للضعف ، فتحير الأطباء من عدم انتقال صوت أنفاسهم للميكروفونات المزروعة داخل الغرفة .

مع تلك المعدلات الجديدة من استهلاك الأكسجين ! أعلن الأطباء أنهم بصدد فتح الغرفة لرؤية المسجونين ، وكان من المثير للدهشة أنهم قد سمعوا ردًا من الداخل يقول ، لا نريد التحرر .

توابع التجربة ..
عقب مرور خمسة عشر يومًا ، منذ بدء التجربة ، قرر الأطباء قطع الغاز عن الغرفة الزجاجية ، ولكنهم فوجئوا بطلب المسجونين إعادة إمدادهم بالغاز مرة أخرى ، تم إرسال عدد من الجنود لفتح الغرفة وكانت المفاجأة ، أحد المسجونين كان عبارة عن قطع صغيرة وأشلاء متعفنة ، ملقاة إلى جوار الحائط ، والأربعة مسجونين الآخرين كانت جلودهم متآكلة .

ولا يغطي أطرافهم سوى قطع جلدية صغيرة ، ولم يلمسوا طعامهم طوال الخمسة عشر يومًا ، هل توقف الأمر عند هذا الحد ؟  لا ، فقد اكتشف الأطباء أن هؤلاء المسجونين ، كانوا قد تغذوا على جلودهم وأعضائهم طوال فترة ضخ الغاز ، إلى الحد الذي أفقدهم جميعًا أعضاء حيوية من أجسادهم لدرجة مثيرة جدًا للدهشة ، فكيف عاش هؤلاء بدون تلك الأعضاء ؟!

كانت الدماء والفضلات ، تغطي كافة أنحاء الغرفة الزجاجية ، ولقى ثلاثة أشخاص من الأربعة مسجونين مصرعهم أثناء الفحص الطبي ؛ أحدهم نزف حتى الموت ، أثناء مروره بحالة هستيرية من الصراخ المتواصل عند انفجار أمعائه ، وآخر توفى أثناء محاولتهم إخراجه من الغرفة الزجاجية إلى المعمل من أجل الفحص .

وذلك عقب مهاجمته للأطباء والجنود محاولاً قضم أعناقهم ، ثم أصابته حالة هستيرية توفى عقبها ، والأخير ؛ أصيب بحالة هستيرية من الصراخ المتواصل وبمجرد أن نجح الأطباء في تخديره من أجل الفحص ، لقى مصرعه عقب التخدير بأزمة قلبية مفاجئة .

أما من بقي على قيد الحياة من الخمسة مسجونين ، تم فحصه دون تخدير ، وكان مبتسمًا طوال فترة الفحص ، وعند كل جرح لجسمه ، وعند فحص الأطباء للمخ ؛ وجدوا أن المخ لديه في حالة ، بين النشاط الهستيري الحاد ، والتوقف المفاجئ ، وعندما تحدث كان كل ما قاله هو ؛ لابد أن أظل مستيقظًا  ، ثم توفى عقب تلك الجملة بدقائق .

تلك التجربة الغريبة ، تم إجراؤها في دولة روسيا تحديدًا ، ولم يتم الكشف عن تلك التفاصيل بها سوى عقب مرور سنوات ، وقام مؤلفو الدراما بصناعة كتب وأساطير وقصص إذاعية من خلالها .

ولكن السؤال الأخير المطروح هنا ، هل كانت تلك القصة حقيقية بالفعل ؟ ، أم أنها مجرد خيال منذ البداية ؟ ، ولكن الحقيقة الوحيدة هنا ، هو أن أسوأ التجارب على البشر قد وقعت فعليًا ، وبعضها قد وصل إلينا ، والبعض الآخر تم طمسه جيدًا حتى لا يعلم به أحد .

By Lars