يعد إيرل نيلسون أول قاتل متسلسل مغتصب مسلح ، في التاريخ الأمريكي ، في القرن العشرين ، وحظت جرائمه على اهتمام إعلامي واسع النطاق في الصحف ، والمجلات الوطنية في ذلك الوقت ، في جميع أنحاء الولايات المتحدة وكندا واستراليا .
وظلت جرائم نيلسون غير مؤكدة ، طيلة عشرين عامًا ، حتى اكتشاف جرائم دين كورل في عام 1973م ، اشتهر نيلسون في وسائل الإعلام الأميركي ، بالخنّاق المظلم ، وغوريللا مان ، نظرًا لطبيعة جرائمه. وتلك هي قصته .
نشأته وحياته :
ولد نيلسون وترعرع ، في سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا ، وكان يعيش برفقة جدته عقب أن تخلى عنه والده ، كانت جدته من السيدات الملتزمات بالحضور للكنيسة ، ومتابعة الدروس الدينية ، إلا أن نيلسون كان يبدي سلوكًا متطرفًا بعض الشيء ، منذ أن كان طفلاً ، خاصة بعد تعرضه لحادث سير وهو بعمر العاشرة ، وإصابته بالرأس جراء هذا الحادث .
بدأ نيسلون في ارتكاب العديد من الجرائم الصغيرة ، وهو في فترة المراهقة ، ليتم إيداعه بعدد من المؤسسات الإصلاحية ، خلال تلك المرحلة المبكرة من حياته ، لفترة طويلة من الوقت .
جرائمه :
بدأ نيلسون جرائمه في أوائل عام 1926م ، وكانت أولى ضحاياه هي كلارا نيومان ، وهي سيدة تبلغ من العمر ستين عامًا ، وتمتلك أرضًا في سان فرانسيسكو ، حيث ذهب إليها نيلسون مدعيًا أنه مستأجرًا ، وجلس برفقتها بعض الوقت حتى اطمأنت له ، ولكنه باغتها أثناء جلستهما ، وقام بخنقها ثم اغتصبها بعد أن ماتت ، وقام بحمل جثتها ودفنها ، في شقة مهجورة .
وكانت ضحيته الثانية ، لورا بيل البالغة من العمر 63 عامًا ، والتي قتلها نيلسون خنقًا داخل منزلها ، في سان خوسيه حيث قتلت خنقًا ، ثم اغتصبت جثتها .
لم يتوقف نيلسون عن جرائمه ، خاصة وأنه جلس ينتظر حديث وسائل الإعلام ، بشأنها مما دفعه لارتكاب المزيد ، وذهب إلى ليليان سانت ماري ، البالغة من العمر 63 عامًا ، في سان فرانسيسكو ، وقام بخنقها واغتصاب جثتها مثل سابقتيها ، وعقب مرور أسبوعين بالضبط ، تحرك نيلسون جنوبًا صوب سانتا باربرا ، ليختطف راوول البالغة من العمر 53 عامًا ، وقد تم قتلها شنقًا ثم تعرضت جثتها للاغتصاب ، وبالطبع هذا التشابه بين الضحايا ، دفع رجال الشرطة ، للانتباه بأنهم أمام قاتلاً متسلسلاً .
عقب مرور شهرين آخرين ، عثر على السيدة ماري نيسبت ، البالغة من العمر 52 عامًا ، حيث أبلغ زوجها عن عثوره على جثتها أسفل الفراش ، حيث قتلت خنقًا وتم اغتصابها ، في البداية تحفظ رجال التحقيقات على الزوج ، من أجل استجوابه ولكن تم استبعاده .
وأقر الشهود بعد ذلك ، برؤيتهم لشخص ما غريب الهيئة ، كان يقف متربصًا خارج المبنى ، في يوم مقتل السيدة نيسبت ، وقام من رأوه بوصفه أنها ضخم الجثة وله أيد كبيرة وطويلة ، ومن هنا أطلقت عليه الصحف المحلية الرجل الغوريللا .
مضت بضعة أشهر من نفس العام ، انتقل نيلسون خلالها إلى بورتلاند بولاية أوريغون ، حيث اغتصب وقتل بيتا ويذرز ، البالغة من العمر 35 عامًا ، وعثر على جثتها ابنها المراهق ، الذي وجدها قتلت ووضعت في صندوق بعليّة المنزل.
وفي اليوم التالي لتلك الواقعة ، قُتلت فرجينيا غرانت البالغة من العمر 59 عامًا ، وعثر على جثتها خلف الفرن بالطابق السفلي من المنزل ، لتلحق بها مابيل فلوك ، وتكتشف جثتها عقب مرور عدة أيام ، في علية المنزل وقد تم خنقها بواسطة وشاح .
وعلى الرغم من عمليات القتل المماثلة اللاحقة لغرانت وفليكس ، تم تعيين هيئة محلفين قضائية من أربعة رجال وثلاث نساء ، لتقييم الوفاة الغامضة للسيدة ويذرز ، إلا أن قرار الهيئة انقسم فيما بينهم ، بين الوفاة انتحارًا والوفاة قتلاً .
عقب ارتكابه سلسلة من ثلاث جرائم قتل في بورتلاند ، عاد نيلسون سريعًا إلى سان فرانسيسكو ، حيث قتل واغتصب آنا إدموندز البالغة من العمر 56 عامًا ، في البداية تردد رجال الشرطة ، في تعليق القضية على نفس القاتل ، إلا أن صديق لها ، أقر بأنه يوم مقتلها قام بإيصالها إلى المنزل ، وفي الداخل قبل انصرافه ، سمعها تتحدث بشأن صفقة لتأجير منزلها أو بيعه .
تطابقت الرجل المجهول مع تلك الموجودة ، من قبل لدى رجال الشرطة ، وفي اليوم التالي ، في بيرلينجيم بولاية كاليفورنيا ، تعرضت امرأة حامل تبلغ من العمر 28 عامًا ، للهجوم من جانب رجل تظاهر بأنه يرغب في شراء منزلها ، ولكنها نجت من الهجوم ، ووصفت الرجل بأنه يبلغ طوله حوالي 5 أقدام و 8 بوصات ، ويرتدي ملابس أنيقة ويتحدث بلباقة .
الاعتقال والمحاكمة :
على افتراض أن نيلسون قد هرب إلى الولايات المتحدة ، أرسلت الشرطة الكندية أوصافًا له ، في كافة مراكز الشرطة ، ومكاتب البريد في الولايات المتحدة .
بعد ذلك ، بدأت البلاغات تنهال على رجال الشرطة ، بشأن مشاهدات نيلسون في ريجينا وساسكاتشوان وبواسيفاين ومانيتوبا. وفي يونيو 1927م ، اعتقلت الشرطة في مدينة كيلارني ، رجلا يدعى فيرجيل ويلسون ، اتسقت أوصافه مع نيلسون .
وكان سلوك الرجل هادئًا وتعاونيًا ، لدرجة أن رجال الشرطة افترضوا أن لديهم الشخص الخطأ ، و لكنه تمكن من الفرار في نفس المساء ، ومع ذلك ، ارتكب نيلسون خطأ محاولة التقاط نفس القطار ، الذي كان ينقل أعضاء من شرطة وينيبيغ ، فتم القبض عليه عقب 12 ساعة من هروبه الأولي ، ليتم اعتقاله رسميًا مرة أخرى ، في صباح اليوم التالي على يد ضابط من إدارة شرطة كريستال سيتي ، على خط السكك الحديدية شرق واكوبا .
نُقل نيلسون إلى مركز شرطة ، شارع روبرت في وينيبيغ ، حيث تم تصويره وأخذ بصماته وقياسه وإعداده لتشكيلات الهوية ، تم إرسال صور نيلسون من شرطة وينيبيغ ، إلى أقسام الشرطة في جميع أنحاء الولايات المتحدة ، وقد نتج عن ذلك اعترافات إيجابية من الشهود في إلينوي وكاليفورنيا ، بأنه بالفعل هو نفس المستأجر غير المعروف الذي واجههم .
وعلى الرغم من تأكيده ، أنه يدعى فيرجيل ويلسون ، إلا أن بصمات الأصابع التي أخذت له ، ووجهت إلى وينيبيغ من إدارة شرطة سان فرانسيسكو ، من اعتقاله في وقت سابق أكدت هويته كإيرل نيلسون ، حيث تطابقت بصماته مع تلك التي تم رفعها من مسارح جرائمه ، إلى جانب علامات الأسنان التي وجدت على الضحايا .
في البداية ، اعترف نيلسون بجرائمه ، وأخبر رجال الشرطة بولعه قتل النساء في ليالي أيام السبت ، ثم ما لبث أن سحب اعترافه ، وادعى أنه بريء من كل التهم الموجهة إليه ، وفي مقابلة مع صحيفة مانيتوبا فري برس ، عقب اعتقاله قال نيلسون ، أنه متهم بارتكاب عمليتي قتل ، ولكنه ليس الفاعل ، وبسؤاله عن كل من شهدوا بأنه هو المتهم الفعلي بالجرائم ، أجاب نيلسون بأنهم مخطئون. توفى نيلسون في محبسه عام 2009م .