جرائم القتل والاعتداء على الآخرين ، بطرق وحشية وسادية تجعل الكثير منا ، يتمنون للقاتل ميتة ونهاية بشعة ، تجعله عبرة لمن يعتبر ، ولكن المثير في الأمر هو سقوط بعض المجرمين ، بطرق غريبة ، فقاتل مثل فريتز هارمان بعدما احتفظ ، بسترة جلدية لإحدى ضحاياه ، حيث آثر استخدامه بدلاً من التخلص منه والقاتل يواخيم كرول الذي استطاع رجال الشرطة وإلقاء القبض عليه ، عقب سقوطه في بلاعة!
وغيرهم الكثيرون ومنهم بطل قصتنا ، السفاح بيلي جوهل الذي ألقي القبض عليه ، نتيجة احتفاظه بساعة يد تخص أحد ضحاياه ، وإدلائه بمعلومات وتفاصيل لم يكن يجدر به الحديث بشأنها .
بدايات غامضة :
لم يذكر شيء عن طفولة ويليام جول ، فبالكاد نعرف أنه من أصل ألماني وولد عام 1873م ، ولا نعلم أكثر من هذا بشأن حياته الأولى ونشأته ، ولكن أكثر ما اشتهر به أنه لم يكن من الأشخاص المثيرون للشبهات ، فقد عُرف عنه أنه شاب لا يختلط بمن حوله كثيرًا ، وبمجرد انتهاء عمله يعود إلى منزله في صمت ، وليس له أصدقاء .
اشتهر جول باسم بيلي ، ولا يدري أحد هل هو من قام بتغيير اسمه رسميًا ، أم أنه قد اختار هذا الاسم من أجل التخفي فقط ، ولكنه كان الاسم الذي اشتهر به في محل عمله ، حيث عمل جول في بدايته كنادل بإحدى الحانات ، إلى أن انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، وتحديدًا إلى ولاية واشنطن ، حيث افتتح بها مكتبًا يدعى اتحاد بحارة المحيط الهاديء ، وقد وصل إلى هذا العمل بسبب شغفه بالسفر على متن السفن ، فصار يتنقل من سفينة لأخرى لفترة من الزمن ، حتى استطاع أن يجمع الأموال ويستقل بنشاطه الخاص .
مع بداية عام 1902م ، بدأت جرائم بيلي بقتل البحارة المرتحلين من بلد لآخر ، على متن السفن ، ولم يكن بيلي قاتل متسلسل يعاني من اضطرابات نفسية ، أو طفولة بائسة وإنما كان يرغب فقط ، في سرقة ضحاياه والاستيلاء على أموالهم ، وما يحملوا من أشياء ثمينة للغاية ، ولا يدري أحد هل مارس بيلي نشاطه هذا أثناء فترة عمله كنادل ، أم أن الفرصة واتته عندما استقل بعمله فقط .
حيث كان المكتب الذي يديره بيلي يقبع فوق رصيف خشبي تمر من أسفله ، مياه نهر تشيهاليس حيث يأتي البحارة من أجل خدمات المكتب الذي يديره بيلي ، والتي كان من بينها تقديم فرص عمل ، للبحارة العاطلين من خلاله ، مع ترك أجور العمل كوديعة لدى مكتب بيلي لحين العودة من الرحلات البحرية الطويلة .
إلى جانب إرسال واستقبال الرسائل ، ومن المعروف أن وسائل الاتصال كانت قليلة ونادرة في هذا الوقت ، وتأخذ وقتًا طويلاً حتى تصل ، وبالتالي هؤلاء البحارة لن يقلق بشأنهم أحد ، أو يسأل عليهم في أقرب وقت ، وهنا تراوح الضحايا بين زبائن وبحارة فهم الأكثر مثالية ، بالنسبة لقاتل مثل بيلي .
اصطياد الضحايا :
كان بيلي ينتقي ضحاياه عند وصولهم إلى مكتبه ، فقد كان يقف بشرفة مكتبه وينظر للقادم إليه بهدوء طويل ، وبعد أن يتأكد أنه لم يره أحد بالشارع ، يدخل إلى المكتب ويستقبل زبونه بطريقة لطيفة ومهذبة ، ويتجاذب معه أطراف الحديث ، ويسأله عن أهله وذويه ومن سيسأل عنه ، ويعلم ما معه من مال وأشياء ثمينة ، وبمجرد أن يطمئن بيلي إلى ثراء ضحيته ، يقوم بإردائه قتيلاً بطلقة من مسدسه ، ثم يسحب الجثة بعد أن يقوم بالاستيلاء على كل ما يملك ، إلى مخزن أسفل مكتبه ، ويلقي بالجثة في أحد روافد نهر تشيهاليس .
تم تقدير عدد ضحايا بيلي بأكثر من أربعين ضحية ، وكانوا هم من تم العثور على جثثهم ، إلا أن العدد قد يكون قد تجاوز المائتي قتيلاً ، من زبائن مكتبه المشؤم .
بالطبع لكل سفاح نقطة يسقط من خلالها ، فقد أدى اختفاء أغلب البحارة في ميناء أبردين إلى لفت أنظار رجال الشرطة إليه ، حيث اشتهر باسم ميناء الرجال المفقودين ، نسبة إلى أعداد الجثث المهولة التي تواجدت في هذا المكان .
ولسوء حظ بيلي أنه قد عُثر على جثة رجل ، في النهر وقد تم استدعاء بيلي باعتباره صديقًا للبحارة ، من أجل التعرف على جثة الرجل ، فأظهر بيلي الأسى على ملامحه وأخبرهم أنه يدعى سكولتر ، ثم انصرف وهو يلوم رجال الشرطة على تقاعسهم في إلقاء القبض على القاتل .
ما لم يدركه بيلي هو أن الرجل كان يحمل اسم فريد ويلسون ، فمن أين أتى باسم سكولتر هذا ، وتبين أن بيلي هو القاتل بالفعل لهذا الرجل ، حيث كان قد عثر بحوزة الضحية على ساعة قيّمة ، مكتوب عليها سكولتر فظن أنها اسم الرجل ، فألقى بالجثة والساعة خشية افتضاح أمره ، إلا أن رجال التحقيقات ربطوا بين الاسم الذي ذكره بيلي ، والاسم الحقيقي للضحية ، وألقي القبض عليه.
تم الحكم على بيلي بالإعدام ، إلا أنه تحول إلى حكم بالسجن مدى الحياة ، نظرًا لتوقف الإعدام في هذا الوقت ، ولكن بيلي قضى وقته داخل السجن ومع مضاعفات مرض الزهري ، وبعض الاضطرابات النفسية ، فقد بيلي عقله وتم إيداعه مصحة للأمراض النفسية للمضطربين عقليًا ، من المجرمين ثم مات بعدها ببضعة أعوام عن عمر ناهز الثلاثة والخمسين عامًا .