إبان فترة القرن السابع عشر في منطقة أوروبا وتحديدًا خلال عصر النهضة كانت النساء في هذا الوقت يخضعن للزواج في سن مبكرة ، ولم يكن للمرأة في هذا الوقت القدرة على التصرف ، وليس لها أية حقوق تذكر فكانت الفتاة بمرجد أن تدخل بقدميها إلى الحياة الزوجية فلا يكون لها أية سيطرة على حياتها .
ويكون للزوج كامل التصرف بحرية حتى أن بعض الأزواج كانوا يعرضون زوجاتهم إلى الكثير من العنف ، وتقليل الشأن وغيره من الأمور التي يستحيل معها الحياة ، ولم يكن الطلاق أمرًا معروفًا بينهم ، ولا سبيل للخلاص من تلك الحياة سوى بالموت حتمًا ، مما جعل الكثير من السيدات ، في هذا الوقت يتمنين أن تصبحن أرامل .
وخلال تلك الفترة العصيبة كانت إحدى السيدات تعيش في روما وتدعى جوليا توفانا ، وتعمل تلك السيدة في محل خاص بها ، لبيع خلطات التجميل وأدوات المكياج ، وغيرها من الأمور النسائية الأخرى ، وكانت لدى جوليا خلطة سحرية للنساء اللاتي تعانين من أزواجهن ، وكانت تلك الخلطة عبارة عن سمًا زعافًا أسمته هي خلطة أكوا توفانا ، وكانت تلك الخلطة قادرة على منح المرأة الإيطالية لقب أرملة في غفضون ساعات قليلة دون أن تكتشف السلطات أمرها .
وكانت جوليا قد صنعت خلطتها السحرية تلك من خلال بعض الأدوات المستخدمة لديها في المحل الخاص بها ، حيث لجأت إلى خلط كميات من الزرنيخ المتوفرة لديها والتي كانت تستخدمها في خلطات تبييض البشرة إلى جانب خلطة أخرى من نبات البيلادونا ، والمستخدم في توسيع حدقة العين وعددًا من المكونات الأخرى فكان خليط الأكوا توفانا عديم الرائحة واللون أيضًا والذي يمكن خلطه مع النبيذ أو أي مشروب آخر دون أن يشعر الضحية بأنه يشرب سمًا قاتلاً .
وكانت جوليا تنصح السيدات باستخدام خليط الأكوا توفانا على مدار أربعة أيام ، حتى لا يكتشف أحدهم تعرض الزوج للتسمم بالزرنيخ ، وحتى لا يكشفه الأطباء أيضًا بعد ذلك ، أثناء معانية الجثة فقد كانت قطرات قليلة كافية للقتل إذا ما تم ذلك على فترات متباعدة ، لدرء الشبهات ، كما كانت تساعد جوليا في وضع هذا الخليط بعلب أدوات التجميل حتى تستطيع الزوجة أن تضع السم أمام أعين زوجها ، دون أن يرتاب في الأمر قط .
وكانت جوليا تؤمن أنها تساعد السيدات غير السعيدات في حياتهن بالتخلص من هؤلاء المتحكمون فيهن ، دون وجه حق ، وفي فترة الخمسينات من القرن السابع عشر ، قامت إحدى السيدات بشراء خلطة الأكوا توفانا من جوليا ، وعادت بها إلى المنزل وبعد أنت وضعت السم لزوجها في الحساء .
شعرت بتأنيب الضمير ، فمنعته من تناول الحساء ، ولكن الزوج الغاضب أصر على معرفة الأمر كله ، فاعترفت الأخيرة أن دست له سمًا في الحساء ، وأخبرته أنها قد أتت به من جوليا توفانا ، هنا قام الزوج بسحب زوجته إلى المخفر ، وهناك أدلت بأقوالها ، ولما علمت جوليا أن الشرطة آتية للقبض عليها ، قامت بالاحتماء داخل الكنيسة ، ولكن مع ذياع الخبر ، هاجم الناس الكنيسة واقتادوا جوليا إلى السلطات بأنفسهم .
وعقب عمليات متواصلة من التعذيب اعترفت جوليا أنها قد ساعدت على تسميم أكثر من ستمائة رجلاً ، وقد يكون العدد أكثر من ذلك حيث تبين أنم جوليا هي إبنة تافانيا دادامو التي تم إعدامها في جزيرة باليرمو عام 1633م على إثر اتهامها بتسميم زوجها .
وفي عام 1659م تم إعدام جوليا توفانا ، في ساحة كامبو دي فيوري في روما ، بالإضافة إلى ثلاث مساعدات لها ، وعدد من السيدات الأرامل ، اللاتي كن يتعاملن معها ، وتم سجن بعضهن أيضًا .