ي عالم الجريمة ، نجد كثيرًا بأن القتلة والسفاحين واللصوص ، أو مرتكبي الجرائم بوجه عام ، يتمتعون بالكثير من الذكاء الذي قد يمكنهم من التلاعب طويلاً ، برجال الشرطة ويتسبب في حيرتهم ، لفترة قد تمتد لسنوات ، وربما لقرون لا يستطيع خلالها محققو الشرطة ، التوصل إلى شخصية مرتكب أو منفذ الجريمة قط ، مثلما حدث مع الوحش ذو الواحد وعشرون وجهًا ، كما لقب نفسه .
في عام 1984م قام أحد الأشخاص ، بمساعدة اثنين آخرين باقتحام منزل المدير التنفيذي ، لشركة غاليكو اليابانية لصناعة المواد الغذائية ، وذلك أمام أعين أسرته وقاموا بتقييده ، ثم اختطفوه وطلبوا فدية قدرها ، خمسة ملايين ين ياباني ، ولكن الرجل استطاع أن يحل وثاقه ويهرب ، من قبضتهم قبل أن يتم دفع الفدية .
كانت تلك هي البداية ، لعدد من الأحداث الغريبة التي وقعت بعد ذلك ، وقام بها شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص ، حيث أطلق على نفسه اسم الوحش ذو الواحد وعشرون وجهًا ، بدأ هذا الوحش بإحراق عدد من السيارات المتمركزة أمام الشركة ، وأشعل النيران في عدد من الأماكن المحيطة بها ، وأرسل رسالة إلى الشركة عبارة عن وعاء ، به حمض الهيدروكليك في إشارة منه وتهديد واضح ، للموظفين ومدير الشركة بإحراقهم .
لم يتوقف التهديد عند هذا الحد ، بل تلاه رسالة أخرى مفادها ، بأن منتجات شركة غاليكو للمواد الغذائية ، قد سممت مجموعة من المنتجات الخاصة بها ، بمادة السيانيد المسممة مما دفع الشركة ، لعقد اجتماع عاجل ، وتم سحب المنتج المذكور في الرسالة ، من الأسواق التجارية مما تسبب في خسارة فادحة للشركة ، قدرت بحوالي 21 مليون ين ، مما تسبب في فقدان أكثر من أربعمائة عامل جزئي لوظائفهم .
حاولت الشرطة التوصل إلى الفاعل ، خاصة عقب اختطاف المدير التنفيذي للشركة ولكنهم فشلوا ، واعتقد الكثيرون أن المجرم ، يتربص بشركة غاليكو تحديدًا ، حيث أرسل للشرطة رسالة ، يشرح فيها ، كيفية اقتحامه للمبنى ، وإرسال الرسائل التهديدية لهم ، في تحدٍ واضح وصارخ لرجال الشرطة الذين عجزوا عن الإيقاع به .
ثم جاءت الرسالة الأخيرة عقب عدة رسائل تهديدية ، لتعلن أننا نسامح مصنع غاليكو ! لتتوقف على إثرها المضايقات التي تتعرض لها شركة غاليكو ، ويتم بعدها ابتزاز شركة موريناغا للمواد الغذائية ، هنا فكر رجال الشرطة بأن المجرم قد يكون قد تعرض لأذى .
من إحدى تلك الشركات ، ولكن سرعان ما انقطع تفكيرهم عندما أرسل المجرم ، رسالة تحذيرية بأن هناك 20 منتجًا لشركة موريناغا مسممة في الأسواق ، وهنا اندفع رجال الشرطة للبحث عن المنتجات المذكورة .
وبالفعل جمعوها كلها ، لأن المجرم كان رحيم بهم ، وكتب على العبوات أنها خطر تحوي مواد مسممة ، وهنا سجل أحد الأسواق التجارية على كاميراته الخاصة ، صورة لرجل يرتدي قبعة ويقوم بوضع الحلوى على أحد الأرفف ، بالطبع لم يستطيع المحققون التعرف على شخص يعطي ظهره للكاميرا ويرتدي قبعة .
هنا قام المجرم بإرسال رسالة يطلب بها فدية من الشركة المستهدفة ، وينوه لهم عن إلقاء الحقيبة التي تحوي المال من القطار المتجه نحو مدينة كيوتو ، وذلك عند رؤية مدير الشركة لراية بيضاء في إحدى المحطات .
هنا صعد أحد المخبرين السريين إلى القطار ، وراقب الجلوس جميعًا ليهتدي إلى رجل ، قال عن نظراته أنها مثل الثعلب وكان مرتبكًا ، ولكنه نجح في الفرار من القطار ، قبل أن يتم الإيقاع به ، وقامت الشرطة بنشر مواصفات الرجل من كاميرات المراقبة السابقة ، وما أدلى به المخبر من وصف له ، لتظل معلقة في الشوارع دون أن يبلغ أحدهم عن التعرف على هذا المجرم!
شعر المفتش الذي كان يترأس رجال الشرطة ، في البحث عن المجرم بخيبة أمل وفشل ، فقام بالانتحار مشعلاً النار في نفسه ، مما دعى هذا الوحش بالسخرية من رجال الشرطة ، قائلاً بأن هذا المفتش هو أولى ضحاياه ، نظرًا لقيامة بالانتحار بسبب قضية المجرم الوحش .
ثم أرسل آخر رسائله إلى الشرطة ، ساخرًا منهم بأنهم متقاعسون عن عملهم ، وأين كانوا طوال سنة وخمسة أشهر ، تم فيها إرسال كل تلك التهديدات إلى شركات الأغذية ، ولكنه طمأنهم بأن ما يقوم به من تهديد لتلك الشركات ، سوف يتوقف وأن أي تلاعب مع تلك الشركات ليس من طرفه .
توقفت التهديدات لشركات المواد الغذائية ، بعد تلك الرسالة بالفعل ، وقد جذبت قصة الوحش ذو الواحد وعشرون وجهًا ، اهتمام وسائل الإعلام باليابان لفترات طويلة ، ولكن لم يتم التعرف على الفاعل قط .