يوجد العديد من الجرائم الغامضة بجميع أنحاء العالم ؛ والتي انتهت تاركة لغزًا كبيرًا خلفها ؛ وقد يستمر اللغز لعقود أو قد يستمر إلى ما لا نهاية ، ومن بين الجرائم التي شكلّت لغزًا حول مرتكبها ؛ جريمة طفل الصندوق التي تمت خلال عام 1957م ؛ حيث تم العثور على طفل صغير كان عمره ما بين أربعة أو ستة أعوام ؛ داخل صندوق كبير الحجم ومصنوع من الكرتون على بُعد بضعة أقدام من طريق سسكويهانا الموجود بالشمال الشرقي لولاية فيلادلفيا بأمريكا .
تم لف جسد الطفل العاري ببطانية خفيفة نُقش عليها مربعات وبدت رخيصة الثمن ، كان جسده نظيفًا خالي من أي بلل ، وطُوي ذراعاه على بطنه بكل اهتمام ، وبدت أظافر اليدين والقدم مُقلمة ونظيفة بصورة أنيقة ، وكان شعره قد حُلق منذ مدة قصيرة ؛ حيث أنه كان لازال خشنًا ؛ وقد وُجد نتف من أثار ذلك الشعر على أجزاء جسده .
كان الطفل عاريًا تمامًا من الملابس ؛ وربما كان ذلك قبل مقتله أو بعده بمدة قصيرة ، وظهرت على ملامحه العديد من الكدمات التي أصابت جميع أجزاء جسده وخاصة الوجه والرأس ؛ وفيما يبدو أن كل الإصابات قد حدثت له في نفس الوقت ، لم تستطيع السلطات العثور على الجاني بعد فحص الحمض النووي DNA من مكان وقوع الجريمة .
كان الصندوق الذي عُثر بداخله الطفل مُغلقًا بحبل أحمر اللون ؛ وكان مُعدًا من أجل سرير أطفال ، وقد عثر عليه شاب أثناء فحصه للفخاخ التي نصبها من أجل حيوانات القندس ، تسببت تلك القضية الغامضة في حدوث ضجة إعلامية ضخمة في ولاية فيلادلفيا ، وتم نشر صور للطفل المقتول بكل محطات البنزين ، على الرغم من الانتشار السريع لقضية الطفل ؛ إلا أنه ظلّ مجهول الهوية ؛ كما لم يتم العثور على الجاني حتى الوقت الحالي .
تم عرض قضية تلك الجريمة الشائكة في أحد المسلسلات التلفزيونية ؛ والذي عُرف باسم “أكثر المطلوبين في أمريكا” ، كما تم عرض الجريمة ذاتها بأحد البرامج التليفزيونية ، وقامت بعض البرامج برسم صورة خيالية لقصة مقتل طفل الصندوق .
ظهرت عدة نظريات تُفسر أصل تلك الجريمة ، ولكن هناك نظريتين فقط تم التركيز الشديد عليهما من قِبل أجهزة الشرطة والإعلام ، وتتحدث النظرية الأولى عن منزل فوستر ؛ والذي كان قريبًا من موقع الجريمة ، وكان بريستو أحد موظفي مكتب الفحص الطبي يحاول الوصول باستمرار إلى دليل حول تلك الجريمة ؛ منذ عام 1960م وحتى توفي عام 1993م ، وقد قام ذلك الرجل بالاتصال بوسيطة روحانية بنيو جيرسي ؛ والتي أعطته مواصفات لمنزل يتطابق مع أوصاف منزل فوستر .
حينما ذهبت الوسيطة الروحانية إلى موقع العثور على الصندوق ؛ قامت بالإشارة مباشرةً إلى منزل فوستر ، وعندما تم عرض منزل فوستر للبيع حضر بريستو ؛ فوجد سرير للأطفال بنفس ماركة المحل التجاري الذي كان مطبوعًا على الصندوق الكرتوني ، كما لاحظ أن ذلك المحل التجاري الذي يبتاع أسِرة الأطفال به نفس نوع البطانية التي كان ملفوفًا بها الطفل ، فكرّ بريستو أن ذلك الطفل قد يكون ابنًا لفتاة تعيش في منزل فوستر ؛ وقد تم إخفاء هوية الطفل حتى لا يتسبب في فضيحة لتلك الأم غير المتزوجة ؛ حيث أن تلك الفترة الزمنية كانت تعتبر الأم العزباء وصمة عار على المجتمع.
على الرغم من الاهتمام بتلك النظرية وتسليط الضوء عليها ؛ غير أن رجال الشرطة فشلوا في العثور على الجاني ؛ حيث قام ملازم الشرطة أوغستين وبعض رجال الشرطة عام 1988م بإجراء مقابلة مع الأب فوستر ؛ حيث أن الشُبهات كانت تحوم حول ابنة زوجته ؛ ولكن المقابلة بدت وكأنها تؤكد عدم تورط أحد من تلك العائلة .
وجاءت النظرية الثانية خلال عام 2002م ؛ حينما اعترفت إحدى السيدات والتي عُرفت باسم السيدة M ؛ بأن أمها قاسية القلب قد قامت بشراء طفل صغير من والديه الأصليين خلال عام 1954م ، وكان تعامل الطفل بسوء وقسوة ، وقد توفي ذلك الطفل بسبب نوبة غضب أصابت والدة السيدة M فقامت بعدها بوضعه جثته في الصندوق ؛ وحدث ما حدث ، ولكن الشرطة لم تأخذ بهذه القصة بسبب التأكد من إصابة السيدة التي قدمت البلاغ بالخلل النفسي ؛ كما أن الجيران نفوا ما قالته تمامًا ، وظلّت القضية غامضة حتى وقتنا الحالي .