كل ما يُرتكب من عنف ، سواء أكان لفظيًا أم جسديًا ضد أحد الأشخاص ، يعد من أقسى الأمور والأفعال السيئة التي يمكن أن يتعرض لها المرء ، وبالطبع يختلف الأمر ويصبح أكثر وحشية إذا ما تم بشأن طفل ، لا يستطيع الدفاع عن نفسه ، ولعل هذا هو ما حدث مع فتيات الكشّافة الصغيرات .
البداية :
في يوم 12 من شهر يونيو عام 1977م ، انطلقت مجموعة من الكشافة للفتيات برفقة إحدى المشرفات ، من أجل رحلة للتخييم على إحدى الأراضي المعروفة ، وتدعى كامب سكوت وتقع في مقاطعة مايز ، بولاية أوكلاهوما .
مع أول ليلة للمعسكر في أرض التخييم ، هبت عاصفة قوية دفعت الجميع للاختباء ، داخل المخيمات إلى أن تنتهي العاصفة ، حتى لا تتأذى أحد من الفتيات ، ولكن مع الأسف في صباح اليوم التالي استيقظ الجميع ، على رؤيتهم ثلاث جثث لثلاثة فتيات من المخيم ، تتراوح أعمارهن من ثمان سنوات وحتى عشر سنوات ، ملقاه على بعد مسافة صغيرة من أماكن التخييم ، بالقرب من المعسكر ، فماذا حدث ؟
يوم وقوع الحادث :
قبل انطلاق المخيم ببضعة أشهر ، تلقت المعلمة المسئولة عن رحلة التخييم ، خطابًا تهديديًا بشأن الرحلة المزمعة من قبل المدرسة ، المسجل بها الفتيات وقد تلقت المعلمة هذا الخطاب التهديدي ، إبان فترة تدريبية كانت قد أعدتها لاستكشاف المنطقة ، وكانت تلك المنطقة مشهورة بقصص الرعب والخيال ، فظنت أن هذا الخطاب ما هو إلا دعابة سخيفة ، أراد بها أحدهم أن يخيفها ، خاصة وأنها وجدت الرسالة داخل خيمتها ، بعد أن انقلبت أغراضها رأسًا على عقب داخل الخيمة نفسها ، كما سُرق طعامها أيضًا .
وتجاهلت المعلمة ما حدث ، وعقب مرور شهرين انطلقت رحلة التخييم ، وأدركت المعلمة أن ما سبق لم يكن مجرد مزحة فقط ، ففي يوم 13 يونيو من عام 1977م ، كانت المشرفة كارلا إيمري في طريقها ، نحو الحمام المخصص لهن داخل المخيم ، وتفاجأت بوجود جثة الطفلة دوريس دينيس ميلنر ، ذات العشرة أعوام وقد قتلت بحبل ملفوف حول عنقها .
وتم تجريدها من ملابسها من أسفل الخصر وحتى قدميها ، وعلى بعد عدة خطوات منها وجدت المشرفة جثة الطفلة لوري لي فارمر ، ذات الثمانية أعوام وقد كانت جثتها عارية تمامًا مثل جثة دوريس ، واكتمل الأمر بوجود جثة لطفلة ثالثة ، تدعى ميشيل ستار البالغة من العمر تسعة أعوام.
كانت الجثث جميعها قد تم تجريدها من الملابس ، ووضع شريط لاصق على الفم ، حتى لا يسمع أحدهم صوت الضحية ، وتم إخفاء الجثث داخل أكياس النوم الخاصة بالفتيات ، وقد تبين بالفحص أنهن جميعًا قد تعرضن للاغتصاب ، ثم القتل ولكن بطرق مختلفة ، حيث قُتلت إحداهن شنقًا ، بينما قتلت الأخرتان بضربات متكررة ، بآلة حادة على الرأس حتى الموت ، وتم سحب الجثث إلى خارج المخيم عقب قتلهن ، على بعد حوالي مائة ياردة .
عملية البحث عن القاتل :
بدأ رجال الشرطة عمليات بحث عن القاتل ، حيث هزت تلك القضية أرجاء ولاية أوكلاهوما كلها ، حيث تم فحص الخيمة التي وجد بداخلها ، مصباحًا يدويًا يبدو أن القاتل قد استخدمه ، أثناء ارتكابه للجريمة ليلاً ، بالإضافة إلى بعض الأدلة الأخرى مثل مناشف ملطخة بدماء الضحايا ، وورقة من صحيفة وحبل مصنوع من النايلون ، إلى جانب بعض الأغراض الأخرى مثل نظارة طبية وشريط كهربائي لاصق ، فشعر رجال التحقيقات بأنهم يقتربون جدًا من العثور على القاتل ، خاصة عقب أن تمكنت الكلاب من تحسس طريقها إليه ، بالمنطقة المتاخمة للمخيم .
وتبين أن القاتل كان قد عبر أمام خيمة المشرفة ، الرئيسة على هذا المخيم قبل أن يتوجه إلى خيمة الفتيات ، وقادتهم الكلاب إلى كهف صغير يقع بالقرب من المخيم ، وعثر بداخله على صحيفة تم اقتطاع جزء منها ، وبالمزيد من الفحص تبين أن تلك الأغراض تعود لمجرم سابق ، يدعى جين ليروي هارت ، كان فارًا من سجن مقاطعة مايز منذ عام 1973م ، أي قبل الحادث بحوالي أربعة أعوام ، في قضايا اغتصاب واختطاف لامرأتين ، كانتا تحملان بطفليهما ، بالإضافة إلى اتهامات بجرائم سطو من الدرجة الأولى .
حكم صادم :
عقب هذا البحث المضنِ ، تم إلقاء القبض على جين وكان يرتدي نظارات طبية ، نسائية وتم توجيه تهمة قتل الفتيات الثلاث ، واغتصابهن إلا أن المفاجأة التي حدثت هي أنه قد تم تبرئة ، جين من تلك التهمة نظرًا لعدم كفاية الأدلة ، ولكنه أودع بالسجن نظرًا لأنه كان فارًا من السجن من قبل ، وتوفى عقب عام من إيداعه بالسجن .
وعلى الرغم من وقوع هذا الحادث عام 1977م ، إلا أنه بحلول عام 2008م تم العثور على أدلة جديدة ، برأت ساحة جين مرة أخرى ، حيث لم يتطابق تحليل الحمض النووي للقاتل مع الحمض الخاص بجين ، ورسميًا لم يتم العثور على القتل حتى يومنا هذا ، وتم إغلاق المخيم عقب هذا الحادث المأساوي .