الألغاز التاريخية كثيرة ومتعددة ، منها ما هو خاص بالبشر ومنها ما هو متعلق بالجماد والأشياء ، وهذا النوع من الحوادث الغامضة والتي تترك خلفها الكثير من علامات الاستفهام هي ما يجذب البعض حوله في محاولة لفك شفرته ، والحصول على أقرب إجابة ممكنة يمكنها أن تعمل على راحة الإنسان عمومًا ، فالبشر يسعون دائمًا إلى المعرفة ولعل الكثير من الألغاز تكون مؤرقة لنا بشدة إذا لم نستطيع حلها ، مثل لغز اختفاء بولين بيكارد.

البداية :
دارت أحداث قصتنا في فرنسا وتحديدًا عام 1922م ، وظلت لغزًا لم يستطيع أحد حل وفك غموضه طوال خمس وتسعون عامًا حتى الآن ، والأسوأ من ذلك أيضًا أنه لم يستطيع أحدهم أن يعلم ما إذا كان ما حدث ، قد فعله بشر أم أنه شيء ما ورائي خارق ، أو له علاقة بالجان والأشباح .

في عام 1922م في فرنسا اختفت طفلة تدعى بولين بيكارد من منزل أهلها ، اختفت طفلة لم يتجاوز عمرها العامين من المنزل فجأة بدون أية مقدمات ، بالطبع طفلة صغيرة جدًا وبهذا العمر لا يمكن أن تخرج من المنزل وحدها ، أي لم تفقد طريقها وهي تلعب أمام المنزل ، ولكنها اختفت حرفيًا.

بالطبع تواصل الأهل مع رجال الشرطة ، ووصل المحققون إلى المنطقة التي تعيش بها الأسرة وتسمى تلك المنطقة بـ Goas Al Ludu ، وهي إحدى المناطق الريفية داخل فرنسا .

الغموض :
بالطبع انطلق رجال الشرطة في المنطقة وهم يستجوبون كل من يقابلهم من السكان المجاورون للأسرة ، وانطلقوا جميعهم في عملية بحث محمومة عن الطفلة يساعدهم فيها كل من الأهل والجيران ، فقد كان الجميع مندهشون من اختفائها المفاجئ هذا .

تطوع الجميع بلا استثناء من الأهل والأصدقاء والأقارب والجيران ، كلهم انطلقوا إلى أماكن متفرقة وبدؤوا في عمليات استكشافية متتابعة ، ومدروسة مثل الخطط ، ولكن دون جدوى ، ظل البحث قائمًا لأسابيع دون أن يجد أي منهم أثر للطفلة ، وكانت الإجابة الوحيدة لديهم جميعًا عن سر احتفائها هو أن الطفلة قد اختطفت ، نعم هكذا بكل بساطة ، ولكن كيف وهي لم تخرج من المنزل ؟

أحداث معقدة :
عقب عدة أسابيع قليلة جاء اتصال هاتفي لرجال الشرطة ، يخبرهم أنه قد تم العثور على طفلة تشبه في مواصفاتها الطفلة بولين المختفية ، وتم إيجادها في منطقة تدعى شيربورج أو Cherbourg ، أي على بعد حوالي أربعمائة وثمانون كيلو مترًا من مكان إقامتها الأصلي!

سافر الأهل بأسرع ما يمكنهم من أجل رؤية الطفلة التي عثر عليها ، وكانت الطفلة في حال يرثى لها ، ثياب متقطعة وجروح في وجهها وبعض الأماكن في جسدها ، وترتدي ملابس غريبة ، ولا تتحدث وفي حالة صدمة تامة أصابتها بالخرس!

أعلنت الأم بإصرار أن تلك هي طفلتها المختفية ، ولكن كان الأب متوجس ريبة حول الأمر كله ، فكيف لطفلة بعمر العامين فقط أن تنتقل كل تلك المسافة حتى هذا المكان وحدها ؟ وكيف يمكن أن يحدث ذلك مع كل تلك البلاغات التي وجهت للشرطة .

وتم عمل كمائن تفتيشية عديدة على الطرق كلها ، كيف لم يشاهدها أي من رجال الشرطة ؟ وإذا كانت قد اختطفت بالفعل ، فلماذا تركها خاطفوها ولم يقدموا على أي اتصال يطالبون فيه بفدية قبل تسليمها؟

ومع إصرار الأم حصلت على الطفلة وأخذتها معها إلى منزلها ، وتم التحفظ على القضية وأغلق الملف واشتهر الموضوع والقضية في هذا الوقت جدًا ، حيث كتبت عنه كافة الجرائد والصحف الفرنسية وفي نيويورك أيضًا في محاولة منهم لفك شفرة هذا اللغز الغريب ، وكيف اختفت الطفلة ثم عادت .

بلا نهاية :
ولكنها لم تكن نهاية الموضوع ، فعائلة بيكارد وجدت من يطرق بابها عقب فترة قصيرة من عودة الطفلة ، وكان أحد جيران الأسرة القريبين من منزل العائلة ، وهو مزارع يدعى يوفيس مارتن Yves Martin ، بارك هذا الرجل للعائلة على عودة طفلتهم ، ولكنه وجه إليهم سؤالاً شديد الغموض ، وهو إن كانوا على يقين بأن من معهم تلك هي طفلتهم فعليًا ؟!

هنا وقعت عينا الرجل على الطفلة الصغيرة التي كانت تقف إلى جوار والدتها ، أثناء حديثه معهم ولكن ما أن شاهدها حتى اتسعت عيناه رعبًا وبدأ في حالة صراخ هستيري وهو يقول جملة واحدة فقط ، يا إلهي ساعدنى ، أنا آسف .

ظل الرجل على تلك الحالة حتى أتى رجال الشرطة وحملوه معهم خارج منزل عائلة بيكارد ، ثم تم إيداعه بمصحة أمراض عقلية نتيجة الحالة الهستيرية التي دخل فيها بشكل مفاجئ.

لم تقف الأحداث عند هذا الحد فقط ، فعقب مرور ثلاثة أيام ، وجد آل بيكارد أمام باب منزلهم جثة لطفلة في عمر بولين ، وكانت الجثة بدون رأس أو يدين أو قدمين ، وكان الجسد شبه متحللاً ، ويبدو على العظام ظاهريًا بعض الحروق ، وإلى جوار الجسد كانت هناك جمجمة بشرية ، وكومة من الملابس المطوية بعناية فائقة ، وبالطبع انهارت الأم عندما شاهدت الملابس ، فتلك كانت ملابس طفلتها التي كانت ترتديها عندما اختفت فجأة ، تم نقل تلك الأشياء الغريبة إلى معمل البحث الجنائي لفحصها ، وتبين أن الجمجمة تخص رجلاً كبير السن ، وأنها لا تخص جسد الطفلة الميتة من الأساس ، وكانت تلك نهاية القصة !

فلم يعرف أحد ماذا كان يقصد المزارع بكلامه ، نظرًا لأنه توفى داخل المشفى ، ولم يعرف أحدهم لمن ينتمي الجسد المشوه الذي عُثر عليه ، أو لمن تنتمي تلك الجمجمة البشرية حتى ، والطفلة التي بين أيديهم حية كيف انتقلت كل تلك المسافة من المنطقة التي تعيش بها ، إلى المنطقة التي وجدت فيها ، ثم فقدت القدرة على الحديث مرة أخرى ؟ وما زال لغز اختفاء بولين محيرًا وغامضًا حتى يومنا هذا دون إجابة شافية.

By Lars