فترة الطفولة هي المنبع لكل شخصية ، هي أساس التصرفات والأفعال والتعامل مع الغير ، هي الفترة التي ينشأ فيها الإنسان محبًا أو حقودًا وكارهًا وعدوًا للمجتمع ككل ، والأهل هم اللبنة التي تتضح في مخيلة كل طفل ، فيرسم المجتمع بصورتهما ، فإذا ما كانوا مثاليين باتت الصورة الذهنية لهما مثالية وبدأ الطفل في التعامل بهدوء ومرح وألفة ، أما إذا تشوهت صورتهما لدى الطفل فنجده لا يستطيع النظر إلى الغير سوى بنظرات كراهية نابعة عن كرهه لوالديه ، ولعل بول وكارلا مثالاً حيًا لذلك .
بول برناردو :
ولد بول برناردو عام 1964م في مدينة أنتاريو بكندا ، ونشأ في أسرة مكونة منه وشقيق آخر وشقيقة لأب وأم بدوا ظاهريًا كأسرة سعيدة ، حيث كانا يصطحبان أطفالهما إلى مكان جديد في العطلات الصيفية ، كما ألحقا بالمنزل حمامًا للسباحة وألعابًا كثيرة ، تناثرت داخل المنزل هنا وهناك.
ولكن تلك الأسرة السعيدة ظاهريًا لم تكن سوى أسرة بائسة ، حيث كان الوالد رجلاً إيطاليًا سكيرًا ، يتصف بسلوكياته العنيفة خاصة مع زوجته وأبنائه ، وكان مدمنًا للكحول والمخدرات ، ودائم التلصص على الغير ، وكثير الشجار والنزاع مع أفراد أسرته .
لم يتغير مجرى حياة بول إلا عندما بدأ يكبر ويفهم تلك السلوكيات العنيفة ، وعندما بلغ بول السادسة عشرة من عمره ، التقى بوالدته التي كانت قد هجرت المنزل منذ أعوام وفرت من سلوكيات برناردو المجنونة والمضطربة .
وبسؤالها اعترفت والدة بول له بأنها قد فرت من المنزل لسوء سلوك زوجها ، وأن بول ليس ابنًا لهذا الرجل الذي كان يظنه والده ، بل هو نتيجة علاقة آثمة اقترفتها أمه مع صديق قديم لها ، وأن برناردو زوجها كان يغتصب ابنتها مرارًا وتكرارًا أمامها ، ولكنها لم تفتح فمها ببنت شفة .
بالطبع تحولت حياة بول إلى الأسوأ ، ومنذ ذلك الحين بدأت الاضطرابات تظهر على شخصيته فتحويل من شخص هاديء ومرح ، إلى إنسان منطوٍ وحاقد وكاره لكافة النساء ، حيث قال أنه كان يرى والدته في كل أنثى تمر من أمامه ويرى فيهن خطيئتها .
بدأ بول في التعرف على المجرمين والسفاحين ، وزاد احتقاره للنساء جميعًا وشعر أنهن أداة حقيرة لتفريغ رغباته المكبوتة فقط ، وتمادى بول في الأمر ولكنه حاول في منتصف الطريق أن يستعيد نفسه ، فالتحق بالجامعة لإتمام دراسته ، وكلنه كان يتصف بالعنف الشديد آنذاك ، مما جعل الفتيات تبتعدن عنه كثيرًا .
تخرج بول من الجامعة عام 1987م وعمل محاسبًا في إحدى شركات المحاسبة ، وفي تلك الفترة ارتكب بول أولى جرائمه ، وكانت جريمة اغتصاب لفتاة في الحادية والعشرين من عمرها ، ولكنه لم يتم توقيفه آنذاك لتلك التهمة .
كارلا هومولكا
ولدت كارلا في أسرة متزنة نسبيًا ، في عام 1970م وكان والدها يعمل محاميًا وقد أسس شركة خاصة به مع بعض الأصدقاء ، وكانت كارلا ذكية جدًا ومحبة للحيوانات ، مما ساعدها في الحصول على وظيفة بعيادة بيطرية ، ولكن عقب مرور فترة من الوقت أصبحت الفتاة عصبية وعنيفة للغاية ، وأهملت دراستها وقد ظن أبواها أن الأمر لا يعد كونها فترة مراهقة عنيفة بعض الشيء .
اللقاء :
التقت كارلا وبول في أحد المقاهي ، وكما كتبت كارلا في مذكراتها بأنهما كانا في المقهى بصحبة شخصين آخرين ولكن اتقدت شعلة الحب بينهما بمجرد أن نظرا إلى بعضهما البعض ، حيث وجدت كارلا في شريكها الشاب المجنون الذي كانت تبحث عنه ، بينما وجد فيها بول الفتاة المطيعة التي تنصاع إلى كل رغباته الشاذة ، والجامحة والسادية برضا تام .
علاقة شاذة :
امتدت علاقة بول وكارلا لفترة ثلاث سنوات إلى أن توجها بول بخطبة كارلا ، خاصة بعد أن أظهرت الأخيرة عشقها التام له ورأى هو بالفعل بأنها أصبحت ملكًا له ، ويتحكم بها كيفما شاء ، هنا اعترف لها بول بأنه هو سفاح سكاربرو الذي تبحث الشرطة عنه منذ أعوام ، نظرًا لاغتصابه أكثر من ستة عشر فتاة ، ولكن بدلاً من الإبلاغ عنه أو حتى هجره ، أزداد إعجاب كارلا ببول وتمسكت به أكثر مما سبق !
الثنائي المجرم :
لم يتوقف إعجاب كارلا ببول عند هذا الحد بل شاركته جرائمه أيضًا ، فقد هددها بول بأن يتركها خاصة أنها لم تكن عذراء عندما قدمت نفسها له ، وهو كان مهووسًا ويؤمن بأن الفتاة يجب أن تظل عذراء إلى أن تتزوج ، وهنا طلب منها أن تمنحه عذرية شقيقتها تامي ، حتى لا يغضب عليها أكثر من ذلك .
كانت كارلا مهووسة ببول ، وبالفعل في إحدى الليالي وعقب أن نام الأبوين قدمت كارلا مشروبًا به مخدرًا ، كانت كارلا قد أحضرته من العيادة التي تعمل بها ، وأعطته لشقيقتها ، وما أن فقدت الأخيرة وعيها بعض الشيء ، حتى حملتها شقيقتها بمساعدة بول وسحباها إلى الطابق الأرضي .
وهناك قام بول باغتصابها أمام شقيقتها التي وقفت تصور الحدث ، تقيأت الفتاة كل ما في جوفها حتى سكتت تمامًا ، فتفاجأ بول وكارلا بأنها قد توفت ، فحملاها ليضعاها على أريكة المنزل وانصرفا بهدوء ، ثم اتصلا بالشرطة في اليوم التالي عندما اكتشف والديها وفاتها ، وخرج تقير الطب الشرعي ليبين أن الفتاة قد ماتت مختنقة بالقيء ، ولم يتم توجيه أية اتهامات نحو أحد فلم يكن هناك شبهة جريمة في الأمر .
جرائم عدة
ألقى بول باللوم على كارلا بأنها لم تضع لشقيقتها جرعة التخدير اللازمة وأنها أفرطت بها ، ولكي تعوضه كارلا استدرجت فتاة إلى مكان منعزل ووهبتها لبول ليغتصبها ، وكانت فتاة عذراء تبلغ من العمر خمسة عشر عامًا ، وقامت كارلا بالتصوير أيضًا كالمعتاد ، وانصرفا لتستفيق الفتاة وهي لا تدري ما حدث معها .
تزوج القاتلان في أحد الأيام الهادئة ، وقاما بعمل زفافًا أسطوريًا ، وفي نفس اليوم اكتشف البعض قوالب السمنت التي تم إخفاء إحدى ضحاياهما فيها ، حيث كان قد اختطفا فتاة مراهقة من موقف السيارات ، واغتصبها بول وقتلاها وقاما بتقطيع أطرفاها ، ثم تعاونا سويًا على إخفاء جثتها في قوالب أسمنتية ثم ألقيا بالقوالب في النهر .
ابتعد الزوجان عن جرائمهما قليلاً حتى تهدأ الأجواء ، فقد انتشر رجال التحقيقات الشرطية لكشف غموض الجريمة ، ولكن بول كان قد بدأ يمل من زوجته وأراد المزيد ، فقاما باختطاف فتاة أخرى واحتجزها بول لثلاثة أيام ، مارس خلالها الاغتصاب على الفتاة كثيرًا ولكنهما أيضًا تعاونا في إذلالها .
فقد أجبراها على تناول فضلات بول وحرماها من الطعام والشراب ، وعلقاها في السقف مثل الذبيحة ، وتبادلا التنكيل بجسدها وإدخال أشياء صلبة في أعضائها ، مما تسبب لها بنزيف شديد ، وما أن مل بول منها حتى شنقها بحبل كهربائي ، حتى فارقت الحياة .
السقوط :
مع تكثيف رجال الشرطة بالمنطقة ، ضاق بول ذرعًا لعدم تمكنه من الإمساك بضحايا جدد ، ومن ثم تشاجر مع زوجته وضربها بشدة حتى كادت تزهق زوجها ، وبتضييق الخناق عليها بالمشفى اعترفت بأن زوجها هو من فعل ذلك ، وأنه هو سفاح سكاربرو الذي يبحث عنه رجال الشرطة .
بالمزيد من التقصي والبحث ، تم إلقاء القبض على بول عقب تفتيش المنزل والحصول على الشرائط التي تم تسجيلها له ولزوجته وما قاما به من مجون ، مع أشخاص كانوا يصطحبونهم إلى المنزل ويقومون بممارسة حفلات جنس جماعية ، وبالمزيد من الحصار اعترف بول بجرائمه .
ونال حكمًا مؤبدًا لا يتم إطلاق سراحه من خلاله ، واشتهرت القضية كما لقبتها الصحف بقضية كين وباربي ، أما زوجته فقد نالت حكمًا بالسجن لاثني عشر عامًا ، ثم أودعت مصحة نفسية ، وعقب خروجها نالت اسمًا جديدًا وتزوجت وأنجبت ثلاثة أطفال ، ومارست حياتها بشكل طبيعي ، ولكن ظلت مصنفة بأنها خطر على المجتمع ، وتم منعها من التعامل مع الأشخاص أقل من ستة عشر عامًا .