في حادثة من أبشع حوادث التاريخ الأمريكي تم قتل ما يربو عن 24 شخص في مدينة دانفرز الأمريكية بتهمة ممارسة السحر الأسود ، ومن بينهم طفلة عمرها أربع سنوات دون أي دليل مقنع أو برهان!!

بدأت الحادثة فعليا عام 1692م حينما قام شخص يدعى ساموئيل باريس بشراء اثنتين من العبيد ليعتنوا بأطفاله ، وكانت أحدهما تتدعى تتوبا جعلها مسئوله عن رعاية ابنته بتي ذو التسعة سنوات ، وابنة أخيه بيغال التي يبلغ عمرها إحدى عشر سنة.

وقد كانت الثقافة السائدة في ربوع المجتمع الأمريكي في تلك الفترة  هي قراءة كتب الخرافات والتنبؤ ، وكانت تستهوي الفتاتان هذا النوع من القراءات في ذلك السن ، فكانتا تسليان أوقات فراغهما بقراءة هذا النوع من الكتب .

وقد كانت الخادمة تتوبا القائمة على رعايتهما تسليهم بقصص السحر الأسود أغلب الوقت ، ويبدو أنهما قد استهواهما هذا النوع وانجذبا إليه ، حيث بدأتا بمحاولات ممارسة السحر الأسود ، وفجأة و بدون أي مقدمات انتابت الفتاتان حالة تشبه الصرع ولم يعرف حتى اليوم هل كانت تلك الحالة حقيقية فعلًا ، أم أنها كانت مجرد مزحة سمجة لإثارة ذعر من حولهما ، وجذب الاهتمام .

واندهش الأب ساموئيل من تلك الحالة التي انتابت الطفلتان ، وعلى الفور استدعى الدكتور وليم غرغس الذي لم يصل لأي سبب طبي يجعلهما يصلان لتلك الحالة ، فأعلن على الفور أنهما ممسوستان بفعل السحر الأسود ، الذي كان يعد في ذلك الوقت جريمة لا تغتفر .

بسبب سيطرة إحدى الجماعات المسيحية المتشددة على البلدة آنذاك ، وهي جماعة بيورتنز التي كانت تؤمن بالتطبيق الحرفي لكل ما ورد بالإنجيل ، ومن ضمنه معاقبة السحرة أشد العقوبة وقتلهم .

ولهذا ضغط السيد ساموئيل بشدة علي الطفلتين ليعرف منهما من فعل بهما ذلك ، وتحت وطأة الضغط الشديد والذعر الذي شاع في المنزل ، اعترت الفتاتان على الخادمة تتوبا أنها من فعلت ذلك ، وعلى الفور تم القبض عليها والتحقيق معها .

تم تعذيب الخادمة بشدة حتى اعترفت أنها كانت تمارس السحر الأسود ، ولكي تتخلص من ذلك العذاب ادعت أمام هيئة المحكمة أن كلبًا أسود هو الذي أمرها بممارسة السحر والشعوذة على الطفلتين ، وهددها بالموت إن لم تفعل ذلك !

كما ادعت أيضا أن هناك رجلًا يرتدي ملابس سوداء زارها ، وطلب منها أن توقع باسمها في دفتر غريب شاهدت فيه العديد من أسماء القائمين على أعمال السحر والشعوذة بتلك المدينة .

و هنا توجد ثغرة قد تكون دليلًا حاسمًا علي براءة تتوبا أو إدعاءها الكذب ، فالعبيد في ذلك الزمن كانوا لا يجيدون القراءة أو الكتابة ، فكيف لواحدة منهم أن تقرأ الدفتر أو حتى توقع فيه ؟! ، وفيما يبدو أن تلك الخادمة قد ألفت تلك القصة لتنجو من التعذيب .

ومن هنا بدأت المجزرة التي دهست العديد تحت أرجلها ، فانتشرت حمي البحث عن المشعوذين في جميع أنحاء البلدة ، والمضحك في الأمر أنهم كانوا يستعينون بـالطفلتين بتي وأبيغال لمعرفة إذا كان الشخص مشعوذ أم لا بطريقة عجيبة .

فقد كانوا يعرضون عليهم المتهمين الجدد ، فإن صرختا وبدأ جسمهما في الانكماش ، حكم القاضي على الفور بإعدام المتهمين دون أي دليل قاطع أو برهان يثبت ممارستهم للسحر أو حتى دون مناقشتهم!!

واستمرت عمليات الاعدامات العشوائية تلك ما بين عامي 1692 و 1693م ، وظل الاتهامات تتوالى ، ويتوالى معها عدد الضحايا تدريجيًا حتى وصل إلي 24 شخص ، والمثير للسخرية أن من ضمن المحكومين عليهم بالإعدام لممارسة السحر الأسود ، طفلة صغيرة عمرها أربع سنوات فقط اتهمت بالشعوذة و تم قتلها دون رحمة ولا تفكير .

ولم تتوقف تلك المجزرة حتى جاء الحاكم الجديد  وليم فبسس الي استنكر كل ما حدث ،  أمر بالعفو عن باقي المتهمين و إنهاء تلك القضية التافهة التي فتحت الباب على مصراعيه لأعمال الخرافات والبعد عن المنطق .

By Lars