هناك العديد من قصص السفاحين التي دونها التاريخ بين صفحاته ، ولكن من أكثر تلك القصص غرابة هي قصة السفاح جان باتيست جرينوي بائع العطور الذي عاش في القرن الثامن عشر ، وكان هذا الرجل يقتل النساء من أجل العطر!
مولده ونشأته :
لن تختلف نشأة ذلك السفاح عن حياته كثيرًا ، فقد ولد باتيست جرينوي عام 1738م بسوق السمك لأم لم تكن ترغب في وليدها ، فقد قررت التخلص منه فور ولادته بإلقائه بين أحشاء الأسماك التي كانت تنظفها ، ولكن سرعان ما انكشف أمرها بعد سماع أهل السوق صوت بكاء المولود ، وعثروا عليه بين السلال والقاذورات ، فأخذوه إلى الملجأ بعد القبض على الأم وإعدامها .
فنشأ جرينوي في جو لا يشعر بالرغبة في وجوده ، تشاءمت منه المربيات وانصرفت عنه المرضعات ، فقد كان طفلًا غريبًا لا يشبه الأطفال في سنه ، فلم يكن لجسده أي رائحة مثل باقي الأطفال ، كان بارد الملامح عديم الرائحة فاتر الشعور .
موهبة مميزة :
كبر جرينوي وهو يشعر بالنفور ممن حوله ، عمل عاملًا في مدبغة ثم انتقل للعمل لدى صانع العطور بالديني ، وكان لدي جرينوي أنفًا مميزًا يستطيع تمييز الروائح بدقة شديدة ، وقد أهلته تلك الموهبة ليصبح أشهر صانع عطور في التاريخ .
بداية جرينوي السفاح :
استطاع جرينوي بموهبته الفذة أن يصنع أجمل العطور ويلبي رغبات النساء فيما أحببن من روائح ، وحقق لمعلمه أرباحًا طائلة ، وكان جرينوي يعيش وسط العطور ولكنه كان يفتقد عطره الخاص ، فقرر أن يصنع لجسده أفضل عطر على الإطلاق ، ومن هنا ارتكب أبشع الجرائم .
لقد وقع جرينوي في حب بائعة البرقوق التي كان يشع جسدها رائحة مميزة جعلته يلهث خلفها ، وبينما كان يتعقبها لدى رؤيتها في السوق حتى مرت بميدان خالي فاقترب منها ليشتم عطرها ، وبينما هو كذلك شعر بوقع خطوات المارة فوضع يده على فمها حتى لا تصرخ وتفضحه ، ولكنها لم تتحمل وماتت بين يديه .
صار جرينوي يبحث في كل النساء عن تلك المرأة ، وقرر أن يصنع رائحة جسدها التي ظلت عالقة بذهنه من أجمل أجساد النساء ، فقرر قتل النساء الجميلات وتقطير رائحتهن حتى يصل للرائحة الوحيدة التي أحبها ، ولهذا ترك العمل لدى باليني واستقل بعمله الخاص .
استخلاص الروائح من النساء :
لجأ جرينوي إلى فكرة شيطانية تمكنه من استخلاص الروائح من أجساد النساء ، فكان يقتل الضحية ويغطيها بطبقة من الدهن الحيواني ثم يلفها بإحكام بقطعة من الثوب السميك ويتركها بعض الوقت ثم يقشط طبقة الدهن التي غطى بها الجثة ، ويقوم بتقطيره حتى يتمكن من استخراج الرائحة التي علقت به وحفظها في زجاجة صغيرة .
تمكن السفاح من قتل اثني عشر امرأة وتقطير رائحة أجسادهن في مجموعة من الزجاجات الصغيرة ، وشعر أنها اقترب كثيرًا من الرائحة المنشودة ، فلم يبقى إلا جسد أجمل امرأة في مدينة جراس وكانت تشبه كثيرًا فتاته بائعة البرقوق التي قتلها وأحبها ، ولم تكن تلك الفتاة فقيرة بل كانت ابنة أكثر تجار العطور ثراءً ونفوذًا.
نهاية السفاح :
استطاع جرينوي اجتذاب الضحية الثالثة عشر والأخيرة وقتلها واستخلص القنينة المنشودة من جسدها ، وفي اليوم التالي تم القبض عليه بعد أن حامت حوله الشبهات ، والزج به في السجن لحين صدور الحكم بشأنه .
ووقت تنفيذ العقوبة لم يعبأ جرينوي بالموت بل تطلع بهدوء إلى الجماهير المحتشدة وأخرج قنينة صغيرة بها سائل أحمر اللون ، وصب منها بضع نقاط صغيرة على منديل ولوح به متفاخرًا في الهواء ثم ألقاه ليسقط متهاديًا فوق رؤوس الجماهير العريضة .