في إحدى الأيام طرقت سيدة باب مكتب عميد الشرطة ، وجاءت لتبلغه عن اختفاء زوجها عبد الفتاح ، والذي تعود أن يأوي ، إلى منزله كل مغرب وانتظرت عودته بالأمس ، ولم يجيء .
وعندما اتصلت به على جواله ، لم يجيب وكانت السيدة قلقة على زوجها ، بل وذكرت إنها قامت بالاتصال بشريكه في تجارة الحبوب ، ويدعى عبد الله وعلمت أنه غادر المتجر منذ أمس .
سجل العميد أقوال تلك السيدة ، كما سجل مواصفات عبد الفتاح وطمأنها ، أنه سيخبرها بكل جديد وكانت المرأة خائفة للغاية ، وتكاد تجزم بأن زوجها تعرض لمكروه ، ولذلك ترددت كثيراً على مركز الشرطة ، لعلها تظفر بخبر يطمئنها ولكن العميد المكلف ، بالمداومة لم يتوصل لما يطمئن ، تلك المرأة الخائفة .
في صباح اليوم التالي كلف العميد فرقة ، بالتوجه إلى متجر عبد الله وشريكه عبد الفتاح وكان ، الضابط أحمد الفائز على رأس تلك الفرقة ، ولما وصل المتجر وجد عبد الله ، في مكتبه ، وبدا له مندهشاً من غياب شريكه الغير مألوف ، بل وأخبره أن عبد الفتاح عندما غادر المتجر ، ليلة أمس كان على موعد مع مدير البنك ، حيث يوجد حساب شركتهما ، كما ذكر أن مدير البنك استدعاه لتصفية دين .
وكان المفترض أن يرافقه في ذلك الموعد ، لكن عبد الفتاح أصر على ذهابه بمفرده ، وعلم الضابط أن الامر يتعلق بدين كبير ، كان في ذمة مدير البنك قيمته 500 ألف ، فشعر الضابط أن الأمر بحاجة إلى مزيد من التوضيح ، وللتوضيح رأى عبد الله ضرورة رواية القصة من بدايتها .
كانت القصة هي أنه في الصيف الماضي ، علم الشريكان عبد الله وعبد الفتاح بأن أحد أنواع الحبوب ، الموجودة في المتجر سيتكون غير متوفرة في البلدة ، فقررا العمل على شراء أقصى ، ما يمكن شرائه من ذلك المحصول ، بغرض تصديره وشعرا إنها ستكون فرصة ذهبية للربح الوفير .
ولذلك اقترضا من البنك مبلغ كبيرًا ، لشراء ذلك النوع من الحبوب وأعدا ملف طلب القرض ، وكانا مستوفيان الشروط لجديتهما ، فضلاً عن امتلاكهما ما يفوق قيمة الدين ، وبعد ثلاثة أيام وافق البنك على منحهما القرض ، وزاد على ما طلباه مبلغ قيمته 500 ألف ، فاندهشا وأبلغا مدير البنك .
أخبرهما مدير البنك أنه هو من زاد على قيمة القرض ، وأنه يريد ذلك المبلغ لنفسه قرضاً ، لأنه مقبل على عملية تجارية ، ولا يريد أن يخبر رؤسائه بذلك الامر ، ووعدهم برد الدين خلال ستة أشهر .
فوافق التاجران على ما عرضه مدير البنك ، وهكذا تسلم الشريكان قيمة القرض ، وسلما مدير البنك حصته ، مقابل وثيقة اقرار بقيمة ما أقترضه منهما ، وبعد عدة أشهر سددا التاجران قيمة الدين ، وبقي عليهما أن يسترجعا من مدير البنك المبلغ ، الذي أقترضه منهما .
ولكن ظل مدير البنك يتهرب من سداد حصته ، بل وكان في أوقات كثيرة يبلغهم بأن له الفضل ، في موافقة البنك على إقراضهما فساءت العلاقة ، بين التاجرين ومدير البنك وهدداه بإبلاغ رؤسائه في البنك ، فوعدهما بالسداد ولكنه لم يفي بوعده .
في صباح اختفاء السيد عبد الفتاح ، كان مدير البنك قد أتصل به وحدد له موعد لتسوية الموضوع ، وطلب منه أن يحضر إلى منزله في السادسة مساءً ، وأن يحضر معه وثيقة اقراره بالدين ، الذي كان عليه .
ولكن كان عبد الفتاح تاجراً ذكياً ، فذهب وأخذ نسخة بالألوان من تلك الوثيقة ، وأحتفظ بالأصلية في المتجر ، لحين تسديد مدير البنك لدينه ، كما علم ضابط الشرطة من أحد التجار ، المجاورين لمتجر عبد الفتاح وشريكة عبد الله ، بأن في ذلك اليوم حدثت مشادة كلامية بين التاجرين ، وذكر فيها عبد الله عبارة سأقتله .
فصار المحققون يتعاملون مع عبد الله ، كونه واحداً من المشتبه فيهم ، ولكن التزموا التريث لحين توافر أدله كافية ، وعند السؤال حول ذلك الأمر أكد لهم عبد الله ، أنه أخبر عبد الفتاح بأنه لو لم يسدد مدير البنك ، ما عليه من مال سيقتله ولم يقصد شريكه ، عبد الفتاح بتلك العبارة .
في صباح اليوم التالي رصدت الشرطة الجوية ، وجود قارب على الساحل ربما يعاني من مشاكل تقنية ، وكان على متن القارب رجل يعاني وقد أنهكه الجوع والعطش ، وبدا محرك القارب متوقفاً عن العمل ، فتم نقل الرجل ألى المستشفى ، ونزل أحد الغواصين يتفقد محرك القارب.
أكتشف الغواص وجود حبلاً ألتف حول المحرك ، ونهاية ذلك الحبل كيس كبير وثقيل ، وعند رفع ذلك الكيس اكتشف بداخله جثة رجل ، وعند نقله إلى مستودع الموتى تبين إنها جثة التاجر عبد الفتاح .
فأستجوب المحققون ذلك الرجل الذي كان على متن القارب ، تبين لهم أنه بأمر من مدير البنك طلب منه أن يتخلص ، من ذلك الكيس الكبير في عرض البحر ، وأخبره أن ذلك الكيس به وثائق بنكية سرية ، يتعين التخلص منها حفاظاً على خصوصية عملاء البنك .
تم إلقاء القبض على مدير البنك ، لكنه أنكر فعلته بل واخرج لهم وثيقة تسديد الدين ، وعلم الضابط إنها النسخة الملونة ، وليست الأصلية فتأكد من عدم تسديد ما عليه ، من دين بل ، وبالتحقيق اكتشف وجود أثار دم في منزل مدير البنك ، وبالتحليل أكدت نتائج المختبر ، إنها آثار دم عبد الفتاح فلم يعد لمدير البنك مجال للإنكار ، وأعترف بطعنه لعبد الفتاح وقتله له .