قام العرب منذ قديم الزمان وقبل نزول القرآن الكريم بفترات طويلة باستخدام اللغة العربية للكلام والحديث فيما بينهم، ولكنهم كانوا يعرفون ويجيدون فنون اللغة العربية دون كتابتها ، ولأنهم كانوا يتميزون بالفصاحة فلم يجدوا ضرورة لضبط الحروف ، ولكن بعد نزول القرآن الكريم وانتشاره بين مجموعة من فغير العرب ظهرت الحاجة لضبط الحروف وتنقيطها ، بسبب الأخطاء التي ظهرت في قراءة الأعاجم للقرآن .

ولذلك بدأ يظهر ما عرف باسم علم النحو ، وكان من رواد علم النحو الأوائل والذي اعتبر والد علم النحو هو أبو الأسود الدؤلي والذي يعد من أعلام التابعين وكان شاعرًا وفقيهًا وينسب له وضع النقاط على الحروف وهو مؤسس علم النحو ، وقد تتلمذ على يد علي بن أبي طالب كرم الله وجهه .

قصة أبو الأسود الدؤلي :
ولد أبو الأسود الدؤلي قبل بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام بثلاثة سنوات ، وكان يعيش مع قبيلته بني الدئل في جنوب مكة المكرمة ، وقد أسلم قبل وفاة النبي عليه الصلاة والسلام ولكنه لم يقابله طوال حياته ، ولذلك تم اعتباره من التابعين وليس من الصحابة .

والاسم الأصلي لأبو الأسود الدؤلي هو ظالم بن عمرو بن سفيان بن جندل بن يعمر بن حلس بن نفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن عبد مناة ، وبعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام انتقل أبو الأسود إلى المدينة المنورة ثم البصرة، وقدروى الحديث عن سيدنا عمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس وغيرهم من كبار الصحابة رواة الحديث .

 وقد التقى أبو الأسود الدؤلي بأمير المؤمنين على بن أبي طالب كرم الله وجهه وأصبح من أصحابه ، وقد شارك معه في معركتي الجمل وصفين ، وخلال خلافة علي بن أبي تولى أبو الأسود الدؤلي منصب قاضي البصرة وكان عبد الله بن عباس أمير البصرة ، فلما عاد عبد الله بن عباس إلى الحجاز ، تولى أبو الأسود إمارة البصرة  .

وخلال مرافقة أبو الأسود الدؤلي لعلي بن أبي طالب تعلم منه أنواع الكلام عند العرب ، ويقال أنه في أحد الأيام كان أبو الأسود الدؤلي يتحدث مع ابنته فقالت له ما أجملُ السماء بضم اللام ، فاعتقد أنها تسأل فرد عليها قائلًا : نجومها ، ولكنها في الواقع كانت تتعجب من جمال السماء ، وهنا لاحظ أبو الأسود أن الناس بدأوا يخلطون في نطق الكلام وأنه هناك حاجه لضبطه فبدأ في وضع ما يعرف بعلم النحو ، وقد أطلق عليه “النحو” لأنه عندما انتهى من وضع كتابه عن علم النحو عرضه على سيدنا علي بن أبي طالب فقال له سيدنا علي ما أجمل هذا النحو الذي نحوت ، ومن هنا سمي علم النحو ، كما علمه سيدنا علي طريقة تنقيط الحروف .

وقد نقل علم النحو عن أبو الأسود الدؤلي عدد كبير من التلاميذ منهم نصر بن عاصم الليثي وسعد بن شداد الكوفي وغيرهم ، كما ترك عدد من المؤلفات منهم ديوان شعر أبو الأسود الدؤلي  

وقد توفي أبو الأسود الدؤلي في عام 69 للهجرة بعد وعمره 85 عامًا أن حضر الطاعون الجارف ، ولكنه لم يمت بسبب الطاعون ، ولكنه أصيب بمرض يسمى الفالج سبب له العرج فكان يسير وهو يجر ساقه ، وقد اشتهر بكثرة زيجاته ولكنه لم يترك من الأبناء عند وفاته سوى ولدان وهما عطاء وأبا حرب وابنة .

By Lars