السلطان سليمان القانوني يعد أحد أعظم الشخصيات التي حكمت العالم الإسلامي أجمع ، فكان مجرد الاسم يهز عروش ملوك أوروبا ويزلزل الأرض وأطلق الأوروبيون عليه اسم السلطان العظيم أو السلطان الفخم ، فهو الموسع لحدود الدولة العثمانية لأبعد مدى لها في عهده زادت المساحة إلى الضعف تقريبًا وحكم الدولة العثمانية لمدة ستة وأربعون عامًا وبذلك كون أطول فترة حكم في عهد الدولة العثمانية عمل على تطوير البحرية العثمانية ووضع أول دستور لدولة العثمانية ، وهو من قام بإرساء قواعد الجيش العثماني الحديث .
وكان السلطان سليمان في ذلك الوقت شاعرًا وخطاطًا وكان له وكان له الدور الأبرز في تطوير العمارة في الدولة العثمانية ، هو السلطان سليمان بن سليم بن بايازيد الثاني ابن محمد الفاتح ، ولد في العام 900 للهجرة ، رباه والده منذ الصغر على حب الجهاد والقوة وتولى الحكم وعمره 26 عامًا عام 926هـ ، عمل على عدد من التعديلات الإدارية وشئون السكان من مختلف الديانات والأعراق وضع قانون سليمان ناما أي قانون السلطان سليمان ومن هنا جاءت تسمية السلطان بالقانوني ليس لوضعه للقوانين فحسب بل لتطبيقه لتلك القوانين أيضًا دون التفرقة بين أمير وغير أمير.
واستطاع أن يوسع رقعة الدولة الإسلامية بثلاث قارات حتى أصبحت مترامية الأطراف فقد كان في حالة استعداد دائم حتى قيل عنه أنه لا ينزل من على فرسه إلا ليركب فرس أخر وقال المؤرخون أن عدد ما افتتحه من القلاع والحصون 360 حصن ، وكان القرار الأول الذي فعله عندما جلس على كرسي الخلافة هو إرسالة رسالة لملوك أوروبا يخبرهم بتوليه الخلافة ويأمرهم بدفع الجزية ، فتل ملك المجر رسول السلطان بعد أن ظن فيه الضعف بسبب صغر عمره وما أصبح الصباح إلا وأعد السلطان جيشًا وقاده بنفسه وقصد مدينة بلجراد المنيعة وهي بوابة أوروبا الوسطى وحصن المسيحية وهي المدينة التي لم يستطيع محمد الفاتح فتحها .
وبدأ السلطان سليمان في حصار بلجراد وبعد شهرين ونصف من الحصار وسقطت بلجراد عام 929هـ ونزل خبر سقوطها كالصاعقة على ملوك أوروبا وارتعدت فرائسهم من الرعب وعلموا أنهم أمام سلطان قوي من طراز فريد فبعث إليه ملك البندقية وروسيا وسائر الملوك يعطونه الجزية ويهنئونه بالفتح واهتم فيها بالأوجه الحضارية حتى قام المؤرخون بتسميتها أندلس البلقان ، أما في القارة الآسيوية فقام بثلاث حملات ضد الدولة الصفوية الشيعية ونجحت الحملة عام 941هـ في ضم العراق للدولة العثمانية ، وفي عام 955هـ في الحملة الثانية نجح في ضم تبريز وعام 962هـ الحملة الثالثة التي أجبرت الشاه طهماسب على الصلح وأحقية العثمانيين في شرق الأناضول وتبريز وأريوان .
وواجه نفوذ البرتغالين في الخليج والمحيط الهندي ودخلت في عهده عمان والإحساء وضمن نفوذ الخلافة العثمانية وحدت سياسته من الحد من نفوذ البرتغاليين في الشرق الأوسط وفي القارة الإفريقية دخلت لبيبا والقسم الأعظم من تونس وإريتريا وجبيوتي والصومال ضمن نفوذ الدولة العثمانية وكانت البحرية في عهده مسئولة عن حياة مياه البحار التي تطل عليها الدولة كلها وازدادت قوتها وذلك بانضمام القائد العبقري خير الدين برباروسا كان يقود أسطول قوي يهاجم به سواحل أسبانيا والسفن الصليبية بالبحر المتوسط ، وقام بضرب السواحل الأسبانية وإنقاذ آلاف المسلمين وقت سقوط الأندلس وقام بنقل سبعين ألف مسلم في عام 935هـ من خلال خمس رحلات بحرية وحاولت البحرية الأسبانية القضاء على أسطوله ولكنها كانت تفشل في كل مرة .
وأقسى هزائمها كانت في معركة بروزة عام 945هـ وكان شاعر له ذوق فني رفيع وملم بعدد من اللغات الشرقية من ضمنها اللغة العربية وكان يعرف الأحجار الكريمة ويحب البناء والتشيد وانفق بسخاء شديد على النتشآت الكبرى فشيد القلاع والحصون وأنشآ المساجد والقناطر والصهاريج والأسبلة في كل أنحاء الدولة العثمانية في مكة ودمشق وبغداد وامتاز عصره بأنه العصر الذهبي للدولة العثمانية وكانت هي الدولة الأقوى في العالم والمسيطرة على البحرين الأبيض والأحمر ولم يترك الجهاد قط وفي أواخر أيامه مرض بمرض النقرس فكان لا يستطيع ركوب الخيل وكان يتحامل على نفسه ليظهر القوة لأعدائه ونصحه الطبيب بعدم الخروج فقال أحب أن أموت غازيًا في سبيل الله وهي الأمنية التي نالها السلطان عام 974هـ بعد أن جاهد في سبيل الله لمدة 46 عامًا كان محاصرًا لمدينة .