مع الشعبية الطاغية لتطبيقات السوشيال ميديا في كل أنحاء العالم، ليس من المستغرب أن يكون مطوري برامج السوشيال ميديا من أنجح رجال الأعمال حول العالم كما أن أهم ما يميزهم هو صغر سنهم جميعًا،وأيضًا تحقيقهم للنجاح في وقت يعتبر قصير نسبيًا.

ويعد تطبيق التيك توك من أشهر التطبيقات التي لاقت نجاحًا وانتشارًا واسعًا جدًا في وقت قصيرٍ، وبالرغم من التحذيرات الأمريكية بكون التطبيق قد يكون خطر على الأمن القومي، إلا أن ذلك لم يمنع ملايين المستخدمين من استخدامه، حتى أن بعض مستخدمي التطبيق أصبحوا من المشاهير، كما أن مالك التطبيق تشانغ يي مين أصبح من أغنى الشخصيات في الصين.

نشر تطبيق تيك توك في متجر التطبيقات في ديسمبر 2018م، وسرعان ما حصد ملايين التنزيلات، واليوم أصبح يستخدمه مئات الملايين من المستخدمين الشباب، وقد بدأ تطبيق التيك توك كثلاثة تطبيقات مختلفة، أولها كان تطبيق يسمى ميوزكلي وهذا التطبيق طوره اثنين من الأصدقاء وهما Zhu Alex و Luyu Yang وكان هدفهما في البداية هو إنشاء شبكة تواصل اجتماعية للأطفال تتيح لهم إمكانية التعلم عن بعد، حيث يمكن للمعلمين نشر معلوماتهم للأطفال فيتابعهم الأطفال وفقًا لجودة المادة التي يقدموها

وبالفعل وبعد قضاء 6 أشهر في تطوير التطبيق، لم يحقق أيًا من النجاح الذي توقعاه في بداية عملهما، وقد لاحظا أن الناس لا تفهم قيمة التعليم المجاني أو التعليم عن بعد ، لكن  المستخدمين يسعون أكثر نحو الترفيه وبرامج الفيديو، لذلك قررا تغيير التطبيق ليطورا تطبيق ميوزكلي.

وقد لاقى هذا التطبيق نجاحًا كبيرًا بمجرد انطلاقه من شنغهاي في عام 2014م، حيث بلغ عدد من سجلوا فيه حوالي 90 مليون مستخدم.

وفي عام 2016م أطلقت شركة بايت دانس الصينية العملاقة في مجال التكنولوجيا خدمة مماثلة لميوزكلي في الصين تسمى دويني، وقد جذب هذا التطبيق حوالي 100 مليون مستخدم في الصين وتايلاند في خلال عام واحد فقط، لذلك قررت الشركة توسيع العلامة التجارية وقامت بشراء ميوزكلي في عام 2017م مقابل مبلغ مليار دولار، وضمت التطبيق ليظهر تيك توك في عام 2018.

يكمن سر نجاح تيك توك في استخدامه للموسيقى وخوارزمية قوية بشكل غير عادي ، والتي تتعرف على المحتوى الذي يحب المستخدمون مشاهدته بشكل أسرع بكثير من العديد من التطبيقات الأخرى.

ويقوم المستخدمين بالاختيار من قاعدة بيانات ضخمة من الأغاني والفلاتر ومقاطع الأفلام، وتحويلها إلى lipsync أو تحريك الشفاه على المقطع، لتصوير مقاطع فيديو كوميدية مدتها تصل إلى 15 ثانية، كما يمكن مشاركة أكثر من شخص في الفيديو، وقد أتاح ذلك لكثير من الشباب إظهار مواهبهم في التمثيل والكوميديا،كما يمكن للمستخدمين أيضًا تحميل أصواتهم الخاصة، بحيث يكون من الممكن مزامنة الشفاه مع الفيديو الأصلي لشخص آخر، وهذا الأمر كان ممتع وجذاب للغاية، حتى أنه بمجرد ظهور التطبيق في المتجر عام 2018م تخطت مرات تحميله مرات تحميل تطبيقات التواصل الاجتماعي الأخرى مثل فيسبوك وانستجرام حيث تم تنزيله مليار مرة.

وكان من أهم مميزات التطبيق عند انطلاقه في البداية هو خلو واجهته من الإعلانات أو الأخبار وهذا جذب كثير من المستخدمين، كما أنه كان يخلو من فرص التنمر التي كانت منتشرة في التطبيقات الأخرى، وحتى عدد مشاهدات الفيديو لم يكن معروف سوى لصاحب الفيديو الأصلي فقط.

لم تؤدي الشعبية الواسعة لتطبيق تيك توك الشهير إلى خلق جيل جديد من نجوم وسائل التواصل الاجتماعي فحسب ، بل أدت أيضًا إلى إنشاء ملياردير على وسائل التواصل الاجتماعي.

وهو مؤسس الشركة  تشانغ يس مين والذي ولد في عام 1983 في مقاطعة فوجيان الصينية ، ووفقًا لمؤشر بلومبيرج للمليارديرات، فقد ذكرت الوكالة أن والدا تشانغ عملوا كموظفين حكوميين في الصين، وقد التحق تشانغ بجامعة نانكاي وبدأ بدراسة الإليكترونيات الدقيقة، ثم تحول لدراسة البرمجيات، وتخرج من الجامعة في عام 2005م.

كانت أول وظيفة لتشانغ في شركة رقمية ناشئة تسمى كوكسن، وقد كان من أوائل الموظفين في الشركة، وينسب تشانغ الفضل لتلك الشركة في تعلم مهارات البيع والتي استخدمها لاحقًا لتطوير وتنمية شركته الخاصة بايت دانس.

ويقول تشانغ أنه في عام 2007م، ذهب لمقابلة عميل للشركة من مدير المبيعات وهذه التجربة سمحت له باكتساب معرفة جيدة بطريقة المبيعات، وساعدته تلك التجربة كثيرًا عندما بدأ بتعيين موظفين لشركته الخاصة أيضًا، كما عمل تشانغ أيضًا في مايكروسوفت لفترة قبل تأسيس شركة بايت دانس.

عندما أسس تشانغ شركته الخاصة في عام 2012م كان قد لاحظ أن المستخدمين قد انتقلوا بدرجة كبيرة من استخدام أجهزة الكمبيوتر، إلى أجهزة الهواتف المحمولة، وأن مستخدمي الهواتف المحمولة في الصين يجدون صعوبة في الوصول للأخبار ، لأن محرك البحث الصيني العملاق بايدو، كان يخلط بين نتائج البحث عن الأخبار وبين الإعلانات المدفوعة، لذلك كان الهدف الأول لتشانغ هو تأسيس منصة إخبارية تكون نتائجها مدعومة بالذكاء الاصطناعي، ومنفصلة عن محرك البحث الصيني بايدو، وفي البداية فشل في الحصول على تمويل لفكرته، حتى وافقت مجموعة سسكويهانا على تمويله، وقد بدأ بشركة بسيطة، ومع الوقت أصبح لديه أكثر من 40 موظف.

وكان أول منتج كبير لشركة بايت دانس هو تطبيق Toutiao وكان التطبيق يدفع الأخبار للمستخدمين من خلال التوصيات وليس نتائج البحث كما كانت تفعل التطبيقات الأخرى.

ولم تكن بايت دانس لديها فريق إخباري أو طاقم صحفي مثل العديد من الشبكات الأخرى، لكن عملهم كان أشبه بمحرك بحس أو منصة وسائط اجتماعية، ويعتقد تشانغ أن هذا العمل كان مبتكر للغاية.

كما أصدرت الشركة تطبيق أخر منافس لتطبيق وي شات يسمى فليب شات، وتطبيق مراسلة فيديو أخر في عام 2019م يسمى دوشان، لكن أكثر التطبيقات نجاحًا لشركة بايت دانس كان تطبيق Douyin في عام 2016م والذي تحول بعد ذلك لتيك توك، لكنه ظل يحتفظ باسمه القديم في الصين.

نما التطبيق بشكل سريع وفي مارس 2018م أدخلت مجلة فوربس تشانغ ضمن قائمة المليارديرات بثروة تقدر 4 مليار دولار، أما اليوم وبعد عامين فقط قدرت المجلة قيمة ثروته بحوالي 16.2 مليار دولار وتأتي معظم ثروته من حصته المملوكة في ركة بايت دانس ، والتي تبلغ قيمتها السوقية اليوم 75 مليار دولار، بينما تبلغ حصته فيها 24% من قيمتها.

ويقول تشانغ عن نفسه أن السبب الرئيسي في نجاحه وتقدم شركته الكبير هو التزامه بأخلاقيات العمل، وإدراكه لأهمية السعي الجاد من أجل تحقيق الأهداف، ولذلك فإنه كان يشارك مع الموظفين في شركته في حل جميع المشاكل التي تواجهها مثل مشاكل التسويق بالرغم من أن هذا ليس عمله الأصلي.

وبالرغم من النجاح الكبير الذي حققه تشانغ إلا أنه لم يخلو من المشاكل بعد أن أثير الجدل حول الشركة، وأنها بما تكون تنتهك حقوق المستخدمين وافقت تيك توك في فبراير2020 على دفع غرامة قدرها 5.7 مليون دولار إلى لجنة التجارة الفيدرالية بسبب مزاعم بأن التطبيق جمع معلومات شخصية بشكل غير قانوني من أطفال دون سن 13 عامًا دون موافقة الوالدين ، في انتهاك لقانون حماية خصوصية الأطفال على الإنترنت .

By Lars