في الخامس عشر من أغسطس عام 1818م ولدت طفلة تدعى بريدجيت في ولاية في جورجيا لاثنين من العبيد ، ثم تم بيع الطفلة الرضيعة لبعض السادة البيض الذين أطلقوا عليها اسم بيدي ، وعندما بلغت بيدي الثامنة عشر من عمرها تم إعطائها للزوجين روبرت ماريوث سميث وزوجته ريبيكا كهدية زفافهما لتنتقل إلى ولاية مسيسيبي معهما ، وهذه كانت حياة سيدة سوداء عادية تعيش في ظل العبودية ويتم بيعها أو معاقبتها من قبل مالكيها إذا أساءت التصرف .
ولكن في الواقع فإن حياة بيدي كانت مختلفة عن باقي السيدات اللاتي عشن نفس ظروفها ، لأنها كانت سيدة قوية تحملت المصاعب وحاربت بشجاعة مثل الرجال لتنال حريتها وحرية عائلتها ، حيث تأخذنا قصة بيدي من عبدة تعيش في المسيسيبي وتعمل في حقول القطن إلى أهم قابلة في مدينة لوس أنجلوس المزدهرة وتستثمر أموالها في تكوين ثروة عقارية صغيرة .
ولكن قبل أن تصل بيدي إلى تلك النهاية السعيدة ، عاشت حياة الرقيق العادية حيث كانت تعمل في حقول القطن وتساعد في أعمال المنزل ، وأيضًا عملت كقابلة أثناء ولادة سيدتها ريبيكا لأطفالها الستة ، ومن المحتمل أن تكون بيدي قد تعلمت مهنة القابلة من زملائها العبيد الأكبر سنًا ، وكانت تلك المهنة تتطلب المعرفة بأساسيات استخدام الأعشاب ومهارات التمريض الأساسية .
وبعد ذلك تحول روبرت سميث إلى الديانة المورمونية وفي عام 1847م قرر الانتقال إلىإقليم يوتا وبالطبع اصطحب معه عائلته وعبيده ، وفي ذلك الوقت كانت بيدي قد أنجبت ثلاثة بنات ، وفي حين أن عائلة سميث سافرت على ظهر الخيل وفي العربات ، سارت بيدي وبناتها على أقدامهن خلف موكب عائلة سميث ، وقد استغرقت تلك الرحلة سبعة أشهر قطعوا خلالها مسافة 1600 ميل من ميسيسيبي إلى يوتا ، وكان عمر أطفال بيدي حين ذاك 10 سنوات و4 سنوات وطفلة رضيعة .
وعاشت عائلة سميث في مدينة سولت ليك لفترة قصيرة ، ثم انتقلت إلى مدينة سان بيرناردينو بولاية كاليفورنيا عام 1851 ، حيث تم بناء كنيسة مورمون ومركز تبشيري هناك ، وكانت كاليفورنيا هي أحدث مدينة انضمت للاتحاد ، وتم الاعتراف بها في عام 1850م كولاية حرة ، وكانت قوانين كاليفورنيا تدين العبودية بدرجة كبيرة وتمنعها إلا في حالة المعاقبة على ارتكاب جريمة .
وعندما علمت بيدي بهذا القانون من أصدقائها السود لم تكن متأكدة إذا كان هذا القانون ينطبق عليها هي وبناتها ، ولكن سميث خشي أن تسحب منه الحكومة عبيه فخطط للهرب إلى ولاية تكساس لأنها ترحب بالعبودية ، ولكن قبل أن يصل سميث إلى تكساس تعقبه روبرت أوينز وهو واحد من الرجال السود الذين حاربوا العبودية ، وأحضر قائد الشرطة المحلية وطلب من سميث المثول أمام القاضي .
وعلى الرغم من أن قوانين كاليفورنيا كانت تناهض العبودية إلا أن القضاة كانوا دائمًا ينحازون للبيض على حساب السود ، ولكن القاضي بنجامين هايز الذي تولى قضية سميث رفض أن يستمع لأقوال سميث وادعاءاته بأن العبيد هم مجموعة من أفراد أسرته وأنهم غادروا المسيسبي بإرادتهم الحرة ، وقرر أن يستمع لشهادة بيدي وزملاءها ، وأصبحت بيدي في النهاية هي وبناتها أحرار للأبد .
وكانت أول ما فعلته بيدي كامرأة حرة هو اختيار اسم جديد لنفسها ، وقد اختارت اسم ميسون ليصبح اسمها بيدي ميسون ، وعاشت هي وبناتها بجوار منزل عائلة روبرت أوينزالذي قدم لها دعمًا كبير لتستطيع مواصلة حياتها كسيدة حرة ، وقد جذبت بيدي انتباه الطبيب جون ستروثر جريفين ، وهو طبيب أبيض ، وقد منح بيدي وظيفة ممرضة لسجناء المقاطعة ، كما أنها عملت كقابلة أيضًا .
وبفضل خبرتها السابقة أصبحت واحدة من أشهر القابلات في الولاية ، وقد كانت تعمل لدى الفقراء والأثرياء في المدينة ، وبعد عشر سنوات اشترت قطعة أرض في ضواحي المدينة بين مزارع الكروم ومزارع البرتقال ، وقد كانت تلك الأرض مصدر رزق لعائلة بيدي وأيضًا للفقراء من سكان لوس أنجلوس الذين يبحثون عن فرصة عمل .
واستطاعت بيدي أن تشتري مزيد من الأراضي والعقارات ، وفي عام 1872م تأسست الكنيسة الأسقفية الأفريقية الميثودية الأولى في منزل بيدي ، وقد دفعت الضرائب عن الكنيسة ، وفي عام 1884م عندما دمرت الفيضانات المنازل في لوس أنجلوس اتفقت بيدي مع أحد محلات البقالة على توفير الطعام للمحتاجين من السود والبيض على نققتها الخاصة .
وعندما كبرت بيدي أصبحت مشهورة في جميع أنحاء لوس أنجلوس باسم الجدة مايسون ، وعند وفاتها في عام 1891 م كانت تملك ثروة تقدر بحوالي 300 ألف دولار وهو ما يعادل 8 ملايين دولار هذه الأيام ، بالرغم من أنها أنفقت بسخاء على المحتاجين من السود والبيض على حدًا سواء .