اسمه أبو المظفر محي الدين محمد أورنك زيب عالمكير، وعالمكير هو لقب يعني زينة الملك أو الذي يحكم الأرض وهو من أعظم الشخصيات التي حكمت بلا الهند وق ورث الحكم عن أبائه وأجداده فجده الأكبر هو تيمور لنك، أما والده فهو شاه جيهان وهو من أكبر وأقوى السلاطين المغول الذين حكموا الهند وقد اشتهر ببنائه ضريح تاج محل والذي أنشأئه لدفن زوجته  أرجمند بانو والتي اشتهرت باسم تاج محل وهي والدة أورنك عالمكير.

لكن بعد وفاة تاج محل وبالرغم من قوة شاه جيهان إلا أنه حزن حزنًا شديدًا على وفاتها وأهمل شئون الحكم بعدها واعتزال الناس تقريبًا، فبدأت الدولة تعاني من الضعف وتربص الأعداء بها من كل جانب، وبدأت بعض الثورات القديمة تظهر من ملوك الهندوس التابعين للهند.

وكان لشاه جهان أربعة أبناء وكان كل واحد منهم يحكم إقليم، وكان درشكوه هو ولي عهد شاه جيهان، فعاد لدلهي ليحكم السلطنة بدلًا من والده.

أما السلطان عالمكير فقد ولد في عام 1619م الموافق لعام 1028 للهجرة في قرية تدعى دوحد بإقليم كجرات بالهند وتمت تربيته من الصغر على الفروسية والقوة وكان قد تعلم الفقه وقراءة القرآن والتجويد وتعلم اللغة العربية والفارسية منذ الصغر، وكان محبًا للعلم والدين وكان يتبع مذهب الإمام أبي حنيفة النعمان.

وعندما عمره 14 عامًا فقط كان والده يشاهد عرض لمجموعة من الأفيال، وكان أورنك زيب يحضر العرض وهو على ظهر حصانه، فهجم الفيل على حصانه وأسقطه أرضًا، لكن أورنك لم يخشى ذلك وأخذ سيفه وبدأ يصارع الفيل، لكن جنود شاه جيهان تدخلوا وأبعدوا الفيل قبل أن يؤذي أورنك.

لكن شاه جيهان بعد تلك الواقعة أعجب بشجاعة وبسالة ابنه وولاه على الدكن وظل يحكمها ثمانية سنوات وخلال تلك الفترة أطلع على أحوال الرعية، وعلم كيف يتعامل مع الطوائف المختلفة بالهند.

عدما عاد درشكوه الأخ الأكبر لأورنك ليحكم بدلًا ن والده لم يرتضي أورنك زيب بولاية أخيه، والسر في ذلك أن درشكوه أراد أن يحيي مذهب ضالًا كان جده الكبير قد اتبعه يسمى ” المذهب الإلهي”، فانتقل عالمكير من الدكن إلى دلهي بحجة أنه يذهب لرؤية أخته المريضة.

أيضًا اتجها إخوته لدهي وكان كل منهما يطمع في الحكم وقد تصارع الإخوة وفي النهاية قتل أحدهما وفر الأخر وتم حبس درشكوه، بينما كان والدهم شاه جيهان منعزلًا يبكي تاج محل، فتم وضعه في قصر مع الخدم وكانت ابنته تقوم على خدمته وظل في منعزلًا حتى مات بعد أن تولى أورنك زيب حكم دلهي بثماني سنوات.

وبعد وفاته تولى أورنك زيب الحكم عام 1.69م وكان عمره حينها أربعين عامًا، وكانت الدولة ضعيفة مفككة، فكان عليه أن بوطد أركان السلطنة، وقد استخدم علمه الشرعي مع خبرته في الحكم لبناء السلطنة من جديد ولذلك استطاع أن يحكم الهند لمدة 60 عامًا تقريبًا

وكان أورنك زيب يقوم بكل شئون المملكة بنفسه، فلم يسمح لأحد أن يقوم بشئون المملكة الكبرى بدلً منه، وكان منتبهًا بشكل كبير للمؤامرات الداخلية والخارجية التي نحاك ضده، حتى أنه اضطر لسجن اثنين من أبنائه أحدهما سجنه مدى الحياة والأخر حكم عليه بالسجن ثماني سنوات لاتصاله ببعض أعداء السلطنة الخارجيين دون إذن والده، وذلك لاعتياد أبناء السلاطين في ذلك الوقت على الانقلاب على أبائهم بمساعدة الأعداء.

وقد قام أورنك زيب بحفظ القرآن كاملًا بعد أن أصبح سلطانًا، كما أنه كان يكتب المصاحف بخط يده، حيث كان خطه رائعًا للغاية، وكان يبيع تلك المصاحف ويعيش من ثمنها، لأنه كان لا يرضى أن يعيش من بيت مال المسلمين، كما أنه كتب مصحفين رائعين وزينهما بالذهب وأرسل أحدهما إلى مكة المكرمة، وأرسل الآخر للمدينة المنورة.

وكان يتمنى الحج طوال حياته لكن قبل توليه السلطنة رفض والده أن يتركه يسافر لأنه كان يحتاج إليه، أما بعد السلطنة فلم يستطيع المغادرة بسب القلاقل والاضطرابات، وكانت الرحلة من الهند لمكة المكرمة طويلة جدًا وكانت بعض الطرق غير آمنة، لكنه استعاض عن ذلك بتيسير سبل الحج لمن أراد ذلك، فمهد الطرق وعمرها وحاول أن يؤمنها.

خلال حياته كتب أورنك زيب كتبًا منها كتاب الفتاوى العالمكيرية ، وقد شارك معه مجموعة كبيرة من علماء الهند، وقد جمع في ذلك الكتاب جميع الأحكام الشرعية، وقد انتشر هذا الكتاب في كافة أنحاء العالم الإسلامي، وقد نشره في دواوين القضاء، كما أنه كان يخصص وقت ليقضي بين الناس بنفسه، ألف أيضًا كتاب فيه أربعين حديثًا على غرار الأربعين النووية.

وبالرغم من زهد عالمكير في الدنيا لكنه لم يترك شئون الدولة كما فعل والده، بل توسعت الدولة في عهده فوصلت لأقصى اتساع لها، ولم يبقى إقليم من أقاليم الهند إلا خضع لحكمه، كما أنه قد أسقط 80 ضريبة كانت مفروضة على الرعية قبل حكمه، وقد حدثت عدة ثورات خلال فترة حكمه لكنه استطاع القضاء عليها وأعاد فرض الجزية على الهنود حتى يؤكد خضوعهم له.

كما أنه حارب البرتغاليين الذين كانوا قد اتخذوا بعض جيوب لهم في البنجال بالرغم من أنهم كانوا يسيطرون على كثير من البحار في تلك الفترة، ومع ذلك يأخذ عليه المؤرخون أنه سمح للبريطانيين باتخاذ مواقع داخل الهند، ولكن يرى البعض أنه كان يهدف للقضاء على البرتغاليين بواسطة البريطانيين.

عند وفاته أوصى عالمكير أن يكفن بكفن بسيط قد اشتراه بخمسة روبيات فقط، وقد توفي أورنك زيب عالمكير  بمدينة أحمد نكر بجنوب الهند في عام 1707م، وكان يبلغ تسعين عامًا تقريبًا.

بعد وفاة السلطان عالمكير تولى ابنه بهادر شاه وقد حكم خمسة سنوات ومات وهو في السبعين من عمره، ولم يكن بهادر شاه حازمًا مثل أبيه فضاعت أجزاء من الهند تحت أثناء حكمه، وبعد وفاته تصارع أربعة من أبنائه على حكم الهند وتفككت الدولة، وكانت بداية سقوط الدولة المغولية في الهند تمامًا.

By Lars