كان ألدر بريمان أو باري سيل واحد من أشهر مهربي المخدرات في أمريكا ، حيث نقل بطائرته أكثر من طن من مادة الكوكايين المخدرة والماريجوانا حتى تم ضبطه في عام 1983م ليتحول لواحد من أهم مخبرية وكالة مكافحة المخدرات في الولايات المتحدة الأمريكية ، وقد كانت حياة باري سيل موضوع لفيلم سينمائي تم إنتاجه في هوليود عام 2017 م من بطولة توم كروز ، ولكن أحداث الفيلم تختلف عن حياة باري سيل الحقيقية .
حياة باري سيل :
لم تكن نشأة باري سيل المتواضعة تشير إلى أنه يمكن أن يصبح شخص هام في يوم الأيام ، فقد ولد في 16 يوليو عام 1939م في باتون روج بلوس أنجلوس ، وكان والده تاجر حلوى وكان عضو في أخوية عنصرية تسمى كو كلوكس كلان التي كان يرمز لها باسم KKK .
أما باري فقد عمل منذ صغره في عدة وظائف بسيطة داخل وحول مطار المدينة القديم ، وقبل تخرجه من المدرسة الثانوية في عام 1957م استطاع أن يتعلم الطيران وحصل على رخصة خاصة لقيادة الطائرات ، وفي عام 1955م انضم إلى وحدة حرس الطيران المدني في مطار لاكفورت بنيوأورليانز ، وفي وقت لاحق انضم للحرس الوطني في لويزيانا وحصل على شارة خبير في سلاح البنادق والمظليين ، وتم تعيينه في القوات الخاصة ، وهي وحدة تابعة للجيش الأمريكي ولها علاقات قوية مع المخابرات العسكرية ووكالة المخابرات المركزية .
وفي الواقع فإن سيل وهو في سن السادسة والعشرين فقط أصبح واحد من أصغر وأفضل الطيارين عبر المحيط الأطلنطي في العالم ، وتم تعيينه قائد لطائرة من طراز بوينج 707 ، ولكن في عام 1972م حدثت أول سقطة مهنية لسيل حيث قبض عليه موظفو الجمارك وهو يحاول تهريب سبعة أطنان من المتفجرات إلى المكسيك .
قامت شركة الطيران التي يعمل لصالحها بطرده بعد تلك الواقعة ، ولكنه نجا من الملاحقة القضائية ، ولا يعرف كيف حدث ذلك ، فالبعض يعتقد أنه لم تتم ملاحقته قضائيًا لأنه كان في ذلك الوقت عميل لوكالة المخابرات المركزية .
وعلى الرغم من فشل سيل في محاولة التهريب الأولى ، إلا أنه استطاع أن يجمع فريق من الطيارين في عام 1976م وبدئوا في تهريب الماريجوانا من أمريكا الجنوبية والوسطى إلى الولايات المتحدة الأمريكية ، وقيل أنه نقل ما يقرب من 1500 كيلوجرام من الكوكايين في تلك الفترة ، ولكن أعمال سيل في التهريب توقفت في عام 1979م عندما اكتشفت شرطة هندوراس وجود بندقية بشكل غير قانوني في قمرة القيادة في طائرة سيل وتم سجنه لمدة تسعة أشهر .
ولكن في ذلك الوقت كان سيل قد كون سمعة كبيرة لدى تجار المخدرات والمهربين ، لأنه كان يتمتع بجرأة كبيرة ، وقد استطاع أن يجذب انتباه منظمة كارتل ميديلين الكولومبية التي تهرب الكوكايين وزعيمها بابلو إسكوبار ، وفي عام 1981 م قام سيل بأول رحلة له لصالح عائلة أوشواس وهي لأحدى العائلات المؤسسة لمنظمة ميديلين الإجرامية ، وقد نجحت هذه العملية لدرجة أن رجال العصابات قد اعتبروا سيل أكبر مهرب مخدرات في ولاية لويزيانا ، وأصبح سيل يتقاضى حوالي 1.5 مليون دولار عن الرحلة الواحدة ، واستطاع أن يجمع ما يقرب من 100 مليون دولار من عمليات التهريب .
وقد استخدم سيل خبرته في مجال الطيران للفرار من السلطات ، حيث كان يحلق على ارتفاعات وبسرعات لا تسمح لشاشات الرادار بالتقاطه ، وكان له شركاء على الأرض يؤمنون له مكان إنزال المخدرات ، فإذا كان المكان آمن يقوم بإلقاء المخدرات الموضوعة داخل حقائب من القماش الخشن في المستنقع ، ثم تقوم المروحيات بنقلها لموقع أخر ، ويتم توزيعها باستخدام السيارات .
وأخيرًا تم القبض على سيل من قبل إدارة مكافحة المخدرات كجزء من عملية تسمى سكريمر كانت تهدف للتسلسل إلى صفوف الطيارين المهربين للمخدرات ، وتم اتهامه بتهريب 200 ألف قرص مخدر ، وعلى الرغم من أن اسمه نشر في الصحف ضمن 75 مهرب آخرين قبض عليهم ، إلا أنه كان يستخدم اسم مستعار للتعامل مع تجار المخدرات ولم يكن أحد منهم يعرف اسمه الحقيقي ، وهذا جعله مرشح مثالي ليصبح مخبر للحكومة .
وتم الإفراج عن سيل مقابل تسليم تجار المخدرات ، وفي مارس 1984م اتفق سيل مع عائلة أوشواس على تهريب شحنة مخدرات بعد الاتفاق مع إدارة مكافحة المخدرات ، وقام بالشهادة ضد قادة منظمة كارتل ميديلين في مقابل أن يحصل على عقوبة مخففة . كما قام بإرشاد الوكالة عن عدد من عمليات التهريب اللاحقة ، وقام بتصوير بعض تلك العمليات ، وقد حاولت إدارة مكافحة المخدرات حمايته ، ولكنه رفض أن يخضع لبرنامج حماية الشهود ، وقام بالشهادة ضد قادة المنظمة ومنهم إسكوبار وعائلة إشواس وليدر ، وكان اثنين من هؤلاء خارج السجن ، وفي 16 فبراير 1986م أطلق ثلاثة أشخاص النار على سيلبأمر من إسكوبار لتنتهي حياته ويسكت إلى الأبد .