ولد فيليكس هوفمان في عام 1868م لأسرة صناعية حيث كان والده مصنعًا في لودفيجسبورج بألمانيا ، مما دفع ابنه الشاب للإعجاب بعملية التصنيع والعمليات الكيميائية ، وقد بدأ عمله الخاص من خلال العمل في الصيدليات عبر ألمانيا ، ثم التحق بجامعة ميونخ وحصل على درجة الدكتوراه بامتياز عام 1893م .

وسرعان ما لاحظ أستاذه البروفيسور أدولف فون باير ( الذي حصل على جائزة نوبل في الكيمياء 1905م عن عمله في تصنيع الأصباغ ) براعته في الكيمياء والصيدلة ، لذلك طلب منه أن يعمل في شركة باير الألمانية لصناعة الأدوية والأصباغ ، وبالفعل انضم هوفمان لقسم الأبحاث الصيدلانية الذي كان قد أنشأ حديثًا في شركة باير الموجودة في إلبيرفيلد بألمانيا .

وكان هوفمان من المهتمين بإنشاء مواد جديدة يمكن استخدامها كأدوية وليس فقط إعادة إنتاج المكونات النشطة من المواد الطبيعية ، وقد كان يدفعه لذلك أنه أراد أن يخفف آلام الركبة التي عاني منها والده .

اختراع الأسبرين :
كان هوفمان الأب يعاني من التهاب مفاصل مزمن جعل حركته صعبه ، وكانت المسكنات في تلك الفترة غير كافية لتخفيف الآلام الشديدة ، كما كان لها آثار جانبية خطيرة .

وقد قادت أبحاث هوفمان إلى حمض الساليسيليك وهو مادة موجودة في لحاء شجرة الصفصاف ، وكان العلماء قد توصلوا لعزله في المختبر بالفعل في ثلاثينيات القرن التاسع عشر وخلقوا منه شكل نقي ، وفي عام 1859م استطاع الكيميائيين إنتاجه صناعيًا ، ولكن للأسف هذه المادة سببت آلام في المعدة جعلت من الصعب استخدامها بشكل يومي .

ولكن هوفمان استطاع أن يجد طريقة لجعل ابتلاع هذا المركب بشكل يومي آمن ، وذلك باستخدام حمض الأسيتيك وهو المادة الكيميائية النشطة في الخل ، وتمكن من تكوين شكل نقي ومستقر كيميائيًا من حمض الساليسيليك في 10 أغسطس 1897م .

وفي البداية شكك المجتمع العلمي في اكتشاف هوفمان ، ولكن بعد أن قام كيميائي أخر زميل لهوفمان بالتحقق منه تم تجريبه على البشر ، وقد قام هاينريش دريسر رئيس مختبر باير للأدوية باختبار هذه المادة الجديدة على نفسه ، ووجد أنها خففت الألم والحمى دون ظهور الآثار الجانبية التي تؤثر على المعدة التي سببها حمض الساليسيليك من قبل .

وتم اسمية اسم حمض أسيتيل الساليسيليك اسم أسبرين Aspirin ، حيث تم أخذ  “A” للأسيتيل acetyl و “spirin” من كلمة Spirea وهي اسم الشجرة البديلة التي تنتج حمض الساليسيليك .

قامت شركة باير بتسويق مادة الأسبرين في شكل مسحوق معبأ في زجاجات في وقت مبكر من عام 1899م ، وقد حاولت الشركة تسجيل براءة اختراع لهذا المركب في ألمانيا ولكنها فشلت لأن حمض أسيتيل الساليسيليك كان قد تم إنتاجه في وقت سابق ، ولكنه لم يكن مستقر كيميائيًا ويمكن استخدامه على عكس التركيبة التي اخترعها هوفمان .

ومع ذلك حققت باير مستوى مبيعات مرتفع وأصبحت اسم شهير في جميع أنحاء العالم ، وأصبح هوفمان رئيس قسم الصيدلة في الشركة .

اختراع الهيروين :
وفي تلك الأثناء كان دريسر يبحث في خصائص مادة الكودايين الخاصة بتسكين الألم ، وهي مركب كيميائي يأتي من الأفيون ولكنها أضعف من المورفين ، وقد أراد أن يرى كيف يؤثر الكوديين على التنفس ، وطلب من هوفمان أن يقوم بنفس العملية التي قام بها على حمض الساليسيليك على أمل أن ينتج الكوديين .

ولكن بدلًا من أن ينتج الكوديين كانت النتيجة إنتاج الهيروين ، ولم يكن الهيروين يصلح للحصول على براءة اختراع ، وكن ليس بسبب كونه مادة مخدرة ، ولكن لأنه سبق اكتشافه في سبعينيات القرن التاسع عشر ، فلم يكن الباحثون يدركون حتى ذلك الوقت مخاطر الهيروين ، ولذلك تم بيعه كدواء مهدئ للسعال ولتخفيف آلام الولادة وإصابات الحروب وتخدير المرضى والسيطرة على مرضى الأمراض العقلية .

الوفاة
تقاعد هوفمان عام 1928م ، وتوفي وهو رجلًا غنيًا ولكن وحيدًا في سويسرا عام 1946م ، بعد أن ترك اثنين من الاختراعات أحدهما خفف آلام الملايين ، والأخر قاتل خطير .

By Lars