لم يكن الناس في الماضي يمكن أن يتخيلوا أن الإنسان يستطيع الطيران أبدًا ، فكيف يمكن للبشر أن يطيروا بدون أجنحة ؟ وكانت فكرة الطيران برمتها تبدو فكرة مجنونة وخطيرة ، وحتى أن البعض في السابق جرب أن يستخدم صنع أجنحة مثل أجنحة الطيور ليطير بها ، ولكن تلك المحاولات باءت بالفشل ، وقد تعرض أصحابها للسخرية الشديدة .

ولكن مع التطور الذي حدث في القرن بعد الثورة الصناعية وامتلاء العالم بالكثير من الاكتشافات والاختراعات الجديدة عادت الفكرة للظهور مجددًا ، وحاول البعض كسر الحدود القديمة ، لذلك حاول العديد من المخترعين ابتكار طائرة منهم أورفيل وو يلبور رايت المعروفان باسم الأخوان رايت .

الطيران باستخدام المنطاد :
ولكن قبل الطائرة نجح البشر في الطيران عبر المناطيد ، وقد تمت أول محاولة طيران ناجحة بالمنطاد في فترة الحرب العالمية الأولى ، وكان المنطاد يعتمد على فكرة الطفو فوق الهواء مثلما تطفو السفن فوق الماء ، ولكن من خلال ملء بالون كبير الحجم أو عدة بالونات بغاز أقل كثافة من الهواء ليرتفع البالون لأعلى ، وكان الغاز الأكثر استخدامًا في البداية هو الهيليوم والنيتروجين الذي كان يعتبر خطيرًا لأنه قابل للاشتعال ، وبالفعل تسبب الهيدروجين في عدة حوادث ، مثل كارثة هيندنبورغ .

وقد ظل العلماء يبحثون عن طريقة أكثر أمانًا للطيران باستخدام المحركات ، ولكن كان معظم مخترعي الطائرات في ذلك الوقت مندفعين لذلك فإن معظم تلك الطائرات تحطمت على الفور قبل أن ترتفع ، ولم يعرف حتى مخترعيها أسباب التحطم ، ولكن الأخوان رايت كانا أكثر علمية ومنهجية.

محاولات الأخوان رايت الناجحة :
وقد بدؤوا في اختبار أفكارهم أولًا في نماذج صغيرة قبل أن يقوما ببناء الطائرة الفعلية ، كما أنهم قاموا بتدوين كل الملاحظات عن النماذج الأولى ، ثم يضعون فرضيات أو تخمينات ، ثم يقوموا بمزيد من التجارب للتأكد من صحة فرضياتهم وهذا وهو ما يعرف باسم “المنهج العلمي في التفكير” .

على سبيل المثال قام الأخوان رايت بصنع نفق هوائي لمقارنة أشكال جناح الطائرة المناسب ، وكان ذلك من خلال توصيل مروحة متجر قديمة بصندوق خشبي طوله 6 أقدام وقاموا بنفخ الهواء في العديد من نماذج الأجنحة المصغرة بقياسات مختلفة ولكنها دقيقة ، وفي النهاية توصلا لعدد من المقاييس الناجحة لجناح الطائرة ، كما قام الأخوان بصنع طائرات ورقية لا حصر لها بالإضافة إلى طائرات شراعية لاختبار التصميمات المختلفة للطائرة ، كما درسوا حركات الطيور وحللوها بشكل ناجح .

وفي النهاية شعر الأخوان رايت أنهما على استعداد لاختبار طائرتهما ، ولكنهما أراد أن يجرباها في المكان الصحيح ، وكتبوا طلبًا للأرصاد الجوية في الولايات المتحدة ، وقد أخبرهم كيتي هوك أن كارولاينا الشمالية هي المكان المثالي للاختبار بسبب وجود رياح عاتية بها وتضاريس جبلية وأيضًا كثبان رملية حتى لا تحدث كارثة في حالة سقوط الطائرة .

وقد اختبر الأخوان الطائرة الشراعية الأكبر حجمًا التي قاما بصنعها ولكنها كانت بدون محرك ، وكانت تعتمد فقط على الرياح لتحريكها ، ثم بدؤوا في إضافة ذيل متحرك ، ومراوح مزدوجة وأسلاك لتوجيه الأجنحة ، ومحرك يعمل بالبنزين .

وأخيرًا في 17 ديسمبر 1903م بدأت تجربة “الطائرة الأولى” على رمال كيتي هوك ، وكان وزن الطائرة أكثر من 600 رطل ، أما طول الجناح فكان 40 قدمًا ،  وبالفعل نجحت لأول مرة في التاريخ ارتفاع طائرة بالمحركات عن الأرض لمدة اثنتي عشرة ثانية وسافرت لمسافة 120 قدم فقط .

واستمر الأخوان رايت في تحسين النموذج الأولي للطائرة وبذلك قاما بتغير شكل النقل في العالم إلى الأبد ، فبعد مرور 10 سنوات فقط على تجربة الأخوان رايت ، انطلقت أول رحلة رسمية لنقل الركاب بواسطة طائرة الركاب الروسية سيكورسكي إيليا موروميتس ، وكانت طائرة فخمة مزودة بصالون للركاب وصالة استراحة وغرفة نوم ودورة مياه وإضاءة وتدفئة كهربائية ، وكانت أول رحلة للطائرة إيليا في 10 ديسمبر 1913 وكانت رحلة لاستعراض الطائرة على متنها 16 راكب .

الطائرات الحربية :
كما تم توثيق استخدام في الحروب لأول مرة خلال الحرب كانت في الحرب العالمية الأولى ولكنها كانت طائرة خشبية خفيفة مجهزة برشاش خفيف فقط ، وكانت تستخدم على نطاق ضيق جدًا وتكاد تكون عديمة القيمة ، وظلت محاولة تطوير الطائرات الحربية في الفترة بين الحربين العلميتين ، ولكنها كانت على نطاق ضيق ، ولكن في الحرب العالمية الثانية تم استخدام الطائرات كسلاح حاسم في المعارك ، وكانت ألمانيا متفوقة في مجال الطيران الحربي حيث اشتهرت بمقاتلتها ” مسر شميدت” ، وقد استمر العمل على تطوير الطيران الحربي بشكل كبير خلال فترة الحرب .

By Lars