إن الوطن العربي يزخر بشخصيات نسائية مشرفة ، نساء اجتهدن في العمل ، حتى لمعت أسمائهن في أرجاء الوطن العربي ، بل ووصلوا من المحلية للعالمية ، فهن نساء يستحقون تسليط الأضواء عليهن ، فهن لسن فقط فخر لبلدانهن ، وإنما واجهة مشرفة للعالم العربي بأثره ، ومعنا شخصية من تلك الشخصيات التي تعد نموذج للمرأة العربية الناجحة ، فالتألق والطموح والجدية في العمل ، هم بعض السمات التي تتميز بها ، والمنافسة القوية في سوق العمل هي ما يميزها ، انها المخرجة الإماراتية نايلة الخاجة .
الميلاد والنشأة والدراسة :
هي نايلة الخاجة ، من قبيلة الخاجة الإماراتية ، ولدت نايلة في 7 مارس عام 1978م ، في إمارة دبي ، ونشأت وترعرت في الإمارات العربية المتحدة ، أحبت نايلة الأفلام منذ الصغر، فكانت تتسلل إلى مكتبة والدها لاختيار ما تريد من بين مجموعة أفلامه الواسع، وعلى عكس الأطفال الآخرين ، لم تكن نايلة تشاهد الكارتون ، بل تهوى مشاهدة الأفلام العربية القديمة وروائع هوليود ، تدرجت نايلة في المراحل الانتقالية للدراسة داخل الغمارات العربية المتحدة ، وفي عام 1999م حصلت نايلة على شهادة في الاتصال الجماهيري من كلية دبي للطالبات ، وفي عام 2005م تخرجت نايلة من جامعة رايرسون الكندية ، في مجال الإخراج وصناعة الأفلام .
الحياة المهنية لنايلة الخاجة :
بعد إكمال دراستها في الخارج ، عادت نايلة مرة أخرى إلى الإمارات العربية المتحدة ، ودخلت فعلياً عالم الإخراج في عمر الـ 21 ، حين تطوعت للعمل على فيلم وثائقي وأغرمت بمجال صناعة الأفلام ، .وبدأت مسيرتها المهنية السينمائية في صنع العديد من الأفلام القصيرة تستهدف كل الجماهير، تحدت بها مجتمعها ولم يقف أمام طموحها أي عائق .
في عام 2004م ، خاضت مجال صناعة الأفلام الوثائقية ، فقامت بصناعة وإنتاج فيلم وثائقي يروي قصة دبي بعيني مخرج غربي يزورها للمرة الأول ، وكان بعنوان كشف النقاب عن دبي .
وفي عام 2005م ، قامت نايلة الخاجة بتأسيس شركة إنتاج سينمائي خاصة بها D -SEVEN الصور المتحركة ، وهو مشروع مشترك مع شركات مثل كانون ، ووزارة الثقافة وتنمية المجتمع لتعزيز صناعة الأفلام المستقلة .
وفي عام 2006م أثار فيلمها الأول بعنوان( Arabana)وقد أثار جدل واسع ، حيث تناول موضوعاً حساساً وهو الإعتداء على الأطفال ، وفي عام 2009م ، كان موضوع فيلمها الثاني بعنوان ( Once) ، عن فتاة في الثامنة عشرة من عمرها ، تخرج في موعدها الأول في دبي ، ويتم استهدافها .
وفي عام 2010م ، أنتجت فيلمها الثالث بعنوان (ملل ) ، ويدور أحداث الفيلم عن الزواج والحياة المشتركة ، وفي عام 2012م قامت نايلة الخاجة بصنع أفضل أفلامها ، وهو الفيلم المستوحى من قصة حقيقية قد حدثت في الإمارات العربية المتحدة في فترة الستينات ، و التي تتكلم عن فتاة صغيرة تضيع في الصحراء … وفي عام 2013م ، قامت نايلة الخاجة بصنع فيلم three .
وهكذا بدأت مسيرة المنتجة السينمائية في صنع العديد من الأفلام القصيرة التي استهدفت كل الجماهير ، فبالرغم من تدنّي المستوى السينمائي في الإمارات ، فقد ثابرت نايلة الخاجة لتثبت جدارتها في هذه المهنة ، وبالفعل قد ساهمت في تطوير الإنتاج السينمائي في بلدها .
وفي عام 2018م ، تم عرض أحدث أفلام نايلة الخاجة ، خلال مهرجان دبي السينمائي ، وعنوانه (حيوان) ، وهو مقتبس عن قصة حقيقية ، وبالتحديد قصة طفلة عاشت سنوات من الرعب والخوف الشديدين في ظل جبروت والدها ، وتربيته القاسية والعسكرية ، وكان الكلام والبكاء ممنوع عليها وعلى أشقائها ، فكانوا يختبؤون للتعبير عن حزنهم بحريّة ، وقد دفعها الخوف والألم الشديدين من طفولتها إلى أن تصبح امراة قوية جداً .
كما تشغل الأيقونة الإماراتية نايلة الخاجة ، منصب الرئيس التنفيذي لشركتها (نايلة الخاجة للأفلام )، كما حملت أيضًا لقب مؤسس نادي (المشهد) ، وهو أول ناد مستقل للسينما في دبي ، يضم أكثر من 22 ألف عضو .
نجاحات وجوائز نايلة الخاجة :
في عام 2006م ، حازت نايلة الخاجة على جائزة أفضل مخرج إماراتي ، من مهرجان دبي السينمائي الدولي ، وقد حصل الفيلم ملل على المركز الأول في المهرجان ، وفي عام 2010م ، حصلت نايلة الخاجة على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان الخليج السينمائي عن فيلم ملل … كما أنه حصل الفيلم (ملل) على المركز الأول أيضا في مسابقة المهر الإماراتي .
وفي عام 2010م ، فازت نايلة الخاجة من المجلس الثقافي البريطاني الدولي المموّل لمشروع يونج للشاشة بجائزة ، بعدما نافست عشرة مرشحين نهائيين من جميع أنحاء العالم .
وفي عام 2011م تنافس فيلم ( ملل) في قسم الأفلام القصيرة في مهرجان تريبيكا السينمائي في نيويورك ، وحتى اليوم ، شاركت أفلام الخاجة في ما يفوق 42 مهرجاناً حول العالم ، وقد شاركت مؤخراً في مهرجان دبي السنمائي عن أحدث فيلم لها (حيوان) ، كما تحمل أيضًا لقب مؤسس نادي (المشهد) ، أول نادٍ مستقل للسينما في دبي ، يضم أكثر من 22 ألف عضو .
وفي عام 2017م ، حصلت نايلة الخاجة على جائزة لجنة الحكم كأفضل فيلم قصير ، من مهرجان إيطاليا للأفلام ، وفي عام 2018م حصلت نايلة الخاجة على جائزة أخرى من مهرجان رأس الخيمة للفنون الجميلة .
كما دخلت نايلة الخاجة ضمن قائمة أكثر 100 شخصية تأثيرًا في دبي … كما أنها أول إماراتية تخوض مجال صناعة الأفلام ، وتعتبر نايلة الخاجة اليوم ، من أهم الشخصيات في هذا المجال كما أنها عنصراً أساسياً محركاً للعمل السينمائي في الإمارات ، نظراً لكل الإنجازات التي حققتها .
نايلة الخاجة نموذج مشرف للمرأة العربية :
وبالرغم من أن نايلة الخاجة لم تحصل على دعم عائلتها من البداية ، وتفضيل أهلها أن تتخصص في مجال مختلف نظراً إلى كونها امرأة ، وخوفاً عليها من أن تنغمس في جوّ قد يسيء إلى سمعتها ، لكنها ثابرت وأصرّت على الاستمرار .
وبرغم الصعوبات التي واجهت نايلة الخاجة ، فيما يتعلق بصناعة الأفلام في الإمارات ، حيث كان من أبرز التحديات التي واجهتها ، هو غياب المنتجين وكتّاب السيناريو عن الساحة ، مما يجبر معظم المخرجين على إنتاج الأفلام بأنفسهم ، عوضاً عن التركيز على الجانب الإبداعي ، إضافةً إلى الاستعانة بكتّاب من الخارج .
فتحدت نايلة الخاجة باجتهادها وموهبتها الفطرية ، كل هذه الصعاب حتى أصبحت ألمع مخرجة على الساحة الإقليمية بصفتها أول إماراتية تخوض هذا المجال ، فنايلة الخاجة ليست فخرًا لوطنها الإمارات العربية المتحدة ، ولكنها فخر للعرب أجمع ، ونموذج مشرف للمرأة العربية الناجحة المجتهدة .