النجاح ليس مجرد كلمة بسيطة ، وإنما كلمة تحمل العديد والعديد من التجارب ، بعضها مؤلم ، والبعض الأخر يحمل إصرارًا وقوة تحمل ، وإرادة قوية ، ومن النماذج الرائدة من أبناء المملكة ، نجد الطبيب عبدالله محمد ربيعة .
نشأته :
وٌلد الطبيب عبدالله ربيعة ، بمكة المكرمة عام 1955م ، وعاش الدكتور ربيعة طفولة بريئة ، مليئة بالحكايات التي ساهمت في تأسيسه ، وتشكيل حلمه ؛ في صغره تعرض الدكتور ربيعة لحادث سقوط من أعلى دراجته ، والتي أدت إلى شق رأسه واضطرار الطبيب المعالج لخياطة الجرح ، من المؤلم بالطبع أن يتم ذلك دون تخدير ، ولكن والد الدكتور ربيعة شجعه ، قائلاً له بأنه سوف يصبح طبيبًا جراحًا ، ويعالج المرضى دون ألم .
بتلك الكلمات تشكّل حلم الدكتور ربيعة منذ صغره ، فكان تلميذًا مجتهدًا ونابغًا بشدة ، في المرحلة الابتدائية من التعليم ، وعند وصوله إلى المرحلة المتوسطة ، بدأ تفكيره ككل يتمحور حلو أمله وطموحه ، في أن يصبح طبيبًا جراحًا ، يعالج المرضى بدون ألم ، كما وعده والده ، ويساعدهم على إدخال السرور إلى قلوبهم ، فالطب من وجهة نظره مهنة سامية وراقية إلى حد كبير .
مع بداية هذا الحلم ، الذي اتخذ خطوات واضحة وجدية من أجل تحقيقه ، اجتهد الدكتور عبدالله الربيعة ، ومرت فترة مراهقته بسلام ، ولم يشتكِ أحد والديه من تلك المرحلة ، التي يحمل همها العديد من الآباء تجاه أبنائهم ، فعبدالله الربيعة كان صاحب هدف ، وخطة واضحة يريد تنفيذها .
أنفق الطبيب عبدالله الربيعة المزيد من الوقت والجهد ، لصالح هدفه النبيل ، وما أن أنهى مرحلة التعليم الثانوي ، حتى أكرمه المولى عزوجل ، بأولى خطوات تحقيق حلمه ؛ وهي التحاقه لدراسة الطب بالجامعة ، ولم يكن الطبيب عبدالله الربيعة طالبًا عاديًا ، بل أراد التميز حتى اللحظات الأخيرة ، فصار يصعد طوال سنوات دراسته بكلية الطب ، ويحصل على المركز الأول بدفعته طوال سنوات الدراسة .
عودة الطبيب ربيعة إلى المملكة :
شأنه شأن غيره ممن درسوا الطب ، غادر الطبيب عبدالله الربيعة المملكة ، متجهًا إلى وسط كندا من أجل استكمال دراسته للطب ، وحصوله على شهادة الماجستير من أرقى وأفضل الجامعات الكندية ، تلك الرحلة التي أخذت من سنوات عمره خمسة أعوام متتالية ، كان قد ابتعد خلالها عن أسرته الصغيرة ووطنه أيضًا .
تلك الغربة التي جمع خلالها بين محبته للأطفال ، ولفنون الجراحة كما يصفها ؛ حيث تخصص في جراحة الأطفال ، ولكن لكل شيء ثمن ، وكان الثمن الذي دفعه الطبيب ربيعة ، هو تذمر ابنته الصغيرة لشدة غيابه عنهم ، وطلبها من والدتها ، أن تشتري لها أبً بديلاً يستطيع قضاء وقتًا أطول معها .
بالطبع كان الطبيب ربيعة يشعر بتقصيره المبالغ تجاه أبنائه ، ولكنه كان يؤمن دائمًا بأن كيفية قضاء الوقت مع أطفاله ، أكثر أهمية من عدد الساعات التي يقضيها معهم .
وبالفعل ، اتخذ الطبيب ربيعة قراره للعودة إلى المملكة ، ولكن ما كان يشغله هو كيفية رد الجميل ، لهذا البلد الذي منحه كل ما يملك من علم ، وصنع منه رجلاً يحتذى به في الأوساط الطبية ، حيث كان الطبيب ربيعة هو الجراح الوحيد بالمملكة ، المتخصص في جراحات الأطفال ، ولم يكترث كثيرًا ، للراتب أو المال ، أو الراحة والحياة الجيدة والمرفهة في كندا .
التخصص الجراحي :
تخصص الطبيب ربيعة في جراحات فصل التوائم السيامي ، الأمر الذي أعطاه شهرة متميزة ، عربيًا وعالميًا ، وتحدثت بشأنه أهم وكالات الأنباء العالمية ؛ مشيرة إلى الطبيب العربي المسلم الذي لا يفرّق بين المرضى ، سواء أكانوا مسلمين أم مسيحيين ؛ حيث لجأ إليه أبوان مسيحيان من أجل فصل توءمهما ، عقب رفض عددًا من الكنائس التكفل لهما بتكلفة العملية الجراحية ، وقدم لهم الطبيب الربيعة كافة الدعم المطلوب وأسلم الأبوان بعد ذلك .
المناصب :
وتقلد الطبيب الربيعة عددًا من الوظائف الإدارية بالمملكة ، ولكنه لم يبتعد عن ممارسته للطب ، فهي الحلم المتميز ، الذي نبأه به والده في صغره ، وسعى هو بفضل الله ، إلى تحقيقه ، وجدير بالذكر ، أن الطبيب عبدالله محمد الربيعة ، قد شغل منصب مستشارًا بالديوان الملكي ، ورئيسًا للمستشفى التخصصي بمدينة الرياض .