دائمًا كان أمباني يردد مقولة : (إذا ولدنا فقراء فهذا ليس خطأنا ولكن إذا متنا فقراء فإنه خطئنا ) ، هذا الشاب الهندي دهيروبهاي أمباني الذي هاجر إلى اليمن ليصبح عامل بمحطة وقود ، وعاد للهند ليسكن بمكان متواضع يشارك فيه العائلات بدورة مياه واحدة ، كافح كثيرًا إلى أن حقق حلمه .
ففي عام 1949م وقبل أن تظهر نتائج الثانوية العامة ، استدعى والد أمباني ابنه قائلًا له : يا بني أنت تعلم أننا أسرة فقير للغاية وأنا أصبحت عجوزًا لا استطيع كسب المال ، ولكني لا أستطيع أن أتحمل تكاليف تعليمكم ، وأريد منك أن تعمل وتكسب المال من أجل العائلة ، لهذا رتبت لك عملًا باليمن يجب عليك الذهاب إليه .
وكانت والدة أمباني تضغط عليه باستمرار كي يعمل ويساعد والده ، لأنها تعلم أنه يمتلك الطاقة والموهبة والذكاء ، لذلك قبل أمباني عرض والده حينما طلب منه أن يرحل ليعمل باليمن ويساعد عائلته وحتى يساعد والده المريض أيضًا ، وبالفعل ركب أمباني السفينة المتجهة لليمن وهو بعمر 17 عامًا فقط .
هذا الشاب الذي لم يغادر قريته مطلقًا ركب الآن البحر وسيذهب لبلد لا يعرف عنه شيء ، وبالفعل وصل إلى عدن وذهب إلى مكتب الشركة التي سيعمل بها ، وسكن بغرفة مع العمال وكان يتقاضي 300 روبية فقط مقابل عمله بمحطة الوقود .
كانت عدن في هذا الوقت من أهم موانئ العالم كله ، فقد كانت مركزًا لتزويد السفن بالوقود وتداول النفط ، وبها احتك أمباني بشعوب وأعراق كثيرة وهذا جعله يتقن عدة لغات ، ومنها اللغة العربية التي أحبها وأجادها للغاية حتى أنه حفظ الأمثال العربية ، وقرر أن يعمل كمنظم للأعمال المكتبية إلى جانب عمله بمحطة الوقود .
وفي فترات الراحة كان يتجول بالأسواق حيث يتواجد التجار من جميع أنحاء العالم ، وكان دائمًا يستمع لحواراتهم وينصت لطريقتهم في المفاوضات وسبل التسويق ، فتولد لديه شعور كبير بالميل للتجارة ولكنه كان لا يمتلك المال ، لذا بدأ يعمل لساعات أطول كي يوفر المال اللازم للتجارة .
وبالفعل ادخر مبلغ ولكنه لم يكفي لعقد أي صفقة ، فقام بالاقتراض من أصدقائه وأخبرهم أنه في حالة الربح سيصبحون شركائه وفي حالة الخسارة سيتحملها هو وحده ، وبدأ أمباني يتاجر في الأشياء البسيطة وبفضل موهبته وذكائه بدأ يربح ويحقق النجاح ، ولكن في تلك الفترة بدأت حركة التحرير باليمن تزداد ضد المستعمر البريطاني ، وبدأت جاليات كثيرة تغادر اليمن وكان أمباني من بينهم .
وقبل أن يغادر قال لأصدقائه سأمتلك يومًا شركة للنفط فظن الجميع أنه يمازحهم ، وبعدها عاد مع زوجته وابنه إلى قريته الفقيرة بالهند ، ومات والده بعد عدة أسابيع فقط من عودته ، بعدها قرر أمباني أن ينتقل لمدينة بومباي كي يتاجر بالمبلغ الصغير الذي جمعه من اليمن ، وسكن بمدينة بومباي بشقة صغيرة وعمارة متهالكة ودورة مياه مشتركة للجميع .
وقرر أن يبدأ تجارته بالتوابل وبدأ يبعث برسائل لأصدقائه باليمن ليرسلوا له التوابل ، وقدم لهم أسعارًا جيدة فوفروا له الطلبات على وجه السرعة ، وهكذا بدأ عمله يزدهر وطلب منه تاجر خليجي كمية سماد للتربة ، فاستطاع أن يجمعها بسرعة له كما اشترط عليه التاجر ، وكان ذلك مقابل مبلغ كبير من المال .
وبهذا المبلغ بدأ شراكة في تجارة الغزل والنسيج وأسس مكتب صغير مع قريب له ، وبدأ يعمل بجهدٍ كبيٍر ويجني الأموال وأنتج نوعًا جديدًا من النسيج اسمه بامبير ذو لمعة مميزة ، فأقبل عليه التجار اليابانيين ولكن بعد فترة اختلف مع شريكه وانفصل عنه وأسس وحده مصنع صغير للنسيج ، ولكن تجار الجملة حاربوه فبدأ يذهب بنفسه ليسوق منتجه .
وكان يقول لتجار التجزئة أنا أمباني رجل من الشارع ، أريد أن أصبح كبيرًا وأريدكم أن تكبروا معي ونجحت طريقته تلك في جلب التجار ، بعدها بدأ يوسع صادراته في مجالات كثيرة ، ومنها التوابل والأسمدة إلى جانب الأقمشة وبدأ أمباني يحلق عاليًا ويحقق نجاحات كثيرة .
وفي عام 1980م استدعي ابنه موكيش من أميركا ، حيث كان يدرس هناك وطلب منه أن يبقى إلى جواره ودخلوا معًا في استثمارات جديدة ، وساعد موكيش والده في تحقيق حلمه وأسس أكبر مصنع للمواد البترولية بالعالم ، وحقق من وراءه ثروة كبيرة جدًا وأنشأ أمباني بعد ذلك واحدة من أكبر شركات الاتصالات .
وأيضا شركة في البتروكيماويات حتى أصبحت عائلة دهيروبهاي أمباني من أغنى أغنياء الهند وأسيا ، وقدرت ثروته ب 70 مليار دولار بعد أن كان فقيرًا لا يملك شيء ، ولأمباني مقولة شهيرة أصبحت خالدة في الثقافة الهندية وهي : (فكر بسرعة فكر في الأمام فكر فيما هو كبير ، فالأفكار ليست حكرًا لأحد) .