قد يظن البعض منا ، أن الأحلام لا تجوز سوى لأشخاص ، لديهم الإمكانات الجسدية ، التي تجعلهم يستطيعون المثابرة والمضي قدمًا ، بخطوات ثابتة وجريئة في هذه الحياة ، بينما ذوي الهمم لا يملكون أن يحلموا ، ويأملوا بغد أفضل سواء لهم أو لغيرهم .
ولعل تلك الصورة السلبية ، بشأن ذوي الهمم قد تغيرت ، بفضل كل من استطاع منهم ، أن يحقق هدفًا وإنجازًا ، يفخر به الجميع ، سواء داخل المملكة أو خارجها ، ومن بين هؤلاء المتميزون ، الطبيبة والباحثة والعالمة ملاك عابد الثقفي ، إبنة مكة المكرمة ، التي حصلت على مكانة علمية كبيرة ، على الرغم من معاناتها من مرض جيني ، يدعى فرط التنسّج الكظري. وتلك هي قصة نجاحها .
الحياة العلمية للطبيبة ملاك عابد الثقفي :
حصلت الطبيبة إبنة مكة المكرمة ، على تقدير بمرحلة الثانوية العامة أهّلها للالتحاق بكلية الطب ، التي طالما حلمت بها ، كما أحرزت بتقديرها المتميز ، المركز الخامس على مستوى منطقة مكة المكرمة .
بدأت الطبيبة ملاك الثقفي مسيرتها بكلية الطب ، حتى تخرجت منها بجامعة الملك عبد العزيز ، لتنطلق فيما بعد ، صوب عدة جامعات أمريكية ، لتستكمل بها دراستها ، فالتحقت بجامعات ستانفورد ، وجامعة كاليفورنيا وجامعة جورج تاون بسان فرانسيسكو ، وأخيرًا جامعة هارفارد ، لتدرس بهم في تخصص ؛ علم الأمراض الإكلينيكية والتشريحية والعصبية والجينية الجزيئية ، وتحصل بذلك على أربع بوردات أمريكية .
لم تكتفي الطبيبة ملاك الثقفي ، بهذا القدر فقط من العلم ، بل بذلت الجهد لتحصل أيضًا ، على ماجستير في الأعمال والإدارة الطبية ، من جامعة جونز هوبكنز، الواقعة بمدينة بالتيمور ، في ولاية ماريلاند بالولايات المتحدة .
عقب أن انتهت الطبيبة ملاك ، من دراسة الأعمال الطبية ، اتجهت مرة أخرى للحصول على الزمالة البحثية ، بتخصص الأورام الطبية وبيولوجيا السرطان ، بمركز دانا فاربر للأورام ، والذي يتبع جامعة هارفارد ، التي درست بها الطبيبة ملاك .
الحياة المهنية للطبيبة ملاك الثقفي :
عُينت الطبيبة ملاك الثقفي ، إثر حصولها على الزمالة ، محاضرًا بمركز دانا فاربر للأورام ، التابع لجامعة هارفارد ، كما عُينت بنفس المكان بصفة باحثة وطبيبة استشارية ، ثم تم تعيينها كطبيبة استشارية ، في مدينة الملك فهد الطبية ، إلى جانب تعيينها كأستاذ بحث مساعد ، بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا .
لم تتوقف المسيرة المهنية الرائعة ، للطبيبة ملاك الثقفي ، عند هذا الحد فقط ، بل تمكنت الطبيبة المتميزة ابنة المملكة ، من الحصول على عمل بدوام جزئي ، في كل من مشفى النساء ، وكلية الطب بجامعة هارفارد ، وفي ومشفى برجهام أيضًا ، كما عملت بمشفى جامعة جورج تاون بواشنطن دي سي ، بصفتها رئيسًا للأطباء المقيمين .
كل هذا إلى جانب عملها على نشر ، إنتاج ضخم ومتميز من أوراق البحث العلمي ، والأبحاث والدراسات في أشهر المجلات العلمية المتخصصة ، خاصة في مجال الجينوم والأورام .
أهم الجوائز التي حصلت عليها الطبيبة ملاك الثقفي :
تمكنت الطبيبة ملاك الثقفي ، من تكليل جهودها العلمية القيّمة ، بالحصول على عدد من الجوائز رفيعة المستوى ، سواء على المستويين المحلي والدولي ، وكانت أبرزها هي مقابلة خادم الحرمين الشريفين لها ، في عام 2010م عندما استقبل أطباء المملكة حينذاك .
وحصلت الطبيبة والعالمة ملاك الثقفي ، على جائزة مكة للتميز العلمي ، من صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل ؛ وهو مستشار خادم الحرمين الشريفين ، وأمير منطقة مكة المكرمة ، كما تلقت خطاب شكر ، من الرئيس الأمريكي السابق ، باراك أوباما .
لم تتوقف مسيرة نجاح الطبيبة ملاك الثقفي ، عند هذا الحد فقد أحرزت المزيد من الجوائز ، وحصدت الكثير من التكريمات مثل ؛ منحها جائزة الطالبة المتميزة ، من كلية الطب بجامعة الملك عبد العزيز ، إلى جانب حصولها على جائزة أفضل بحث علمي ، بين عشرة أبحاث تم تقديمها ، إلى الجمعية الأميركية لعلم الأمراض الإكلينيكية بشيكاغو .
كما ترشحت العالمة ملاك الثقفي ، لنيل جائزة الباحث الشاب بجمعية علم الأمراض الجزيئية ، وحصدت جائزة أخرى ، بشأن إنجازات الطلاب من أبناء المملكة ، في الولايات المتحدة .
وتم اختيارها في عام 2014م ، كواحدة من بين خمسين سيدة ، حققن تميزًا في قمة القيادات النسائية بالمملكة ، وبحلول عام 2015م حصلت العالمة ملاك الثقفي ، على جائزة العالم الشاب في العلوم والتكنولوجيا MIT-ASO ، بالإضافة إلى حصولها على جائزة السفر ، من جمعية أخصائي علم الأمراض العصبية .
سبب تخصصها في علم الجينوم :
اتجهت العالمة ملاك الثقفي ، لتخصص علم الجينوم ، والذي يمثل أحد أهم فروع علم الوراثة ، ويدرس الباحث والمتخصص من خلاله ، مادة الوراثة كاملة لدى كافة الكائنات الحية ، وهو أحد الصعب المجالات الطبية الدقيقة ، لأن الدارس به يحتاج إلى معرفة تسلسل الحمض النووي ، للحالة كاملًا .
هذا إلى جانب قيام الطبيب ، برسم خريطة دقيقة الشكل للجينوم ، ولكن إذا ما تمت دراسة جزء في الجينات فقط ، فإن هذا هو ما يعرف باسم ، علم الأحياء الجزيئية ، أو علم الوراثة الجزيئي ، وقد اختارته الطبيبة ملاك الثقفي ، لإيمانها الشديد بأن الطبيب ، لابد أن يدرس كل ما يتعلق ، بتشريح ووظيفة أعضاء الجسم ، حتى يتمكن من علاج مريضه ، بطريقة فيها الكثير من الكفاءة .
وقد أكدت الطبيبة ولعالمة ملاك الثقفي ، بأنه في المستقبل القريب ، سوف يحصل كل مريض على خريطة جينية خاصة به ، يتمكن من خلالها بالحصول على العلاج اللازم لحالته .