عندما تطرق آذاننا بعض قضايا الفساد ، ونسمع بمن ساهم في القضاء على الفساد والمفسدين ، نتأمل واقعنا ونأمل في وجود مثل تلك الشخصيات ، التي تسمو بالقيم والأخلاق بعيدًا عن مثل هذه الطاقات السلبية ، والرئيس التنزاني جون ماغوفولي ، ضرب أروع الأمثلة لمثل تلك الشخصيات ، التي مثلت أنجح النماذج في القيادة ، والإدارة الفعّالة داخل القارة الأفريقية .

ماغوفولي الإنسان :
ولد الرئيس التنزاني جون بومبيه في 29 أكتوبر عام 1959م ، والذي اشتهر بمقاومته الشديدة للفساد في تنزانيا ، وقبل توليه منصب الرئيس ، كان بومبيه يشغل منصب وزير الأشغال العامة ، وكان له طريقة خاصة لممارسة عمله آنذاك ، حيث يخرج في زيارات مفاجئة لمواقع العمل ، والعاملين بالدولة بشكل غير متوقع ، ومباغت ومستمر طوال فترة توليه منصبه هذا ، ليحاسب من كان مقصرًا في أداء عمله ، فور عثوره على من يتسبب في تراجع عجلة الإنتاج ، والتباطؤ في عمله .

ما فعله بومبيه منذ بدايته ، دفع الكثيرون لتلقيبه بالبلدوزر أو الجرّافة ، إيماءً لما فعله من جهود لإزاحة الفاسدين واقتلاعهم من مناصبهم في العمل ، أو أية مسئوليات وهذا هو ما وعد به بومبيه ، أثناء مشاركته في الانتخابات قبل توليه منصبه .

والحقيقة هي أن أي وطني مخلص محب لبلده ، سوف يفعل مثل هذا الأمر خاصة أنه قد خرج ، من بين جنبات هذا البلد الممتلئ بالفقراء ، وقد تيقن بأن الفساد هو ما جعل حال معظم أبناء بلده بهذا الوضع ، فبدأ بومبيه بنفسه أولاً ، ونفذ ما وعد به حتى تولى زمام الأمور كافة ، وصار رئيسًا ليحقق ما تمناه دومًا من خير لبلده ، فأمسك عصاه وجال في كافة أرجاء بلده ، يحارب الفساد ليصير فيما بعد علمًا من أعلام تنزانيا ، ونموذجًا ترغب الكثير من الشعوب ، في تواجده على رأسهم.

قضاء ماغوفولي على الفساد:
حقق بومبيه مالم يحققه رئيس من قبل ، فخلال بضعة أشهر من نجاحه في الانتخابات عام 2015م ، قام بومبيه بإقالة عددًا من أبرز المسؤلين ، والذين هددوا اقتصاد البلد ، كسرطان مستشرٍ يضرب في جذورها ، إلا أنه كان أكثر جرأة منهم ، فانتزع آلاف من الموظفين ممن ثبتت بشأنهم وقائع الفساد ، خاصة في القطاع العام حيث كانت تنزانيا ، تعاني من خسائر قُدر حجمها بحوالي مائتين وأربعين شلن تنزاني .

بما يعادل حوالي 110 مليون دولار سنويًا ، وهو رقم كارثي بالنسبة لاقتصاد الدولة ، والتي كانت تنفق كل تلك المبالغ الطائلة على هيئة رواتب لموظفين وهميين غير متواجدين ، بالقطاع العام من الأساس وليس لهم أية أوراق رسمية ، الأمر الذي مكّنه من القضاء على الفساد .

أعقب ذلك قيام بومبيه بإقالة مسئول خطوط السكك الحديدية ، تلاه رئيس جهاز مكافحة الفساد ذاته! ثم رئيس مصلحة الضرائب العامة والجمارك ، ولم يكتف بهؤلاء فقط بل أزاح أيضًا ، رئيس هيئة الموانئ وإلى جانبهم ، آلاف الموظفين المرتشين الواقعين تحت أيديهم .

ثم انطلق بومبيه مرة أخرى بسياسات جديدة ، داخل الدولة فقام بتخفيض رواتب كبار  الموظفين ، والوزراء والمسئولين وأغلى كافة رحلاتهم إلى خارج تنزانيا ، سوى بموافقة منه وتوقيعه المباشر ، ثم قام بمطالبة كافة الوزراء فجأة ، بتقديم كشف لحساباتهم البنكية ، وممتلكاتهم متوعدًا إياهم بإقالة من لا ينصاع لأوامره ، في الكشف عن حساباته وأمواله ومصادرها .

By Lars