كعادة المملكة في إنجاب الرموز ، أنجبت رجلاً من الرجالات التي قلما جاد الزمان بمثلهم ، إنه أمين العاصمة مقدسة عبدالله عريف الذي حقق حلم والده ، وأصبح موظفًا حكوميًا بعد أن تعلم بالقاهرة والتحق بكلية دار العلوم ، ليتخصص في علوم اللغة العربية وينغمس في العمل الصحافي ، حتى يتولى منصب أمين مكة المكرمة لمدة تقارب الثمانية عشر عامًا .

ولا شك أن المرحلة التي تولى العمل بها في هذا الموقع ، كانت فارقة في تاريخ مكة فقد كان لها دورًا فاعلاً ومؤثرًا ، حيث عاصر خلال فترته ثلاث ملوك عظام من حكام المملكة ، ولم يقتصر دور عبدالله بن عريف على الأمانة والعمل الأدبي ، فكان له دور شديد الأهمية في نشاط كرة القدم السعودي ، حيث ارتبط اسمه بنادي الوحدة العريق .

مولده ونشأته :
ولد عبدالله بن محمد علي بن عبداللطيف عريف بمكة المكرمة عام 1336هـ بحارة الشبيكة ، وقد قدم جده عريف من ديار هذيل واستوطن بمكة منذ القدم ، وظلت أسرته ماكثة هناك من وقتها ، وكان والده أحد شيوخ التجار العاملين بتجارة الفحم .

وهي تجارة رائدة تدر الكثير من المال ، ولكن رغم ذلك لم يبغي الشيخ الوالد أن يعمل ابنه بالتجارة مثله ، وكان يحلم له بمستقبل أخر يكون العلم فيه تاجًا ونبراسًا ، لذا عمد إلى إرساله إلى الكتاتيب والمدارس ، ولاحظ نبوغه وتفوقه منذ الصغر ، فعلم أن ابنه سيكون له شأن كبير.

تدرجه في المناصب :
بعد أن أنهى بن عريف دراسته تدرج في العديم من وظائف الدولة ، بدأها عام 1361هـ كمقيد للمعاملات الواردة ، ثم صحفي وكاتب في صحيفتي الندوة والبلاد ، ثم ترقى بعد ذلك ليشغل منصب رئيس تحرير أول صحيفة سعودية .

وهي صحيفة البلاد المكية وبالإضافة إلى عمله في مجال الصحافة كان عضوًا بارزًا في مجلس الأوقاف الأعلى ، ونادي مكة الثقافي ولجنة مساعدة السجناء ، ولجنة الحج العليا ، كما ترأس نادي الوحدة الرياضي وغير ذلك من الأنشطة المختلفة بالمملكة .

وقد كان للنادي مكانة عريقة في عهده ، حيث كان يعطي النادي من وقته وماله وجهده ، وعمد إلى اكتشاف المواهب الشابة ومحاولة جذبها ، وكان يعمل في رئاسته للنادي على تطبيق مبدأ التكافل الاجتماعي للرياضيين ، وكان رحمه الله مولعًا بالأعمال الخيرية وذو اسم لامع بها .

تعيينه في أمانة العاصمة :
برز اسم عبدالله عريف في الأوساط المكية من خلال المهام والأنشطة التي كان يساهم فيها بداية من العمل الصحافي ومسئولية نادي الوحدة والأنشطة الاجتماعية الأخرى حتى علم الملك فيصل بأمره ، واختاره لتولي منصب أمانة العاصمة المقدسة .

والمصادفة في الأمر أنه عند تبليغ الملك فيصل للملك فهد بن عبدالعزيز ، الذي كان وزيرًا للداخلية في عهده بأمر تعيين العريف في أمانة العاصمة ، قال أنه كان ينوي أن يطلب من الملك تعيين العريف في تلك المكانة بالفعل ، وهذا إن دل على شيء فيدل على علو شأن العريف ومكانته عند الملوك .

عمله بالصحافة :
كان العريف رحمه الله رجلاً شغوفًا بالقراءة والمعرفة ، يعشق الثقافة ومطالعة كل ما هو جديد ، وقد كتب في الصحف التي عمل بها أكثر من أربعمائة مقالة في النواحي الفكرية والتنويرية وكان رحمه الله أول شخص يستخدم المسجل في عمله بالأمانة .

وفاته :
كان حياة العريف مليئة بالنجاحات ، تزوج مرتين وأنجب من البنين أربعة ومن البنات ثلاث ، وعمر حتى عام 1397هـ في خدمة مكة المكرمة ، وتشهد له جنازته المهيبة على حب الناس ، حيث حضر جنازته الأمراء والوجهاء والعامة ، وأفجع القلوب برحيله عن عمر يناهز الستين عامًا .

By Lars