ارتبط اسم العالم ألبرت آينشتاين ، منذ أن كنا أطفالاً بعلم الفيزياء النظرية الحديثة ، خاصة نظرية النسبية الخاصة والعامة ، ولا يعلم عنه الكثيرون منا سوى أنه أحد العلماء ، الأكثر شهرة تاريخيًا ، نظرًا لما قدمه من نظريات ، ما زال العلم الحديث ، يكشف أهميتها وأهدافها واستخداماتها حتى الآن .
ولكن لا يعلم الكثيرون شيئًا عن آينشتاين ، الثائر الذي تهرب من الخدمة العسكرية ، وكان غريب الأطوار وعمل بحارًا ، ورفض المثير من التقاليد والعادات الاجتماعية المنتشرة في مجتمعه ، وتلك هي قصة العالم الألماني السويسري ، الحائز على الجنسية الأمريكية ، ألبرت هيرمان آينشتاين .
قد يعتقد البعض بأن العلماء ، قد أبدوا أمارات وعلامات واضحة على ذكائهم ، تمثلت في سرعة الاستجابة وحل المسائل الرياضية وغيرها ، ولكن على العكس من ذلك كان آينشتاين قليل الكلام للغاية ، لدرجة أنه قد تأخر في الحديث حتى سن متأخرة ، فلم يبدأ التحدث مع من حوله قبل سن السابعة ، وكان كل حديثه يشوبه التردد ومتقطع .
لم يكن تأخره في الحديث هو الأمر الغريب في شخصيته فقط ، كذلك فولعه بالموسيقى والفيزياء ، وفرضه بعض القيود والروتين على زوجته ، جعل البعض يتوهمون أنه مصاب بالتوحد والانطواء ، وهو مرض يتسبب في تأخر الطفل سلوكيًا ولغويًا .
عقب أن صار شابًا يافعًا ودخل الجامعة ، كان ألبرت قد وقع في غرام زميلته بالجامعة والتي تدعى ميلفيا ماريك ، حيث كانا يدرسان الفيزياء في جامعة زيوريخ السويسرية ، وكانت ميلفيا أكبر منه عمرًا ، وكانت لميلفيا مشاكل اجتماعية عدة ، استطاعت الجميلة أن تتغلب عليها ، وتم قبولها بالجامعة كخامس امرأة بتلك الجامعة المرموقة .
تطورت العلاقة العاطفية التي جمعت كل من ألبرت وميلفيا ، وتزوجا وأنجبت منه طفلة تدعى ليزيرل ، ولكن أحدهما لم يتحدث بشأنها قط ، ومن بين الافتراضات التي تحدث بشأنها المؤرخون عن تلك الطفلة ، التي جاءت إلى عالمنا نتيجة زواج غير شرعي ، هو أن الطفلة قد ماتت في سن مبكرة جراء الحمى القرمزية ، وفرضيات أخرى اتجهت نحو عرض الطفلة للتبني ، وفي النهاية تخرج آينشتاين من الجامعة ولم يستطيع الزواج من ملفيا ، بسبب فقره ورفض والده لتلك الزيجة.
فكرة النسبية التي نشرها آينشتاين عام 1905م ، لم تأت مثل العديد من الاكتشافات العلمية الثورية ، بالتجريب والمصادفة وغيرها ، وإنما جاءت عبر عبقرية آينشتاين في تحليل ، ودمج اكتشافات أعمال من سبقوه من العلماء ، مثل هندريك لورنتز وهنري بوانكاريه ، بالمجال الفيزياء ، مستهدفًا إزالة التعارض بين كل من الفيزياء النيوتينية ، ونظرية العالم ماكسويل .
مما ساعد آينشتاين على استكمال عمله ونظريته النسبية العامة ، والتي قام بنشرها عام 1916م والتي احتاجت ، إلى أعوام كثيرة من التجريب من أجل إثبات اتساقها ، مع النتائج التي تم الحصول عليها ، ثم حصل آينشتاين على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1921م ، إثر اكتشافه لقانون التأثير الكهروضوئي .
لم يكن آينشتاين مهتمًا بالفيزياء فقط ، وإنما كانت له آرائه السياسية الشهيرة ، التي تميزت عن غيره ، فقد كان دائمًا مقتنعًا بفكر السلام ورفض الحروب في كافة بقاع الأرض ، حيث اعتبرها سبيلاً ومصدرًا قويًا للتأخر ، ولا مهمة لها سوى إرضاء الجوانب السيئة في شخصيات من يتحكمون بها .
وعلى العكس من آرائه السياسية التي خاضها كثيرًا ، رفض آينشتاين تولي رئاسة دولة إسرائيل عام 1952م ، نظرًا لكونه عالمًا فيزيائيًا وليس سياسيًا محنكًا ، ولكنه على الرغم من ذلك قدم العديد من النقاط التي يمكن من خلالها ، أن يتعايش اليهود إلى جوار أهل فلسطين الشقيقة .
كان آينشتاين يتوجس دائمًا أن يقوم معجبيه ، بجعل قبره بعد وفاته مزارًا سياحيًا ، لذلك أوصى بأن يتم إحراق جثته ، ونثر رماده سرًا في أماكن متفرقة ، ولكن في إبريل من عام 1955م قام الطبيب المختص .
والذي يدعى توماس هارفي ، بسحب جثة آينشتاين من المشرحة بالمشفى ، وطلب بأن يتم تشريح المخ ودراسته ، نظرًا لكونه جزء من شخصية أبرز علماء الفيزياء في عصره ، دون أن يعير وصية آينشتاين اهتمامًا ، بل قام بنزع أعين آينشتاين ومنحهما لطبيب العيون هنري أدمز ، إلا أنهما ظلتا محفوظتان بصندوق الودائع الأمنية في نيويورك ، حتى يومنا هذا .