العالم الإيطالي لازارو سبالانزاني ، هو أحد أشهر علماء الأحياء والفسيولوجيا ممن قدموا إسهامات متميزة ، في الدراسات التجريبية لوظائف الجسم ، وتكاثر الحيوانات ، وفتحت أبحاثه بشأن التكوين الحيوي طريقًا لنظرية الاستنساخ ، بالإضافة إلى كونه كاهنًا كاثوليكيًا ، وهذه هي قصته .
حياته :
ولد سبالانزاني في يناير من عام 1729م ، بمقاطعة ريجيو إميليا الحديثة بمدينة سكانديانو في إيطاليا ، وتلقى سبالانزاني تعليمه ودراسته بالكلية اليسوعية ثم انطلق لدراسة القانون في جامعة بولونيا ، التي تركها بعد ذلك ليدرس العلوم الطبيعية .
وتتلمذ سبالانزاني على يد أستاذ الفيزياء الشهير كان كينزومان ، ودرس أيضًا الفلسفة الطبيعية والرياضيات ، إلى جانب دراسته للغات القديمة والحديثة ، ولكنه سرعان ما تخلى عن دراستها أيضًا.
عمله :
وبحلول عام 1754م أصبح سبالانزاني أستاذًا للمنطق والميتافيزيقيا بجامعة ريجيو ، إلى جانب عمله كاهنًا ورسامًا ، ولكنه في عام 1763م تم نقله إلى مدينة مودينا ، ليواصل دراسته للعلوم الطبيعية .
ورفض سبالانزاني العديد من العروض للعمل بجامعات إيطالية مختلفة ، ولكنه تلقى دعوة في عام 1768م من ماريا تيريزا لرئاسة قسم التاريخ الطبيعي في جامعة بافيا ، ثم أصبح مديرًا للمتحف الكبير بها ، وفي نفس العام تم انتخاب سبالانزاني زميلاً بالجمعية الملكية ، وفي عام 1775م انتخب أيضًا عضوًا أجنبيًا للأكاديمية الملكية السويدية للعلوم .
وأثناء قيامه بزيارة للبلقان والقسطنطينية ، تم استدعاءه رسميًا للتحقيق معه بشأن سرقة مجموعة من العينات بالمتحف الذي كان تحت إدارته ، ولكن سرعان ما تم نفي كافة التهم الموجهة إليه ، من أجل تدمير سمعته .
ولكن سبالانزاني أراد الانتقام من متهميه ، خاصة المتهم الرئيس في تلك الواقعة أمامه وهو أحد زملائه ، حيث قام سبالانزاني بوضع عينة وهمية واتهمه بسرقتها ، ولكن سرعان ما كشف سبالانزاني حيلته بعدما تعرض زميله للسخرية الواسعة والانتقاد اللاذع .
اكتشافاته :
توصل سبالانزاني إلى أن هناك بعض الأنواع من الأحياء ، والكائنات الدقيقة التي يمكنها أن تتولد مرة أخرى ذاتيًا إذا ما تم تركها في أنواع معينة من المواد العضوية ، إذا ما أعطيت الوقت اللازم والكافي لذلك ، كما أظهرت أبحاث سبالانزاني بأن بعض الميكروبات يمكن قتلها ، بعد ساعة من الغليان ، بالإضافة إلى اقتراحه بأن الميكروبات تنتقل في الهواء خاصة عقب اكتشافه ، أنها إذا ما كانت في بيئة محكمة الإغلاق لا تنتقل إلى أماكن أخرى .
كما اكتشف سبالانزاني ما يعرف بنظرية الاستنساخ في الحيوانات ، خاصة إذا ما توفر للباحث البويضة والحيوان المنوي الخاص بالحيوان نفسه المراد استنساخه ، فكان هو أول من قام بالتخصيب داخل المختبر ، بالتطبيق على الضفادع ، واخترع بعد ذلك ما يعرف بالتلقيح الاصطناعي بالتطبيق على كلب .
كما كشف قدرة بعض الحيوانات على تجديد أجزاء من جسمها تلقائيًا ، حتى إذا تمت إزالتها جراحيًا ، كما اشتهر سبالانزاني بتجاربه على الوطاويط أو الخفاش للتعرف على كيفية انتقاله في الظلام الدامس ، حيث أثبت أن الوطواط لا يستخدم أعينه للطيران في الظلام ، ولكنه يستخدم بعض الموجات الصوتية التي يعتمد عليها لمعرفة طريقه .
انتقل سبالانزاني بعد ذلك لدراسة عملية الهضم داخل الكائنات الحية ، حيث كشف وأثبت أنها ليست عملية ميكانيكية تعمل على طحن الطعام ، وإنما تشبه بعض التفاعلات الكيميائية التي تحدث ، عندما تخرج عصارة المعدة وتتفاعل مع الطعام الموجود بداخلها ، كما أطلق أشهر تجاربه وأبحاثه بشأن الإخصاب بداية من عام 1780م .
وفاته :
توفى سبالانزاني متأثرًا بإصابته بسرطان المثانة ، في الثاني عشر من فبراير عام 1799م في مدينة بافيا الإيطالية ، وقام زملائه بإزالة مثانته والاحتفاظ بها من أجل دراستها تشريحيًا ، وبعد ذلك تم وضعها بمتحف بافيا ، ومازالت موجودة داخله حتى يومنا هذا .