جميلة بوحيرد هي واحدة من ملايين المناضلين الجزائريين ولا يقل دورها عن ما قدمه أكثر من مليون شهيد جزائرى ، فهي تعد رمزًا للكفاح والجهاد فى سبيل إستقلال الجزائر .
نشأتها :
ولدت جميلة بوحيرد في عام 1935م في حي القصبة بالعاصمة الجزائرية ، وكانت هي الابنة الوحيدة لأبويها بين سبعة ذكور ، وبالرغم من ذلك درست جميلة في مدارس فرنسية وأكملت دراستها حتى التحقت بمعهد الخياطة والتفصيل فهي من هواه تصميم الأزياء .
كانت جميلة ماهرة في ركوب الخيل ، حتى انضمت إلى جبهة التحرير الوطني الجزائرية في عام 1954م ، وذلك عندما اندلعت الثورة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي ، وكانت جميلة بوحيرد من أوائل المتطوعات لزرع قنابل في طريق الاستعمار الفرنسى .
بدأت ميولها النضالية حينما كان الطلاب الجزائريون يرددون في طابور الصباح فرنسا أمنا ، كانت ترفض جميلة هذا القول وتصرخ قائلة الجزائر أمنا ، مما أثار غضب ناظر المدرسة وأخرجها من الطابور وعاقبها عقابًا شديدًا .
كان دور جميلة بوحيرد في النضال مع الجبهة الجزائرية بأن كانت حلقة الوصل بين قائد الجبل في جبهة التحرير ومندوب القيادة الذي كان مطلوبًا من قبل الفرنسيين ، وامتلأت المدينة بالمنشورات التي تعلن عن مبلغ 100 ألف فرنك فرنسي ثمنا لمن يدلي بمكانه .
وأصبحت جميلة بوحيرد على رأس قائمة المطلوبين من قبل الجيش الفرنسي ، وذلك لكثرة بطولاتها وشعبيتها التي حصلت عليها وسط المقاومة الجزائرية .
تم القبض عليها في عام 1957م وذلك بعد إصابتها برصاصة في الكتف أثناء توجهها إلى ياسيف السعدي مندوب القياده وكانت تحمل له رسالة جديدة من القائد ، فاقت جميله بوحيرد لتجد نفسها بالمستشفى العسكري ومحاطة بمن أرادوا استجوابها للإفصاح عن مكان مندوب القياده .
إلا أنها لم تدلي بأي معلومات وقام الجنود الفرنسيين بتعذيبها بشتى الطرق حتى وصل بهم الأمر إلى صعقها بالكهرباء في جميع أنحاء جسدها ولأن جسدها النحيل لم يتحمل التعذيب ، أصيبت بنزيف استمر نحو خمسة عشر يومًا .
وانتقلت جميلة بعد ذلك إلى سجن (بار بدوس) وهو من أشهر مؤسسات التعذيب في العصر الحديث ، وهناك أخذت الكثير من نوبات التعذيب الشديد الذي أصاب جسدها بالهذيان.
وعلى الرغم من كل هذا التعذيب لم تعترف جميلة بوحيرد ولم تدلي بأي معلومة عن رفاقها ، إلى أن قدمت إلى محاكمة صورية وصدر ضدها الحكم بالإعدام وعند النطق بالحكم قالت جملة شهيرة : أعرف أنكم ستحكمون علي بالإعدام لكن لا تنسوا أنكم بقتلي تغتالون تقاليد الحرية في بلدكم ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن تصبح حرة مستقلة .
تحدد يوم 7 مارس 1958م أنه يوم تنفيذ الحكم ولكن العالم كله رفض هذا الحكم وقد أجمعت لجنة حقوق الإنسان بالأمم امتحدة بعد تلقيها الكثير من وسائل الاستنكار من كل بلاد العالم وطالبوا بعدم تنفيذ الحكم وإطلاق سراحها .
بعد كل هذه الضغوط اضطروا إلى تأجيل تنفيذ الحكم ثم أصبح الحكم سجن مدى الحياة ، ولكن بعد تحرير الجزائر خرجت جميلة بوحيرد مع باقي الأسرى وتزوجت من محاميها الذي دافع عنها في قضيتها جاك فيرجيس وهو بالطبع فرنسي الجنسية .
وبعد استقلال الجزائر أصبحت جميلة بوحيرد رئيسة لإتحاد المرأة الجزائرية ولكنها استقالت بعد عامين بسبب خلافاتها مع الرئيس أحمد بن بلة وتوارت عن الساحة السياسية .
والجدير بالذكر أنه قد كتب في نضال جميلة بوحيرد الكثير من القصائد الشعرية وقد أحصاها النقاد وقالوا أنهم حوالي 70 قصيدة كتبها أشهر الشعراء على مستوى العالم العربي فكانت جميلة بوحيرد هي المرأه الأكثر شهرة على مستوى الوطن العربي في نضالها وكفاحها ضد الاستعمار .