اهتمت المملكة في القرنين الماضيين بكتب التراجم والسير ، التي تدون حياة العظماء والمشاهير ، ومن بين هؤلاء الذين حفروا في ذاكرة التاريخ السيدة علياء بنت عبد العزيز أل حميان زوجة الوجيه علي بن رشيد ، ووالدة الأمير عبد الله بن علي بن رشيد ، الصديق الحميم للإمام فيصل بن تركي ، والذي تولى امارة حائل فيما بعد .
نشأتها ونسبها :
نشأت السيدة علياء بنت عبد العزيز آل حميان الشمرية ، في مدينة حائل مقر قبيلتها ، وتزوجت من ابن عمها علي بن رشيد بن خليل آل جعفر ، وهما متفرعين من قبائل الشمرية التي انحدرت من قبيلة طيء العربية .
وأنجبت من الأولاد ثلاثة ، وبنت واحدة ، وهما نورة أل رشيد عبد الله الصديق المقرب للإمام فيصل بن تركي وأمير حائل ، وعبيد العضد الأيمن لأخيه ، وعبد العزيز الذي توفي صغيرًا في إحدى معارك أخيه.
أبناءها من أل رشيد :
نشب بينها أبنائها وبين أمير حائل الأمير صالح بن عبد المحسن خلافًا ؛ جعله يحاول إبعادهم عن المدينة لإحدى القرى المجاورة ، وتساندت وأبناءها مع أسرتها من أل رشيد ضد الأمير صالح ، أما عن صداقة ابنها بالإمام فيصل ، فتعود إلى الوقت الذي قُتل فيه والده الإمام تركي بن عبد الله.
حيث كان الأمير عبد الله بن رشيد بصحبة الإمام تركي وفي الإحساء ، وحينما علم بمقتل أبوه عاد على الفور بمشورة كبار رجاله ، الذي كان على رأسهم الأمير عبد الله ، والذي أبلى بلاء حسنا في اقتحام حصن المصمك ، وهذا ما لم ينساه الإمام فيصل له ، وجعله من أقرب رجاله
أما عن عبيد ، فكان الابن الثاني لعلياء الشمرية ، والذي لازم أخيه عبد الله في حله وترحاله ، ومعاركه ، ودون ملاحمه في العديد من القصائد التي ذاع صيتها بين العامة ، أما الابن الثالث فهو عبد العزيز ، والذي كان عضدًا أخر لأخيه ، ولكنه توفي بمعركة الحلة بالعراق عام 1229 هـ ، والابنة الوحيدة لعلياء هي نورة فخر أل رشيد والتي تزوجت من أل جرباء.
حدث تضارب واختلاف بين العديد من الباحثين حول أسرة علياء الشمرية ، وعدد أبنائها ، فهناك من قال هم عبد الله ، وعبيد وجبر ، وهناك من قال هم عبد الله وعبيد ورشيد ، ولكن أحمد بن فهد العريفي ناقش هذا التباين في الروايات ، وخلص إلى أن أبناءها هم عبد الله ، وعبيد وعبد العزيز .
طموح وتطلع :
يتضح من الروايات والسير التي ورد بها ذكر السيدة علياء ، أنها من كانت وراء الطموح والتطلع للإمارة عند ولديها ، وخاصة بعد اختلافهم مع أبناء عمومتهم الذين كانوا في سدة الحكم آنذاك ، ولعل ما قوى موقفها وقوف عائلتها إلى جوارهم في مناوئة أمير حائل .
ولم تكن علياء بالمرأة البسيطة ولا الهينة فقد كانت تتمتع بشخصية قوية ، ساعدت على تشكيل ولدها وإماراته ، ويقال أنه حينما كان مختبئ في إحدى الأطراف بعيدًا عن أعين الأمير صالح بن عبد المحسن جعل زوجته رسولًا بينه وبين أمه.
ولأن السيدة علياء كانت مصدر قلق للأمير صالح شدد عليها الرقابة ، بل وأبعدها خارج حائل ، وقد فكانت السيدة علياء تتمني أن يصل ابنها إلى سدة الحكم ، ويظهر هذا في إحدى قصائدها النادرة حينما قالت :
عسى يجي عدل وممشاه قادي * وتكثر عذار اللي يدور التحاويش.
مما لاشك فيه أن هذه السيدة كانت مثالًا للمرأة المناضلة ، والشاعرة المفوهة ، ولكن للأسف لم تدون كل أشعارها ، ولم نستطيع معرفة الكثير عنها ، حتى وقت وفاتها ظل غير معلوم لنا ، ولكنه ظلت في الوجدان كأحد أهم النساء تأثيرًا في حياة أبناءهم القادة.