بخروش بن مسعود العلاسي القرشي الزهراني ، واحدًا من أشهر أبناء المملكة وتحديدًا المنطقة الجنوبية الغربية ، عاش في القرن الثالث عشر الهجري وتم اختياره من قبل الأمير عثمان المضايفي أمير الطائف لكي يكون أميرًا على بلاد زهران وما يحيطها .
عرف باسم بخروش بن علاس وكانت قمة شهرته في عام 1226هـ ، وذلك حين حاول محمد علي أن يدخل إلى عسير ، حينها طلب أمير عسير المساعدة والدعم ، ولولا مساعدة بخروش لدخل محمد علي إلى عسير .
كانت الحملات العثمانية بقيادية بجيش محمد علي يقودها ابنه طوسون ، والذي تقدم إلى الجهات الجنوبية الغربية في شبه الجزيرة ، حينها كان أمير الطائف هو القائد عثمان المضايقي ، والذي استعد لمواجهة جيوش محمد علي بجيش كبير مكون من خمسة عشر ألف جندي دعم من الدرعية .
العديد من الأمراء اشتركوا مع جيش المملكة للتصدي لغزوة طوسون ، وكانت الجيوش على وشك الدخول إلى الطائف ، ودارت معركة حامية اعتمدت على الكر والفر ، وتحول جنوب الطائف إلى ساحة قتال حامية وخطرة للغاية .
اشتدت الأزمة بعد أن تم أسر الأمير عثمان المضايفي ، وكان هناك عقبة كبيرة أمام جيوش محمد علي وهي قوات الدرعية ، والتي كان يفترض بجيش محمد علي أن يطيح بها لكي يتمكن من الدخول إلى المدن في هذه المنطقة .
حين وصلت جيوش محمد على إلى القنفذة طلب طامي بن شعيب الدعم من المدن المجاورة ، هنا بدأ دور بخروش بن علاس في الظهور بقوة ، حيث أنه أتحد مع طامي وشكلا ثنائي قوي يفتك بجيوش محمد علي .
وعلى الرغم من توالي الحملات التي أرسلها محمد علي ، إلا أن كلاهما تمكنا من صدها واحدة تلو الأخرى ، وعلى الرغم من وجود فرق كبير بين نوعية الأسلحة التي يستخدمها جيش محمد علي وجيش بخروش ، إلا أن الأمير وبخروش تمكنا دائمًا من ترتيب الجنود وإدارتهم بأحسن طريقة .
فكان شخصية متميزة وذكية ولم يكتف بصده الحملات بما لديه ، بل أنه في أحد المرات قام بعمل عجيب ، حيث أنه أرسل رسالة إلى محمد علي كان يسخر فيها من الهزائم التي يتعرض لها جيشه ، وكان شريكه الأمير طامي أيضًا قائد متميز للغاية .
وكان طامي مقاتل قوي وشرس مثابرًا ومصرًا على القتال إلى أخر دقيقة ، فقد كان يقود جيش الجزيرة لصد الحملات ومنعها من التقدم ، وكان على وفاق تام مع بخروش وقد وصف هذا الاتحاد بينهم بأنه اتحاد شديد الوفاء و الإيثار .
وتمكن بخروش بجيشه من أن يصيب طوسون باشا والقائد عابدين بك ، وقد حرصت كافة الصحف العربية على أن تكتب عن بطولة بخروش ، ومن هنا جاءت الهزيمة النفسية للجيوش العثمانية التي تقهقرت من جديد ، وهو الأمر الذي تسبب في حرج سياسي كبير لمحمد علي .
وقد عرفت الصحف والأوساط العليا برسالة بخروش الساخرة من طوسون وإصابته وهزيمة جيشه ، في هذه الأثناء قسم بخروش وطامي نفسيهما كلًا له وظيفة يقوم بها ، وكلًا منهم يحارب بجيش في جبهة مختلفة .
وكان القائد بخروش له رؤية عسكرية متميزة فلم يكتفي بالقتال العسكري ، بل توصل إلى طريقة ضغط ممتازة على جيوش محمد علي ، وقد أحترف ممارسة الحرب النفسية عليهم ، وبالفعل كان يحرص بخروش على أن يخرج بجيشه إلى المنطقة التي تخيم فيها جيش محمد علي .
وكانوا يقطعون الطريق على الجيش ومن يلقون بالحجارة عليهم ، مما كان يثير الجنود في جيش محمد علي ، ويزيد من رهبتهم من جيش بخروش ، كذالك اتفق بخروش مع التجار الذين يزودوا الجيش العثماني بالبضائع على خطة محكمة لإرهاب الجيش العثماني .
فكان التجار ينقلون إلى الجنود العثمانيين أن جيش الجزيرة العربية كبير للغاية ، وقادر على غزو أي شيء حتى الجبال التي تسكنها الجن ، وكان التجار يمدون الجنود العثمانيين بمعلومات مغلوطة تصعب عليهم المعركة ، وتأخذهم في طرق وعرة وصعبة مما يعطي الغلبة لجيش بخروش .
ونجحت خطة بخروش وانتشرت الأخبار بسرعة كبيرة ، وأضحى الجنود الأتراك في حالة تأهب نفسي ممزوجة بالرعب الشديد ، وهو ما كان له دور كبير في تقهقر الجيوش العثمانية ، انتهت الحرب بعودة محمد علي سريعًا إلى القاهرة ، ويقال أنه عاد بشكل مجهول لم يفسره معظم المؤرخين .
وانتهت المعارك وعاد محمد علي إلى مصر بعد أن هزم هزائم كبيرة ، وخسر خسائر باهظة ولم يحقق إلا القليل من المكاسب ، حتى معركة بسل العظيمة والتي كانت أشرس المعارك ، كان عدد جنود جيش محمد علي خمسة وعشرون ألف مقاتل .