ما بين طرفة عين وانتباهها ، يغير الله من حالٍ إلى حال . لم يكن يتوقع سلمان الدعجاني ، أن يتحول في لحظة من رجل صحيح ، يستطيع السير على قدميه ، إلى رجل معاق لا يتحرك .
نشأته :
وٌلد سلمان الدعجاني بالمملكة عام 1401هـ ، الموافق 1980م ، وحصل الدعجاني على بكالوريوس العلوم البحرية ، وعمل سلمان أثناء طفولته وصباه وشبابه أيضًا بالبحر ، فقد كان شغوفًا به للغاية ، ويعشق كل ما يتعلق به ، ولم يكن يتخيل سلمان أو يتوقع الحادث الذي تعرّض له ، وغير مجرى حياته بأكملها ، ولكن الآن ، صار لسلمان صديقًا مقربًا ، ألا وهو كرسيه المتحرك .
قصة الحادث .. وبداية الانطلاق
قبل ثمان سنوات ، في عام 2008م ، تعرّض الشاب الثلاثيني سلمان الدعجاني ، لحادث مروري بمدينة الرياض ، مما أدى إلى إصابته بشلل رباعي .
خرج منه على قيد الحياة ولكن على كرسي متحرك ، حيث أُصيب سلمان بالحبل الشوكي خاصة بالفقرة الرابعة والتي أصابته بشلل تام ، نتيجة الاصطدام القوي أثناء الحادث قبل عدة سنوات .
وحاول سلمان خلال تلك الفترة العلاج خارج المملكة ، حيث بدأت رحلة الغربة معه عند عٌمر واحد وعشرون عامًا ، وكان وقتها لا يستطيع سلمان التحدث سوى باللغة العربية ، ولكنه أراد أن يٌثبت لنفسه ولمن حوله ، أنه صاحب إرادة قوية ، وأنه محاربًا ويجب ألا يفقد الأمل والطموح ، وكانت هذه هي البداية.
ذهب سلمان إلى رحلة العلاج بألمانيا ، وجمهورية التشيك ، وعانى لفترة طويلة بسبب عدم قدرته على المشي ، أو تحريك ذراعيه وأطرافه كاملة ، ولكنه ثابر ، وبدأ أثناء رحلته في تعلم اللغة التشيكية ، في أثناء تواجده بالمشفى ، بسبب طول المدة التي قضاها في فترة العلاج .
وخلال تلك الفترة لاحظ الدعجاني ، معاناة العديد من المرضى من النساء والأطفال ، بسبب اختلاف العادات والتقاليد ، التي لا توفر للنساء القليل من الخصوصية أو الراحة والعزلة بعيدًا عن الآخرين .
هذا بالإضافة إلى معاناتهم أثناء السفر للعلاج ، ذهابًا وإيابًا ، وابتعادهم عن ذويهم لفترات قد تصل لأكثر من ثلاثة أشهر متواصلة ، وأيضًا تكلفة العلاج المرتفعة والتي لا يستطيع سدادها ، سوى القادرين على تلك النفقات الباهظة للغاية .
ومن هنا فكر سلمان في مشروعه الأول ، والذي انبثقت فكرته خلال رحلة علاجه ، حيث قرر سلمان أن ينقل معاناة المرضى من ذوي الاحتياجات الخاصة مثله ، وذلك من خلال افتتاحه للمركز التشيكي لعلاج ذوي الاحتياجات الخاصة بالمملكة .
على أن يكون المركز متخصصًا للنساء والأطفال ، وأن يكون على نفس مستوى العلاج المٌقدم من المراكز الطبية المتخصصة ، في التشيك ؛ أملاً أن يحصل كل فرد من ذوي الاحتياجات الخاصة داخل المملكة ، على حصته الآدمية من العلاج الوافر ، على أيدي المختصين ، وبأقل تكلفة .
ومن أجل تنفيذ مشروعه ، قام الدعجاني بالتقدم لأحد البنوك من أجل الحصول على قرض تمويلي ، حتى يبدأ في تنفيذ المشروع الخاص به ، وذلك بإنشاء مركزه في وسط الرياض ، وذكر الدعجاني أن البنك قد وافق على منحه القرض بشكل رائع وميسر للغاية .
بداية المشروع :
بعد أن أتم إجراءات التسجيل واستكمل الشروط ، وقدم كافة المستندات المطلوبة لمشروعه ، وحصل على موافقات الجهات المعنية بالأمر ، وذلك في مقابل حصوله على أربعة ملايين ريال .
وبمجرد حصوله على المال اللازم ، اتجه الدعجاني لتنفيذ مشروعه ، وبدأ في عمل المركز المقسم إلى أحد عشر قسمًا متخصصًا ، ويندرج جميعهم تحت اسم أقسام العلاج الطبيعي ، وتختص بفئتي النساء والأطفال ، مع توفير طاقم تمريض متخصص من النساء من دول مختلفة مثل الأردن ، والتشيك ، والمملكة ، وبولندا .
ونجح المركز الذي أقامه الدعجاني ، نجاحًا باهرًا ، واستطاع أن يعالج أكثر من أربعمائة مصاب بالشلل على نفقته الخاصة ، وخروج أكثر من ألفين من المعاقين وهم يمشون على أرجلهم ، مرة أخرى بعد الخضوع للعلاج .
واشتهر سلمان وصار إعلاميًا مميزًا ، وقدم خلال الأربعة سنوات المنصرمة برنامجًا تليفزيونيًا ، يّذاع على قناة روتانا خليجية ، هو فرسان سلمان ؛ ويتحدث فيع عن أهداف المركز التشيكي بالمملكة ، وما نجح في الوصول إليه وتحقيقه ، وأتت فكرة برنامجه عندما سقط داخل مركزه في أحد الأيام ، من كرسيه المتحرك وساعده العاملون على النهوض ؛ فانطلقت فكرة برنامجه من جملة إذا سقط المعاق من يساعده .
وهنا وضع فكرة البرنامج التي استهدف من خلالها ، توعية المواطنين بإعاقات ذوي الاحتياجات الخاصة ، وأهمية زيارتهم وتقديم يد العون لهم ، فهم بحاجة إلى الدفع الدائم.
وفي نفس السياق ، يخطط الدعجاني لإنشاء مركز آخر متخصص ، في إعادة تأهيل المعاقين ، وتعليمهم عددًا من الحرف والصناعات البسيطة ، التي يمكنهم من خلالها العمل وجني المال ، حتى تستمر الحياة بجميل المعروف ، قائلاً أن لدى المعاق طاقة ويحتاج إلى من يفعّلها له .