معركة نينوي هي المعركة الأخيرة بين الفرس والروم والتي ورد ذكرها في سورة الروم في قول الله تعالى ” غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ” ، وقد وقعت تلك المعركة في عام 627 ميلادية لتنتهي بذلك سلسلة طويلة من الحروب سميت باسم الحروب البيزنطية الساسانية ، وتنتهي سيطرة الفرس والروم على أجزاء كبيرة من ممالك الأرض في ذلك الوقت وتبدأ بعدها الدولة الإسلامية في الازدهار .
كانت الحرب مستمرة بين الفرس والروم منذ عام 602 م تقريبًا ، وكانت دولة الروم يطلق عليها اسم الإمبراطورية البيزنطية أو الرومانية وكانت عاصمتها القسطنطينية ، وفي ذلك الوقت كانت الإمبراطورية الرومانية تتخذ المسيحية دينًا لها .
أما الإمبراطورية الفارسية فكان يطلق عليها أيضًا اسم الإمبراطورية الساسانية نسبة إلى مؤسسها ، وكان الفرس وثنيين ، وخلال الفترة التي بدأت فيها الحروب بين الفرس والروم استطاع الفرس هزيمة الروم في عدة معارك واستولوا على كثير من الأراضي التي كان يحكمها الرومان ومن أهم هذه المناطق بيت المقدس حيث دخلوه في عام 614م ، وكان ذلك بمثابة صدمة كبرى لمعظم المسيحيين حيث أنهم أحرقوا المدينة وقتلوا عدد كبير من سكانها ، وسرقوا ما يعرف باسم الصليب المقدس .
وكان من بين العوامل التي ساعدت الفرس على التوغل في المملكة البيزنطية الخلافات الكبيرة التي كانت تدور بين الملوك البيزنطيين ، وقد انقسمت إلى إمبراطورية بيزنطية شرقية وإمبراطورية غربية ، وكان حاكم الإمبراطورية الشرقية واسمه الكامل كان فلافيوس أغسطس هرقل وقد بدأ حكمه عام 610م ، وكان والي على تونس الحالية ، وكان له ابن يسمى هرقل أيضًا .
فقام هرقل الأب بتجهيز ابنه وإرساله في قيادة جيش إلى القسطنطينية ليتخلص من الإمبراطور الروماني فوكاس ، لأنه كان ضعيف وقد تسبب في الفوضى التي عمت الإمبراطورية وأدت لتوغل الفرس فيها ، وبالفعل استطاع هرقل الابن أن يتخلص من الإمبراطور ونصب نفسه قيصر .
بعدها بدأ هرقل يجهز لوقف زحف الفرس من خلال الانقضاض عليهم في عقر دارهم بالتعاون مع بعض القبائل التركية ، وقام بالاستيلاء على أذربيجان ، كما أنه قام بعمل وقيعة بين ملك الفرس كسرى وقائد جيوشه شهربراز وجعله يعتقد أن كسرى ينوي التخلص منه ، كما توفى عدد من قادة الجيش الفارسي قبل المعركة .
فتم تولية القائد الفارسي راهزاد على الجيوش وبدأت المعركة الفاصلة في يوم 12 ديسمبر عام 627م ، وقاد الجيش الروماني الإمبراطور هرقل ، وقد اختار هرقل موقع نينوي بالقرب من نهر الزاب الكبير لأن البيزنطيين كانوا يجيدون القتال اليدوي ورمي السهام وهذا الموقع مكنهم من ذلك ، كما أن الضباب منع الفرس من إحداث خسائر كبيرة في صفوف الروم .
وبدأ بمبارزة راهزاد فقتله ، ثم ادعى هرقل أنه ينسحب بجنوده ولكنه كان يستدرج الفرس إلى السهول ، ثم ارتد فجأة نحوهم ، وبعد ثمانية ساعات من القتال وقع من الفرس أكثر من 6000 فارس ، ووصلت بعد ذلك تعزيزات لقوات الفرس قوامها 3000 فارس ، ولكن الأوان كان قد فات ، واستطاع هرقل أن ينتصر انتصار ساحق على الفرس لينهي تمدد دولتهم ، وتتحقق نبوءة القرآن الكريم ويفرح المسلمون بهذا الانتصار .
بعد انتصاره في المعركة قرر هرقل أن يذهب ليحج في بيت المقدس سيرًا على قدميه ، وعند وصوله إلى بيت المقدس أرسل له النبي عليه الصلاة والسلام الصحابي دحية بن خليفة الكلبي وهو يحمل الرسالة الشهيرة من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل عظيم الروم .