وقعت معركة بقدورة بين جيش الأمويين وثوار البربر أو الأمازيغ المغاربة ، حيث أنهم قاموا بمبايعة “خالد بن حميد الزناتي” ليكون قائدهم وسلطانهم بعد أن تم عزل “ميسرة المدغري” ، ثم توجهوا فيما بعد إلى تلمسان الواقعة في الجزائر ، حيث كان العرب يتحصنون بها مع القائد الأموي “خالد بن حبيب”.
ما قبل المعركة :
حدث لقاء دامي في وادي الشلف غرب الجزائر بين القائد الأموي خالد بن حبيب وبين الأمازيغ الذين قدموا من المغرب سنة 740م ، ولكن الأمازيغ تكاثروا بقيادة الزناتي حتى تمكنوا من الفوز وإلحاق الهزيمة بالعرب ، فكره خالد بن حبيب الهروب ، مما جعله يقدم نفسه للموت مع أصحابه ، وبالفعل تم قتله ومن معه ، وقد قُتل في ذلك اليوم الذي عُرف بمعركة “الأشراف” نحو 20 ألفًا من العرب ، وقد عُرفت بهذا الاسم لكثرة الشرفاء الذين قُتلوا فيها .
علم أهل الأندلس بثورة الأمازيغ القائمة في البلاد المغربية ، فانتفض أمازيغ الأندلس حيث قاموا بعزل أميرهم ، ثم أعطوا الولاية إلى “عبدالملك بن فطن” ، واختلت موازين الأمور كذلك في القيروان ، حيث اجتمع السكان على حاكمهم حتى عزلوه ، فوصلت أنباء الثورة الأمازيغية إلى أمير المؤمنين “هشام بن عبدالملك” في دمشق .
غضب هشام بن عبدالملك بشدة ثم قال مقولته الشهيرة عن عزمه القضاء على الأمازيغ ، حيث قال :”والله لأغضبن لهم غضبة عربية ؛ ولأبعثن إليهم جيشًا أوله عندهم وأخره عندي ، ثم لا تركت حصن أمازيغي إلا جعلت إلى جانبه خيمة قيسي أو تميمي” ، ومن هنا تم وضع خطة الانتقام .
معركة بقدورة :
ذهب العرب للانتقام من الأمازيغ ، وقد وقعت بعض الخلافات بين العرب أنفسهم نتيجة لإشتعال الفتن بينهم لدخول بعض الأشخاص أصحاب النفوس السيئة بينهم أمثال العربي “بلج بن بشر” ، ثم التقى الطرفان في شمال غرب الجزائر سنة 741م بالقرب من بلدة الشلف ، وحاول بن بشر مباغتة الأمازيغ ليلًا ، ولكنهم هزموه .
تكاثرت جموع الأمازيغ على العرب ، حتى تمكنوا من إلحاق هزيمة نكراء بهم ، حيث تم قتل نحو 40 ألفًا من جنود العرب وقادتها ومنهم الوالي “كلثوم بن عياض” ، وقد عُرفت هذه المعركة باسم “بقدورة” ، وقد هرب ما تبقى من جيش العرب من ساحة المعركة ، حيث اتجه أهل مصر والقيروان إلى تونس ؛ بينما اتجه أهل الشام إلى الأندلس .
نتائج المعركة :
كانت هزيمة العرب في معركة بقدورة بمثابة ضربة قاصمة لحكم الأمويين في المغرب وغرب الجزائر ، وكانت هي النواة الأولى لاستقلال المغرب عن المشرق ، وحينما انتشرت أنباء مقتل أشراف أفريقية ؛ تملك الخوف أفراد المجتمع بأكمله ، حتى دبّ الفزع بين جيش بن المغيرة في مدينة تلمسان بالجزائر ، مما جعل الجنود تقوم بقتل رجال الدين الصفريين ، مما أدى إلى حدوث فوضى نتيجة لغضب السكان مما يحدث .
وقد كان من المفترض أن تصل حملة صقلية في وقت مبكر لمنع حدوث تلك المجزرة ، ولكن الحملة وصلت متأخرة ، وبعد أن أدركوا تلك الهزيمة ؛ غادر أفراد الحملة إلى مدينة تلمسان ليجدوها في أسوا الأوضاع ، فقام “بن أبي عبيدة” بجمع ما تبقى من جيش أفريقيا بالقرب من تلمسان ، ثم قدم طلب مساعدة إلى القيروان ، وهكذا آلت الأمور لصالح الأمازيغ البربر بعد تلك المعركة .