كانت مرج دابق أحد المعارك الحربية ، وقد نشبت بين الدولة العثمانية بقيادة السلطان سليم الأول وبين الدولة المملوكية تحت قيادة السلطان قانصوه الغوري خلال عام 1516م ، ووقعت تلك المعركة في مكان معروف باسم “دابق” ؛ وهو اسم قرية واقعة بالقرب من مدينة حلب السورية وبالتحديد في شمال سوريا بالقرب من الحدود التركية .
ما قبل المعركة :
كان السلطان سليم الأول يسعى إلى توحيد الأمصار الإسلامية لكي تكون تابعة للدولة العثمانية ، وكان يسعى لذلك نتيجة للوجود الصليبي الذي أصبح متنامي داخل المنطقة فضلًا عن سقوط الأندلس ، كما ظهر أيضًا البرتغاليون الذين قاموا باحتلال بعض القواعد في عمان واليمن بعد توصلهم إلى اكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح ، وكان يسعون من خلال هذه القواعد إلى مواصلة تقدمهم نحو المدينة المنورة .
كان البرتغاليون يهدفون إلى نبش قبر الرسول صلّ الله عليه وسلم من أجل مساومة المسلمين بجثمانه الطاهر على القدس الشريف ، كما ظهرت أيضًا في تلك الفترة الدولة الصفوية الشيعية التي كانت تحاول الهجوم على الدولة العثمانية من جهة الشرق ، وقد قاموا بعقد حلف مع البرتغاليين ، وكانت دولة المماليك قد أصيبت بالضعف الشديد في مصر والشام ، حيث فقدت قدرتها على صد هجمات البرتغاليين من الجنوب والهجمات الإسبانية من الغرب .
وقد أعلن السلطان سليم غضبه الشديد على السلطان الغوري في مصر ، وذلك بسبب قيامه بمساعدة الصفويين في قتالهم مع العثمانيين ، كما كان المماليك متخاذلين في التصدي للتهديدات البرتغالية ، وكانت هناك كذلك نزاعات بين المماليك والعثمانيين على إمارة ذي القادر الواقعة بشمال سوريا على الحدود الفاصلة بين الدولتين .
كان السلطان قانصوه الغوري يسعى إلى تهدئة الأمور حينما شعر بعزم السلطان سليم الأول إعلان الحرب على دولته ، فقام بإرسال سفير إليه كي يمتص حالة الغضب الموجودة آنذاك ، غير أن السلطان سليم قام بطرد السفير ، ثم قام بالتوجه على رأس جيشه جهة الشام ، فلم يجد السلطان الغوري مفرًا من إعداد جيشه من أجل مواجهة الجيش العثماني .
المعركة :
لقد تمكن السلطان سليم الأول من استمالة الولاة المماليك في بلاد الشام إلى جانبه ، حيث أنه وعدهم بالحفاظ على مناصبهم إذا تحقق له النصر ، ثم توجه بجيشه عند منطقة “مرج دابق” لمواجهة المماليك ، وهناك وقع قتال عنيف بين الطرفين ، وقد بدا المماليك في بداية الأمر في قمة شجاعتهم ، وقد تسببوا في خسائر فادحة للعثمانيين .
لم يدم الأمر كما كان حيث دبّت الخلافات بين الفرق المحاربة من المماليك ، وهو ما جعل بعضهم ينحاز إلى الجيش العثماني ، كما تسلل ولاة الشام على رأس جيوشهم للانضمام إلى القوات العثمانية ، فأدى ذلك إلى إصابة المماليك بحالة من الضعف الشديد ، فلم يتمكنوا من مواصلة القتال ببسالة وشجاعة كما كانوا في السابق ، فتمزقت قواتهم ولحقت بهم الهزيمة النكراء .
وتم إشاعة خبر مقتل السلطان الغوري ، وهو ما جعل المماليك يفرون خائبين الأمل ، حيث لم تفلح محاولات السلطان الغوري آنذاك في جمع قواته ، فسقط من فوق فرسه وهو جثة هامدة ، وانتصر العثمانيون فكانت بداية استكمال فتوحاتهم في بلاد الشام ، حيث نجح السلطان سليم الأول في الاستيلاء على مدنها الواحدة تلو الأخرى ، لتتسبب هذه المعركة في وقوع الشام تحت قبضة السلطان العثماني سليم الأول ، وهو ما يعادل نصف دولة المماليك آنذاك .