عند مناقشة أسباب الحرب العالمية الأولى المعروفة بالحرب العظمى ، فقد تحملت ألمانيا الكثير من اللوم على الصراع الذي تسبب في أربع سنوات من القتل غير المسبوق ولكن سلسلة من العوامل المعقدة تسببت في الحرب بما في ذلك الاغتيال الوحشي الذي دفع أوروبا لأعظم صراع عرفته على الإطلاق .
مقتل الأرشيدوق فرانز فرديناند وزوجته :
في يونيو عام 1914م سافر الأرشيدوق النمساوي فرديناند وزوجته صوفي إلى البوسنة التي ضمتها النمسا والمجر في زيارة رسمية ، وفي يوم 28 يونيو ذهب الزوجان إلى العاصمة سراييفو لتفقد قوات الإمبراطورية النمساوية المتمركزة هناك ، بينما كانوا يتجهون لهدفهم تمكنوا من النجاة بصعوبة من قنبلة ألقاها صربيون على سيارتهم المفتوحة .
ولكن لحس حظهم لم يصيبهم أي مكروه ولكن أطلق النار دون قصد السائق الصربي غافريلو برينسيب البالغ من العمر 19 عاماً على فرانز فرديناند وزوجته وقتلهما ، كانت المجر -النمسا غاضبة جدًا وأعلنت دعمها للحرب على صربيا في يوم 28 يوليو وفي غضون أيام أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا حلفيه صربيا وغزت فرنسا عبر بلجيكا مما دفع بريطانيا لإعلان الحرب على ألمانيا .
كانت رغبة الدول في توسيع إمبراطوريتها ليست جديدة في التاريخ الأوربي ولكل بحلول أوائل القرن العشرين كانت الثورة الصناعية في كامل قوتها ، خلفت التكنولوجيا الصناعية الجديدة الحاجة للسيطرة على الأراضي الجديدة والموارد الطبيعية بما فيها الفحم والنفط والمعادن والحديد.
فامتد نفوذ الإمبراطورية البريطانية لخمس قارات وكذلك فرنسا امتد للعديد من المستعمرات الإفريقية ، فأرادت ألمانيا قطعة من الكعكة الإقليمية ومع تقدم البلدان لتحقيق أهدافها الاستعمارية ارتفعت حدة التوتر وتم تشكيل تحالفات للسيطرة ، وخلال القرن التاسع عشر اجتاحت الحركات القومية المتصاعدة في أوروبا وازداد فخر الناس ببلدانهم وثقافتهم وازدادت الرغبة في التخلص من الحكم الإمبراطوري .
يعتقد أن القومية المنتشرة في أوروبا آنذاك كانت سببًا للحرب العالمية الأولى فقد هيمنت ألمانيا على فرنسا في الحرب الفرنسية البروسية عام 1870م لعام 1871م خسرت فرنسا المال والأرض ذلك غدا عند القومية الفرنسية الرغبة في الانتقام وهنا لعبت القومية دورًا محددًا في الحرب العالمية الأولى وعندما اغتيل الأشيدوق وزوجته بواسطة مجموعة إرهابية صربية ظهرت النعرة القومية النمساوية على البوسنة .
في عام 1879م تحالفت ألمانيا والنمسا والمجر ضد روسيا ، وفي عام 1882م انضمت إيطاليا للتحالف الثلاثي وتحالفت روسيا عام 1894م مع فرنسا ، وفي عام 1907م شكلت بريطانيا العظمى وروسيا وفرنسا الوئام الثلاثي لحماية أنفسهم من تهديد ألمانيا المتنامي وتم تقسيم أوروبا لمجموعتين القوى المركزية لألمانيا النمسا والمجر وإيطاليا والحلفاء التي ضمن فرنسا وروسيا وبريطانيا .
ومع إعلان الحرب شجعت الدول الحليفة لبعضها في الدخول في نزاعات والدفاع عن معاهداتها وبحلول أغسطس 1914م كان هنالك ما يسمى بالتحالفات المتشابكة وكانت سبب في توسيع الصراع ليتحول لصراع إقليمي ويشمل جميع الدول الأوروبية القوية .
سباق التسليح :
في أوائل القرن العشرين زادت العديد من الدول الأوروبية قوتها العسكرية لتكون مستعدة لأي حدث وزادوا الصراع الحربي بشكل منهجي ، وبين عامي 1910م -1914م زادت كل من فرنسا وروسيا وبريطانيا وألمانيا ميزانياتها الدفاعية ولكن ألمانيا كانت أكثر الدول قوة عسكرية في أوروبا وبحلول يوليو 1914م زادات ميزانتيها العسكرية بمقدار 74% .
وكانت ألمانيا في حرب غير رسمية مع بريطانيا للتفوق البحري وضاعفوا أسطولهم من المعارك البحرية الملكية البريطانية ومع بداية الحرب العالمية الأولى لم تكن القوى الأوروبية مستعدة للحرب فحسب بل توقعت أن البعض الأخر قد اعتمد على لتدعيم موقفها العالمي ، على الرغم من أن اغتيال الأرشيدوق كانت الشرارة التي تسببت في توجيه الضربة الأولى من قبل النمسا والمجر إلا أن جميع القوى الأوروبية سرعان ما وقعت في الدفاع عن تحالفاتها للحفاظ على إمبراطورياتهم وعرض قوتهم العسكرية ..