شهد شهر يونيو عام 1941م بداية حلقة مظلمة في تاريخ ليتوانيا في خضم الحرب العالمية الثانية ، وأثناء احتلال ألمانيا النازية للبلاد ، ففي 23 يونيو بدأت عمليات ذبح جميع السكان اليهود في ليتوانيا ، بعد أن عاشوا بها مئات السنين وأنشئوا في عاصمتها مركزًا للحياة الثقافية استمر قرابة المائة وخمسون عام .
كانت نسبة اليهود قد وصلت إلى حوالي 7% من سكان البلاد ، ومع تدفق اللاجئين خاصة من بولندا المحتلة ارتفع هذا الرقم إلى حوالي 10% بحلول عام 1941م ، ففي عام 1940 تم احتلال ليتوانيا من قبل القوات السوفيتية واعتبارها جمهورية تأسيسية للإتحاد السوفيتي، وبعدها بعامٍ واحد غزت ألمانيا الإتحاد السوفيتي واجتاحت ليتوانيا .
كان الناس في ليتوانيا يأملون في الخلاص من غزو السوفيت من خلال التحالف مع ألمانيا لاستعادة استقلال ليتوانيا ، وكما هو الحال في جميع البلدان المحتلة ساعد المتعاونون من ليتوانيا الاحتلال النازي ، ومثل العديد من الأماكن الأوروبية كانت هناك سلالة معادية للسامية موجودة في الثقافة ، حيث أن الكثير من الليتوانيون كانوا يشنون عنفًا عصبيًا ضد اليهود حتى قبل الاحتلال النازي لهم .
فعندما بدأت ألمانيا في قتل اليهود الليتواني ونشر المذابح بصورة كبيرة في أواخر يونيو ، كان الليتوانيون الآخرون مستعدون لمساعدتهم وتحريضهم على إبادة اليهود ، كانت المذبحة الأولى هي مذبحة غارغداي بالقرب من الحدود الألمانية ، وقد قتل فيها حوالي 800 يهودي بين يومي23 و24 يونيو .
وفي واحدة من أكبر المذابح التي حدثت بليتوانيا قتل أكثر من 70 ألف شخص في البانيري خارج العاصمة فيلنيوس ، وهكذا تم القضاء على معظم الجاليات اليهودية في المناطق الريفية بليتوانيا في أكتوبر عام 1941م ، كما تم اعتقال وذبح جميع السكان اليهود في بلدات مثل إيشيشوك وراكيشوك .
وبحلول نهاية العام ظل حوالي 40 ألف يهودي من أصل من 250 ألف يهودي فقط على قيد الحياة بعد ذبح الألمان لهم بمساعدة بعض الليتوانيين المعادين للسامية ، وقد تمركزوا في الأحياء اليهودية كفيلنيوس وكاوناس والعديد من المدن الأخرى حتى تم ترحيلهم في نهاية المطاف إلى معسكرات الاعتقال .