نشبت الحرب الأهلية في رواندا بين جيش رواندا والجبهة الوطنية الرواندية في الفترة ما بين عامي 1990م وحتى عام عام 1993م ، وقد نتج عن هذه الحرب الكثير من الانتهاكات الإنسانية ومن أبرزها عمليات الإبادة الجماعية .
الخلفية التاريخية :
كان يسكن رواندا قبيلتان وهما الهوتو وهي جماعة من المزارعين الذين يعملون ويكدون في الأرض لكي يستطيعوا أن يعيشوا بدخل متواضع ، والقبيلة الأخرى هي التوتسي وهم جماعة تمتعت بالأموال لأنهم كانوا يعملون في تربية القطعان من الأبقار ، وعلى الرغم من أنهم جماعة أقل من الهوتو ؛ غير أنهم استطاعوا السيطرة عليهم بفضل أموالهم .
حدث اختلاط بين القبيلتين على مر الزمان ؛ حيث وافقا على الزواج المختلط بينهما وأصبح هناك دين وثقافة ولغة مشتركة بين أفراد القبيلتين ، وعلى الرغم من ذلك الاختلاط فكانت هناك نظرة عامة إلى قبيلة التوتسي على أنهم الطبقة الحاكمة التي تحكم قبيلة الهوتو .
كانت بلجيكا محتلة رواندا وتعاملت مع القبلتين على أنهما مختلفتان تمامًا ، وقامت بتقسميهما عن طريق بطاقات الهوية التي فصلت القبيلتين عن بعضهما البعض ، وتم تأسيس حزب عُرف باسم حزب “حركة انعتاق الهوتو” عام 1959م ، وقد تسبب وجود هذا الحزب في عدة مذابح لأشخاص من قبيلة التوتسي خلال الفترة التي عُرفت باسم “الثورة الاجتماعية الزراعية” ، وتم عزل ملك رواندا على إثر تلك الأحداث عام 1961م ، وأقامت الهوتو الجمهورية الأولى الخاصة بها في رواندا عام 1962م .
أقامت جمهورية الهوتو في بداية حكمها عدة مجازر لأفراد من التوتسي ، مما جعل الكثيرون من التوتسيين يهاجرون إلى بلاد مجاورة خوفًا على حياتهم من أعمال العنف القائمة في رواندا ، وقد تم اضطهاد مَن تبقى منهم في رواندا وطُمس الكثير من حقوقهم الحياتية مثل التعليم والوظائف ، ونتيجة لهذه المعاملة السيئة قام مجموعة من التوتسيين في المنفى بتشكيل “الجبهة الوطنية الرواندية” ، وكانت تهدف إلى قلب نظام الحكم في رواندا ، وتمكنت الجبهة خلال 1990م من الوصول إلى رواندا قادمين من أوغندا التي كانت تدعم حركة التمرد .
بداية الحرب :
قام خمسون شخص متمرد من الجبهة الوطنية الرواندية في الأول من أكتوبر خلال عام 1990م بعبور حدود رواندا وتمكنوا من قتل حرس الحدود ، وقام فيما بعد العديد من المقاتلين من الحركة بعبور حدود رواندا وهم يرتدون زي الجيش الأوغندي .
كان عدد المتمردين من الجبهة الوطنية أربعة آلاف شخص ، وكان أغلبهم من الجيل الثاني من التوتسيين الذين نشأوا في المنفى ، كانت التحركات التمردية تهدف إلى إلغاء التمييز بين الهوتو والتوتسي ، وكذلك إلغاء بطاقات الهوية والمتميزات الاقتصادية والسياسية ، ومحاولة إجراء الإصلاحات في البلاد ، وبذلك ظهرت الجبهة على أنها حركة تسعى إلى الديمقراطية والقضاء على الفساد .
التدخلات الخارجية :
كانت أوغندا تدعم الجبهة ماديًا ومعنويًا ، وتمكنت الحركة من التقدم داخل رواندا وهزيمة القوات الرواندية في بداية الأمر ، وقامت حكومة رواندا بطلب العون من بلجيكا ، وقد أدى دعم فرنسا وزائير إلى حكومة رواندا ؛ إلى عدم تمكن الحركة من التقدم ومتابعة الانتصارات التي بدؤوها .
دخلت الجبهة حربًا قوية لم تكن على استعداد لمثل هذه الحرب ، مما أدى إلى سحق العديد منهم وتراجع البقية إلى أوغندا لتشكيل الجبهة مرة أخرى .
الوصول إلى مرحلة حرب العصابات :
دخلت الجبهة في حرب عصابات مع الحكومة الرواندية ، وقد أدى ذلك إلى حدوث عمليات إبادة جماعية للتوتسيين واعتقال الكثيرين منهم ، إلى أن حدثت بعض التدخلات من الأمم المتحدة والتي سعت إلى تقسيم السلطة بين الطرفين عن طريق توقيع اتفاقية أروشا .