أربعة وأربعون عام على حرب أكتوبر المجيدة وما زالت حتى يومنا هذا مثال يضرب في حسن التخطيط ، والذكاء والتمويه الذي جعلها واحدة من أشهر الحروب التي خاضها العرب .
الجبهة الداخلية:
كانت المخابرات المصرية تعمل على قدم وساق من أجل الإعداد للحرب ، وكان لابد أن تكون الجبهة الداخلية مؤمنة تماماً قبل الدخول في أي نزاع مع العدو الإسرائيلي ، أشاعت المخابرات العامة أن صوامع القمح خربت بسبب أمطار الشتاء .
وهو ما تناولته الصحف وكان فضيحة كبيرة وبالتالي تم استيراد كميات من القمح لتعويض ما فسد ، بالطبع كان الأمر مجرد تمويه من المخابرات حتى لا تشك قوات العدو في حالة تم استيراد كميات أكبر من الطبيعية من القمح .
أما في القطاع الطبي فقد أعلن طبيب يعمل في مستشفى الدمرداش أن المستشفى ملوثة بالتيتانوس وتم إخلاء المستشفى ، نشرت الأهرام الخبر واتهمت وزارة الصحة بالإهمال ، مما أدى إلى قرار بتفتيش مستشفيات مصر وإخلاء المستشفيات الملوثة .
بالفعل حدث ذلك وتم إخلاء العدد المطلوب من المستشفيات من أجل الاستعداد للحرب واستقبال المصابين ، كانت أخر مشكلة هي مشكلة مصابيح الإضاءة والبطاريات ، بالاتفاق مع الجهات الأمنية تمكن تاجر من تهريب صفقة كبيرة من المصابيح البطاريات بمختلف الأحجام ، تم الإمساك به في ميناء الإسكندرية وطرحت المصابيح والبطاريات في الجمعيات الاستهلاكية .
ميدان المعركة :
على مستوى الميدان أيضاً حرصت المخابرات على طمأنة العدو حتى يستبعد فكرة الحرب ، فقد أعلنت أنه تم تسريح ٣٠ ألف جندي من عام ١٩٦٧م لأنهم عبئ على إمكانات القوات المسلحة.
وكذالك تم الإعلان عن رحلات حج وعمرة الجنود والضباط في القوات المسلحة ، وهو ما يعني أن فكرة الدخول في حرب مستبعدة تماماً ، كذالك كان الجنود يجلسون على الجبهة بالملابس الداخليه ، يتناولون البرتقال والقصب في خمول .
اختيار اليوم :
كان اختيار اليوم أيضاً مسألة مدروسة بدقة حيث أن هذا السبت كان عيد في إسرائيل ، وقد كانت الجبهة الداخلية في إسرائيل منهكة تماماً بسبب الانتخابات التشريعية ، كمان أن الولايات المتحدة كانت مشغولة بفضيحة ووتر جيت .
كذالك أعلنت الصحف المصرية أن قائد القوات الجوية حسني مبارك مسافر إلى ليبيا يوم الخامس من أكتوبر ومن ثم تأجلت الزيارة إلى السادس من أكتوبر ، وكذالك تم الإعلان عن استقبال الأميرة مارجريت وتم التنسيق من أجل الاستقبال الرسمي بمطار القاهرة .
أيضاً شهدت مرحلة ما قبل الحرب عدة تمويهات تتعلق بنقل الدبابات وأدوات العبور ، عن ريف وضع بعضها في أماكن مكشوفة تماماً ، والباقي تنقل في سيارات مدنية لشركة مقاولات ، كذالك شهدت هذه المرحلة نشاط مكثف للمخابرات التي تمكنت من القبض على الجاسوسة هبة سليم .
وهبة سليم واحدة من أشهر جواسيس اسرائيل فقد بكت عليها جولدا مائير ، وكذالك تم القبض على جاسوس أمريكي في الإسكندرية كان له شبكة علاقات قوية للغاية مكنته من الوصول إلى معلومات عسكرية غاية في الدقة والسرية .
أيضاً تم الاعتماد على الجاسوس رأفت الهجان في الحصول على معلومات كاملة عن تجهيزات الجيش الإسرائيلي ، وعن مواصفات خط برليف وأعداد الجنود وأنواع وكميات الأسلحة ، وتم الاعتماد أيضاً على جمعة الشوان من أجل مد العدو الإسرائيلي بمعلومات مغلوطة عن المجتمع المصري في هذه الفترة .
كما كان لأشرف مروان العميل المزدوج دور كبير في خداع اسرائيل ، وإبلاغهم بمعاد غير صحيح وبيانات غير صحيحة عن التجهيزات المصرية ، وقد أكد ذلك شهادات عدد من ضباط الموساد الإسرائيلي الذين أكدوا أن أشرف مروان خدعهم من أجل مصر ، وهناك بعض التأكيدات أن الموساد الإسرائيلي متورط في مقتل أشرف مروان في لندن .