هي حرب ونزاع دولي مسلح حدث بين مجموعة من البلدان متعددة الأعراق والاتجاهات الدينية من مارس 1992م حتى نوفمبر 1995م وتدخلت دول كثيرة جدًا كأطراف في هذه الحرب.
سيطرة يوغسلافيا أكبر دول البلقان على دول (صربيا ، كرواتيا ، البوسنة والهرسك ، سلوفينيا ، الجبل الأسود ، مقدونيا ، كوسوفو) وبدايات تحركات الاستقلال : مع مطلع تسعينات القرن الماضي تحولت الأنظار نحو أكبر دول البلقان ، وهي الدولة التي سيطر الاتجاه الشيوعيّ عليها في أعقاب الحرب العالمية الثانية ، ونجحت هذه الدولة في دمج هذه الدول السبع في دولة واحدة تعد من أقوى دول منطقتها تحت قيادة الزعيم اليوغوسلافي يوسيب بروز تيتو ، وبعد وفاة هذا الرجل بدأت الحركات القومية في هذه الدول بالظهور وعلت الأصوات المطالبة بالاستقلال عن يوغوسلافيا.
تحركات الدول السبع نحو الاستقلال:
بدأت الدول السبع في تحركاتٍ متوالية نحو الانفصال وبدأت الحركات مع سلوفينيا فانفصلت عن الدولة الكبرى عام 1991م ، ثم توالت الدول فتبعتها كرواتيا ثم مقدونيا وعندما أظهر مسلمو بلاد البوسنة النية في الانفصال عارضهم صرب البوسنة ، بقيادة رادوفان كارادجيتش الموالين للعاصمة الصربية بلجراد وهددوهم بالإبادة إذا انفصلوا عن جمهورية يوغوسلافيا.
وبالفعل أعلنت البوسنة والهرسك الانفصال عن يوغوسلافيا في مارس 1992م ، بعد أن وافق 99% من مسلمي البوسنة في استفتاء شعبي على هذا القرار ، ومن هنا بدأ العدوان.
تعددات الأعراق في البوسنة من أسباب الحرب:
تعد هذه الدولة موطنًا لثلاث أعراق هم السبب الرئيس في اندلاع هذه الحرب ، وأكبر عرق يسكن هذه البلاد هم المسلمون وتقدر نسبتهم فيها نحو 44% ، أما الأرثوذكس فيمثلون 31% في المائة ، أما الكاثوليك فيمثلون 17% ، ويسمى المسلمون فيها بمسلمي البوشناق ، أما الأرثوذكس فهم من الصرب ، والكاثوليك هم من الكروات.
والاختلاف في الاستفتاء على الاستقلال عام 1992م بين الأعراق الثلاثة واندلاع النزاع :
قامت جميع الأطراف بالاستفتاء على الاستقلال في 29 فبراير 1992م ، وقد رُفض من قبل الممثلين السياسيين للجانب الصربي ، الذين قاطعوا الاستفتاء معترضين عليه ، وأنشئوا جمهوريتهم الخاصة .
وأعلنت الهرسك استقلالها والذي رُحب به دوليا ، ومع دعم الصرب للبوسنة بدعم من الحكومة الصربية والجيش الشعبي اليوغوسلافي ، الذي حشد قواته داخل الجمهورية من أجل تأمين الأراضي الصربية ، وسرعان ما انتشرت الحرب في جميع أنحاء البلاد ، حيث رافقهم التطهير العرقي للبوسنيين المسلمين وسكان كرواتيا ، وخاصة في شرق البوسنة.
ومن أسباب الحرب الضغط الصربي ، ورغبة الصرب والكروات في ضم أراضيهم في البوسنة إلى بلدانهم الأصلية : أدت كثيرٌ من العوامل السرية لاندلاع هذه الحرب المروعة منها الاختلافات العرقية والتوترات التي أحدثتها بين السكان. وكان من الأسباب الرئيسية لخوض الحرب هي رغبتهم في ضم أراضيهم إلى مواطنهم الأصلية ، بضغط من الزعيم القومي الصربي على المسلمين من الكروات للحصول على ما سماه صربيا الكبرى .
تحالفات الصرب والكروات ضد المسلمين في البوسنة والهرسك :
كان الصراع إقليميًا في البداية ، بين جيش المسلمين من جهة وقوات المعارضين لاستقلالهم من جهة أخرى ، وهي القوات الكرواتية والقوات الصربية ، وكان لاشتراك الكروات في الحرب أهداف منها تأمين أجزائهم في هذه البلاد وضمان استمرار مصالحهم.
حيث وافقت القيادة السياسية لهذين البلدين بالاتفاقيات التي استمرت بينهم على تقسيم أراضي الدولة بينهم ، وقد أدى ذلك إلى قيام الحرب ، وقد تميزت الحرب بالقتال المرير ، والقصف العشوائي للمدن والبلدات والتطهير العرقي والاغتصاب الجماعي المنظم ، بشكل رئيسي من قبل الصرب ، وبحد أقل من قوات الكروات البوسنيين ، وبعد الحرب وُجهت لهم تهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم التطهير للإبادة الجماعية.
حصار المسلمين في البوسنة والهرسك من قبل القوات الصربية والكرواتية :
في 6 أبريل 1992م بدؤوا بقطع الاتصال بين المسلمين ، والسكان المعارضين لصربيا الكبرى ليكونوا معزولين عن مناطق الطعام ، والمرافق ، والاتصالات ، ولمدة ثلاث سنوات ، كان الطعام نادرًا ، وقتل أكثر من 12000 من سكان البلاد خلال 43 شهرًا من الحصار لجميع أنحاء البوسنة ، وبدأ القوميون من صرب البوسنة والجيش الشعبي اليوغوسلافي برنامج للتطهير العرقي من أجل إنشاء أراضي صربية نقية.
ودمرت قرى بأكملها وأجبر الآلاف من المسلمين للخروج من ديارهم ، حيث نقلوا إلى أماكن الاعتقال والاغتصاب والتعذيب ، وكان الاغتصاب منظمًا وعسكريًا لتدمير الأسر والمجتمعات المحلية ، كما تم فرض حظر الأسلحة الدولية الذي كان له أكبر التأثير على طول فترة الحرب ، ومنع الحكومة البوسنية من الحصول على المدفعية والأسلحة الثقيلة التي بحاجة إليها لمحاربة الترسانات الأكثر تطورًا من الجيوش المعادية.
وبعد هذه المجازر المروعة وبعد تدخل الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية توصل الطرفان إلى اتفاق بعد محاولات مضنية في 21 نوفمبر عام 1995م في الإطار العام للسلام في هذه البلاد ووقعت في باريس في 14 ديسمبر ، وبدأت قوة التنفيذ التي يقودها حلف شمال الأطلسي 20 ديسمبر 1995م ، المنتشرة البلاد في في تنفيذ السلام ، بعد أن خلفت الحرب أعدادًا مروعة من القتلى نحو 200.000 قتيل ، واثنان مليون لاجئ ونازح أي نصف السكان و60.000 حالة اغتصاب .