عمورية هي مدينة بمنطقة الأناضول بتركيا ، وفي منطقة الوسط الغربي تحديدًا ، وقد تأسست في العصر الهليني ، وأصبحت ذات مكانة في زمن البيزنطيين .
أسباب فتح عمورية :
كان الامبراطور توفيل البيزنطي قد استغل انشغال المعتصم في مطاردة الخرميين ، وأغار على الحدود الإسلامية وهاجم مدينة ملطية وهي أقرب الثغور الإسلامية إلى أراضي الدولة البيزنطية ، فأحرقها وخربها وقتل رجالها وسبى نساءها وأطفالها ، وقد غضب المعتصم لهذا الحدث خصوصًا وأنه كان يعتز بهذه المدينة كونها مسقط رأس والدته ، وكانت عمورية هي مسقط رأس الإمبراطور البيزنطي وأهم مدينة في آسيا الصغرى.
ويقال أنه ذات يوم وقف رجل على باب الخليفة العباسي المعتصم فقال له : يا أمير المؤمنين كنت بعمورية وجارية من أحسن النساء سيرة قد لطمها واحدًا من كفار العجم في وجهها ، فنادت المرأة : وامعتصماه فقال الأعجمي وما يقدر عليه المعتصم ؟ يجيء على فرسا أبلق وينصرك ، وزاد في ضربها ، فقال المعتصم للرجل في أي وجهة عمورية ؟ فقام الرجل وأشار إلى جهتها : وقال هاهي ذي ، فرد المعتصم وجهه إليها وقال : لبيك أيتها الجارية ، لبيك هذا المعتصم بالله أجابك ، وجهز المعتصم جيشًا كبيرًا من خمسمائة ألف جندي ، فيه اثني عشر ألف فرسا أبلق ، وسار إلى عمورية .
أحداث المعركة :
بعث المعتصم لأحد قواده ويدعى حيدر بن كاوس ويلقب بالأفشين فأتاه عند موقع في تركيا يدعى سروج ، وهناك قسم المعتصم الجيش إلى قسمين ، كانت الفرقة الأولى بقيادة القائد الأفشين وتوجهت إلى أنقرة، وقاد المعتصم الفرقة الثانية ، سار الأفشين وقابل الجيش البيزنطي في معركة تسمى آيزن في 25 شعبان عام 233هجرية ، وكان الجيش البيزنطي بقيادة توفيل الذي هزم في المعركة وهرب إلى القسطنطينية .
لما وصلت أنباء الانتصار إلى المعتصم ، واصل السير حتى التقى مع باقي الجيش في أنقرة ، وكان أهل أنقرة قد فروا بعد أن سمعوا بنبأ هزيمة ملكهم توفيل ، واصل الجيش السير إلى عمورية ووصل المعتصم إلى هناك يوم 6 رمضان عام 223هـ ، حين عاد توفيل إلى القسطنطينية وجد أهلها في ثورة فانشغل بها ولم يستطع الذهاب لعمورية ،كما أنه أرسل للمعتصم اعتذارًا عما فعله بمدينة ملطية ، ولكن المعتصم رفض الاعتذار .
وحين حاصر جيش المسلم عمورية ، قال المنجمين للخليفة المعتصم ، إنك لن تفتح عمورية إلا في موسم التين والعنب ، فاهتم الخليفة وخرج متخفيًا مع بعض حاشيته وبينما هويسير بين الخيام ، فسمع غلام يعمل مع حداد ويقول وهو يضرب على السندان ويقول : في رأس المعتصم ، في رأس لمعتصم ،فقال له الحداد : اسكت يا غلام مالك والمعتصم فقال الفتى : ما عنده من تدبير يحاصر تلك المدينة كل ذلك الوقت مع كل قوته ولا يستطيع فتحها لو أعطاني قيادة الجيش ما بت غدًا إلا فيها .
في الصباح أرسل المعتصم في طلب الفتى ، وجعله معه في مقدمة الجيش وسار إلى أسوار المدينة ، وكان هناك رجلًا من المسلمين كان قد أسر وتنصر وتزوج من عمورية ، فلما علم بقدوم المعتصم ، توجه إليه وأخبره أن هناك مكان بسور المدينة قد تهدم بسبب السيل ، ولما أعادوا بناؤه كان البناء ضعيفًا .
فضرب المسلمين ذلك الموضع بالمجانيق فتهدم ، ودخل المسلمين إلى عمورية في يوم 17 رمضان 223هـ ، بعد حصار أحد عشر يومًا ، ولما دخل المعتصم عمورية دعا الرجل الذي أبلغه حديث الجارية وقال له سر بي إلى الموضع الذي رأيتها فيه ، فسار به وأخرجها من موضعها وقال لها : يا جارية هل اجابك المعتصم ؟
وأتي بالعبد الذي لطمها هو وسيده ، وجعلهم عبيدا لها وأعطاها جميع ماله ، وتم آسر حاكم المدينة ويدعى مناطس وسيق إلى المعتصم ، كما أن توفيل ملك البيزنطين حزن حزنًا شديدا بسبب سقوط مسقط رأسه ومرض مرضًا شديدًا وتوفى بعد ذلك بثلاثة سنوات قبل أن يبلغ الثلاثين من عمره ، أراد الخليفة المعتصم أن يسير لفتح القسطنطينية ، لكنه تراجع بعد أن علم بمؤامرة تحاك ضده من ابن أخيه العباس بن المأمون .