من المعارك الإسلامية في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه : إن من بين المعارك الإسلامية التي سَطّرها التاريخ في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؛ موقعة الحاضر ، وهي مدينة تقع في شمال سورية ، وتمتد على بعد ثلاثة أميال إلى الشرق من بلدة قنسيرن ، الواقعة في سوريا الحالية وهي مدينة ذات مكانة عالية تاريخيًا ، وخصوصًا في التاريخ الإسلامي كما سنوضح في هذا المقال ، ويرجع اسمها إلى الحضارة السريانية .
وتدور أحداث هذه المعركة في حوالي منتصف القرن السابع الميلادي تحديدًا عام 637م بين المعسكرين الإسلاميّ بقيادة خالد بن الوليد ، والبيزنطيّ بقيادة ميناس ذلك القائد الذي أحبه جنده ، وسيكون له دورٌ مهمٌ في سير الأحداث في مصلحة المسلمين بعد ذلك .
أهداف المعركة :
من أهداف المعركة فتح شمال سورية ، وتحرير الأردن وفلسطين حيث أرسل عمر بن الخطاب جيوشه إلى فلسطين والأردن لتحريرهما بعد أن منّ الله عليه بفتح القدس ، وكلّف أمير المؤمنين عمر بن الخطاب القائد شرحبيل بن حسنة ، والقائد عمرو بن العاص بذلك ، بينما كُلِّف أبا عُبيدة ابن الجراح ، بفتح شمال سورية وذلك بجيشٍ كان قوامه سبعة عشر ألف جندي قائدهم سيف الله المسلول خالد بن الوليد .
خطة جيش المسلمين والاستعداد للمعركة :
انقسم جيس المسلمين قسمين فتحرك أبو عبيدة بن الجراح إلى دمشق التي كانت تحت الحكم الإسلامي وقتها متجهًا إلى حمص التي رحبت به أشد ترحيب محاولًا الوصول إلى قنسرين .
في حين ترأس خالد بن الوليد سرية الفرسان ، التي وُصِفت بسرعة الحركة فوصلت هذه السرية إلى مدينة الحاضر على بعد ثلاثة أميال إلى الشرق من قنسرين ، ووصلت هذه السرية إلى قنسرين التي تبعد ثلاثة أميال عن مدينة الحاضر ، وهناك تعرضت لهجوم بيزنطي .
خطة الجيش البيزنطيّ ضد المسلمين :
لاحظ قائد البيزنطيين بذكائه الذي عُرف به أن بقاءه في داخل المدينة يعرضه إلى حصار المسلمين ، فيمنع ذلك وصول الإمدادات من الإمبراطور البيزنطيّ ، فقرر أن يبدأ هو المعركة مهاجمًا سرية المسلمين على مشارف المدينة قبل أن تلتحم مع الجيش الرئيسي فيقع ما حذّر منه من الحصار والهزيمة المتحققة ، ولكنه كان لا يعلم من هو خالد بن الوليد أو بمعنى أدق لم يقدره حق قدره .
ودارت رحى المعركة ، بمدينة الحاضر ، تأهب الجيشان للقتال ، كان خالد في قيادة جيس المسلمين وميناس في قيادة الجيش البيزنطي ، ولكن قتل ميناس في بداية المعركة أثر أثرا كبيرا حيث دفع المعركة في صالح المسلمين .
وعندما علم الجيش البيزنطي بمقتل قائده البيزنطيّ فوقع الرعب فيهم مختلطًا مع الغضب فقرروا الانتقام لمقتل قائدهم الذي أحبوه بشدة ودفعوا نفسهم للهجوم على المسلمين ، استغل خالد هذه الفرصة ، وأخذ جزء من جنوده وقام بمهاجمة الجيش البيزنطي من الخلف ، مما شتت شملهم ، وجعلهم يخسروا المعركة أمام أشد وأقوى المقاتلين في هذا الوقت ، فهُزموا شر هزيمة .
ما بعد المعركة ونتائجها :
بعد القتال ، رحب أهل المدينة بخالد بن الوليد رضي الله عنه ، وأعلنوا خضوعهم له ، أما البيزنطيين فبعد الهزيمة التي لحقت بالجيش بالحاضر تحصنوا بقنسرين ، تحرك المسلمون الفرسان بقيادة خالد بن الوليد إلى مدينة قنسرين ، فبعث لهم برسالة فاستسلموا ولم يلق أية مقاومة ، وكان من نتيجة ذلك أن استطاع المسلمون نشر الإسلام في بقية أرجاء سورية ، وكذلك أنطاكية ومتابعة فتوحاتهم .