كانت السيدة فاطمة الزهراء ابنة الرسول عليه الصلاة والسلام تلقب بأنها أم أبيها ، لأنها كانت منذ صغرها تتبع خطى النبي عليه الصلاة والسلام ، وكانت أحب الناس إلى قلب الرسول صلّ الله عليه وسلم .
ولأن السيدة فاطمة الزهراء كانت من خير نساء مكة ، تقدم لها الكثير من الخطاب حين بلغت سن الزواج ، وكان من بين ممن تقدموا لخطبتها أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام رفض ، وكان سيدنا على كرم الله وجهه قد تربى في كنف النبي لأن والده أبو طالب كان له عدد كبير من الأولاد ، وكان الرسول عليه الصلاة وسلم يريد التخفيف عنه فتكفل بتربية ابن عمه علي رضي الله عنه .
ولكن سيدنا علي كان فقيرًا لا يملك شيء فاستحى أن يتقدم لخطبتها ، فقالت له مولاة عنده وفي رواية أخرى قال له سيدنا عمر : ” هل علمت أن فاطمة خطبت إلى رسول الله ” يقصد أن الخطاب تقدموا لطلب يدها من أبيها ، فقال علي : لا ، فقالت له :” فما يمنعك أن تأتي إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم ” ، المقصود تذهب لخطبتها ، فرد سيدنا علي :” وهل عندي شيء أتزوج به ” ، فقالت له : ” إنك إن جئت رسول الله صلّ الله عليه وسلم زوجك ” .
وبالفعل ذهب سيدنا علي إلى رسول الله صلّ الله عليه وسلم وهو يستحي وحين جلس أمامه لم يستطيع أن ينطق ، فقال له عليه الصلاة والسلام “ما جاء بك” يقصد ماذا تريد يا علي ، وكان الرسول عليه الصلاة والسلام بالغ الفطنة والذكاء وقد أدرك لما أتي له سيدنا علي فقال له ” لعلك جئت تخطب فاطمة ؟ ” .
فقال علي نعم ، فسأله الرسول عليه الصلاة والسلام إن كان يملك شيئًا ليهديه إليها كمهر ، فقال له علي أنه لا يملك شيئًا ، ولكن الرسول كان قد أعطاه درعًا فسأله عنه ، ولكن سيدنا علي كان يرى أنها رخيصة الثمن ولا تصلح كمهر لابنة أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام .
وأمر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام بتجهيز العروس وكان جهازها عبارة عن سرير مشروط ووسادة من أدم حشوها ليف ، وأرسل صلّ الله عليه وسلم الصحابية أسماء بنت عميس لتجهيز بيت العروسان .
وقال الرسول عليه الصلاة والسلام لعليّ بن أبي طالب في ليلة الباء “لا تحدثن شيئًا حتى تلقاني” وطلب الرسول عليه الصلاة والسلام ماء ليتوضأ منه ثم أفرغه على سيدنا عليّ ، وقال الرسول عليه الصلاة والسلام ” اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما ” .
وكانت وليمة الزواج هي الشعير والتمر المخلوط بالسمن (صاعًا من شعير وتمر وحيس) ، وفي رواية أخرى كانت كبش وآصع من ذرة ، وكانت السيدة فاطمة عند زواجها في الثامنة عشر من عمرها ، وكان عمر سيدنا عليّ 21 عامًا وخمسة أشهر .
وقد أنجبت السيدة فاطمة أربعة أبناء لسيدنا عليّ هم الحسن والحسين وزينب وأم كلثوم ، وقد اشتهر سيدنا علي بحبه الشديد لها ، فقد اعتاد أن يقبل يدها ، ولم يكن سيدنا علي والسيدة فاطمة يديران ظهرهما لبعضهما أثناء الحديث أبدًا ، وقد قال سيدنا علي فيها : ” والله ما أغضبتها ولا أكرهتها على أمر حتى قبضها الله ، ولا أغضبتني ولا عصت لي أمرًا ، لقد كنت أنظر إليها فتنكشف عني الهموم والأحزان ” .
ويقال أن سيدنا علي رضي الله عنه دخل عليها ذات مرة وهي تستخدم السواك ، فقال :
حظيت يا عود الأراك بثغرها أما خفت يا عود الأراك أراك
لو كنت من أهل القتال قتلتك ما فاز مني يا سواك سواك .